نقطة للنقاش: هل تصبح الألعاب هواية “الأغنياء” خلال سنوات قليلة قادمة؟ - تليجراف الخليج

نقدم لكم زوارنا الكرام أهم وآخر المستجدات كما وردت في المقال التالي: نقطة للنقاش: هل تصبح الألعاب هواية “الأغنياء” خلال سنوات قليلة قادمة؟ - تليجراف الخليج

الرياض - عمر العمودي - في الأشهر الأخيرة، عاد  النقاش حول مدى تناسب صناعة الألعاب كونها صناعة ترفيهية مع مستويات المعيشة لمختلف الأفراد الذين ينتمون للطبقة المتوسطة حول العالم، ومع كل جيل تتصاعد الأصوات التي تقول بأن الصناعة أصبحت أكثر تكلفة، وأقل ربحية، وبالتالي رفع الأسعار يعد قرارًا حتميًا، وتبدأ الشركات من هنا وهناك برفع أسعار ألعابها وأجهزتها. هذه المعادة الصعبة التي يجب فيها الموازنة بين أن يكون سعر اللعبة مربحًا لصناعها، ومنطقيًا لمن سيشتريها هي أساس كل شيء، وحاليًا مع رفع إكس بوكس وننتندو لأسقف الأسعار على الألعاب والأجهزة، بدأت هذه النقاشات تعود مجددًا، والأهم من ذلك، وهناك سؤال واحد يشغل الكثيرين، هل بدأت صناعة الألعاب تصبح هواية أكثر تكلفةً من قدرات روادها؟

أولًا: التضخم وأسباب خارج السيطرة

دائمًا ما نسمع في وسائل الإعلام أن التضخم هو الحدث الاقتصادي المستمر، والمسؤول الأساسي عن غلاء الأسعار خصوصًا في مجال التكنولوجيا وصناعة الألعاب، كيف بالضبط يؤثر التضخم على سعرة اللعبة الواحدة مثلًا؟

بحسب تقرير نشره موقع Tech Raptor في 2020، فإن سعر جهاز NES عند إطلاقه كان يباع بسعر 180$، وألعابه بسعر 45$ في السبعينيات، ولكن مع معالجة الأسعار بحساب التضخم، سنجد أن الجهاز ومع أنه نظريًا “أرخص” من جهاز Nintendo Switch 2 مثلًا، إلا أن حساب السعر بعد التضخم يكون حوالي 433$ و 108$ للعبة الواحدة، وهو سعر قريب من أسعار اليوم لأجهزة ننتندو وألعابها. إذًا، التضخم يلعب دورًا كبيرًا في تقدير الشركات للأسعار ومعاييرها، ولكنه أيضًا عنصر خارج عن إرادة الجميع، فهو يطال كل شيء له علاقة بالاقتصاد وكل الصناعات بنسب متفاوتة.

ثانيًا: على الصناعة أن تتخلص مما يجعلها مكلفةً

يقول الاقتصاديون أن صناعة الألعاب أصبحت أكثر تكلفة، نتيجة للمتطلبات العصرية لصناعة لعبة ذات مستوى رفيع AAA، من رسوم قوية وتقنيات متقدمة مثل تتبع الأشعة وغيرها، وجودات مرتفعة من الأداءات الصوتية والمشاهد السينمائية، لدرجة أن لعبة بحجم Spider-Man 2 من سوني بلايستيشن تكلفت حوالي 300 مليون دولار بحسب تسريب إنسومنياك في 2023.

في أعقاب هذا التسريب المشار إليه بالأعلى، صرح شون لايدن رئيس سوني بلايستيشن أمريكا السابق أن صناعة الألعاب تتجه نحو “الفناء” بسبب الرغبة في تقديم “أكبر واضخم وأفضل” ألعاب على الإطلاق، لينتهي الأمر بالمطورين إما بالإنفاق الزائد، أو تحقيق أرباح أقل من المطلوب لاستمرارهم، وهو ما يضع الصناعة على المدى البعيد في أزمة. ما قاله لايدن هو بالفعل السبب في الحلقة المفرغة التي بدأنا نشعر بها كمستخدمين، ولكن كيف السبيل خارجها؟

يقول “لايدن” أن الحل هو تعميم المشاريع المتوسطة AA، ومحاولة جعل أعداد أكبر من اللاعبين يتقبلونها، وهو ما بدأ يحدث بالفعل في السنوات الأخيرة، حيث اتخذت ألعاب الإندي المستقلة زخمًا أوسع وبدأ الاهتمام بها يكبر ويزداد، وبعضها يحقق مبيعات جيدة، ولكن المشكلة أن الشركات الكبير لازالت غير آبهة بالتغير في الذوق العام للاعبين، وبعضها لازال يسعى خلف المشاريع الضخمة المكلفة.

يقول لايدن أيضًا أن لعبة مثل Helldivers 2 طورت بميزانية أقل من نصف ميزانية لعبة Concord، ومع ذلك حققت أضعاف المبيعات، وهو دليل قد يدفع سوني إلى فهم هذه الفلسفة الجديدة التي تحتاج إلى تنفيذها.

الاتجاه العام حاليًا يسير في اتجاه الغلاء، والإجابة على السؤال في عنوان المقالة هو: نعم، صناعة الألعاب ستصبح مكلفة جدًا مع مرور الوقت، لكن فقط إذا استمرت الشركات في السعي وراء العناوين الضخمة والمكلفة، لكن مع وجود المشكلة دائمًا تظهر الحلول. المحللون تحدثوا عن أن ظهور وازدهار خدمات الاشتراكات مثل جيم باس وبلايستيشن بلس جاء كظاهرة مضادة للغلاء، نعم هذه الخدمات غالية نسبيًا، ولكنها توفر عليك في حالات عدة. إليك مالفقرة القادمة.

ثالثًا: الجيم باس والاشتراكات حل مناسب لمن يريدون اللعب باستمرار

يعتبر المحللون أن خدمة مثل جيم باس بمثابة كنز للاعبين الذين يريدون تجربة أكبر كم ممكن من الألعاب كل عام، وهو نفس الشيء الذي صرح به علانيةً رئيس إكس بوكس نفسه (فل سبنسر) مؤخرًا.

في حالة كنت شخص يلعب لعبتين أو أو ثلاثة خلال العام، فالأفضل والأوفر لك أن تشتري تلك الألعاب بسعرها الكامل أو في تخفيض، ولكن في حالة كنت شخص يبحث عن 3-4 ألعاب جديدة كل شهر، أو على الأقل لعبة شهريًا فتلك الخدمات لك، لأن سعرها الإجمالي خلال الـ12 شهر أقل من سعر كل لعبة على حدى.

التغيير الأكبر الذي يطرأ على الصناعة هو تراجع أهمية “اقتناء الألعاب” بشكل فعلي عن طريق القرص الفيزيائي للعبة، وهو شيء لم يكن موجودًا في الماضي، إذ كانت الأقراص تحظى بمكانة كبيرة لدى اللاعبين. زيادة الأسعار بالتأكيد لها دور في ذلك، ولكل عصر أولوياته.

إذًا، التوجه العام بالصناعة هو شراء المنصة، وخدمة اشتراك مصاحبة لها، والتخلي بشكل كبير -أو على الأقل تراجع- شراء الألعاب بشكل مباشر، وقد يعني هذا حاجة المطورين في التفكير أكثر في مشاريعهم ودراسة السوق بشكل أعمق لأن هذا يعني أن فشل لعبة واحدة قد يؤدي إلى إغلاق الاستوديو لأن ببساطة، لا يوجد شركة على وجه الأرض قادرة على تحمل خسارة 200-300 مليون دولار كل بضعة أشهر.

رابعًا: ظاهرة الريماستر أصبحت واقعًا نعيشه

في نهاية 2024، تحدث السيد شوهي يوشيدا إلى الإعلام وقال أن الريماسترات والريميك أصبحت ذات أهمية قصوى، فهي طريقة الشركات في طلب الدعم من جماهيرها، فمثلًا ريماستر Days Gone هو طريقة سوني في الحفاظ على ضخ الأموال لاستوديو Bend، وكذلك مع نوتي دوج الذي يشاع أنه يعمل على “أكثر من مشروع جديد حاليًا” وهو ما يعني أن هذه الظاهرة لن تتوقف، وسنرى المزيد والمزيد من نسخ الريماستر مع مرور الوقت لأن 1- الألعاب باتت تستغرق وقت أطول للتطوير، بالتالي الاستوديو الواحد بحاجة للاستمرار في التطوير لسنوات بدون ضغوط مالية، ومن هنا تأتي فكرة إعادة إطلاق ألعاب بحلة جديدة، و 2- لأن الناشرين يعتبرونها فرصة سهلة ومضمونة بدون مخاطر للحصول على الأموال، وهو ما تحتاجه الصناعة أكثر من أي وقت مضى.

في النهاية، صناعة الألعاب في طريقها لأن تصبح صناعة مكلفة أكثر من أي وقت مضى، وقد يقلل البعض منا من فترات لعبه ومتابعته لأخبار الألعاب بسبب الغلاء، لكن أتوقع أنه وخلال سنوات قليلة، وربما أشهر ستصبح الاشتراكات هي الأساس، وقد يصبح شراء الألعاب الضخمة مع إطلاقها أمرًا ليس بوسع شريحة واسعة من اللاعبين.

هذا المقال يعبر عن رأي كاتبه فقط، وليس توجه موقع تروجيمنج ككل، وهو يطرح نقاط موضع نقاش، نتمنى منكم كتابة أرائكم بالتعليقات ومناقشتنا فيما جاء بالمقال.