كيف أصبحت قناة بنما الجائزة الخفية في حرب ترامب التجارية؟ - تليجراف الخليج

نقدم لكم زوارنا الكرام أهم وآخر المستجدات كما وردت في المقال التالي: كيف أصبحت قناة بنما الجائزة الخفية في حرب ترامب التجارية؟ - تليجراف الخليج اليوم الاثنين 5 مايو 2025 01:54 مساءً

تعاني قناة بنما في السنوات الأخيرة من تقلبات مناخية قاسية بفعل ظاهرة النينيو والجفاف الشديد، مما تسبب في أزمة بمنسوب المياه، لكن التهديد الجديد الذي يلوح في الأفق ليس من الطبيعة، بل من السياسة، إذ أصبحت هذه القناة الحيوية مهددة بالركود جراء الحرب التجارية التي أطلقها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وخاصة بعد فرضه رسومًا جمركية باهظة على السلع الصينية.

تُعد قناة بنما ممرًا محوريًا لشحن الحاويات المتجهة إلى الساحل الشرقي للولايات المتحدة، وتعبر من خلالها نحو 40% من إجمالي الحاويات الأمريكية، بقيمة شحنات سنوية تبلغ حوالي 270 مليار دولار. وتعد الولايات المتحدة والصين أكبر مستخدمين للقناة، وقد ازدادت أهمية هذا الممر في السنوات الأخيرة نتيجة تعطل سلاسل التوريد العالمية.

على الرغم من الجفاف، حققت هيئة قناة بنما عائدات بلغت 3.38 مليارات دولار العام الماضي، وظلت إيراداتها في ازدياد منذ 2017. لكن الإجراءات الجمركية الجديدة التي أعلنها ترامب، والتي تفرض رسومًا تصل إلى 145% على البضائع الصينية اعتبارًا من 27 مايو، تسببت في توقف كبير في واردات الولايات المتحدة من الصين، وأدت إلى تراجع كبير في الطلب من شركات الشحن الأمريكية.

ووفقًا لبيانات شركة Project44 لمعلومات سلاسل التوريد، ارتفع عدد السفن الملغاة من الصين إلى الولايات المتحدة بنسبة 300% منذ إعلان "رسوم يوم التحرير" في 2 أبريل. وتعرضت موانئ الساحل الغربي الأمريكي بالفعل لضربات اقتصادية، فيما يتوقع الخبراء تفاقم التأثير على موانئ الساحل الشرقي أيضًا، مع انسحاب السفن بسبب انخفاض أوامر التصنيع في المصانع الصينية.

تشير بيانات شركة "سي إنتليجنس" إلى أن الطريق التجاري بين آسيا والساحل الشرقي لأمريكا الشمالية شهد خلال الأسابيع الستة الماضية فراغًا قدره 261,822 وحدة مكافئة لعشرين قدمًا (TEU) من السعة الشحنية، مما يُنذر بتراجع في إيرادات قناة بنما التي تعتمد بشكل كبير على عدد الحاويات العابرة.

وصرّح بوريس مورينو، نائب رئيس العمليات في هيئة قناة بنما: "بما أن نحو 75% من حمولاتنا تذهب من وإلى الولايات المتحدة، فإن أي ركود اقتصادي عالمي أو أمريكي سيؤثر علينا، وهذا أمر مؤكد".

تُصنّف القناة ضمن عجائب العالم الحديث حسب الجمعية الأمريكية للمهندسين المدنيين، لكنها تحوّلت في السنوات الأخيرة إلى ساحة صراع جيوسياسي بين واشنطن وبكين. إذ اتهم ترامب الصين بالسيطرة على الموانئ الرئيسية للقناة، وهدد بإعادة فرض السيطرة الأمريكية عليها، زاعمًا أن بنما تفرض "رسومًا باهظة"، وهو ما نفته الصين وبنما بشكل قاطع، وفقاً لتقرير نشرته شبكة " CNBC ".

وخلال الأشهر الماضية، زار وزير الخارجية ماركو روبيو ووزير الدفاع بيت هيجسيث مسؤولين بنميين لمناقشة الملف. وقال لويس سولا، المفوض الفيدرالي للشؤون البحرية، في مقابلة مع CNBC: "أعتقد أن بنما اقتربت تدريجيًا من الصين في السنوات الخمس الماضية. الصين والبرازيل أبرمتا عقودًا مباشرة بقيمة 20 مليار دولار. نحن بحاجة ماسة لأن نكون جزءًا من اللعبة هناك".

من جانبه، أوضح ريكاورتي فاسكيز، مدير هيئة قناة بنما، أن أي تصريح في واشنطن يترك تداعيات عالمية، لكنه أكد على تمسك بلاده بالحياد والانفتاح العالمي، قائلًا: "ليس صحيحًا أن الصينيين يسيطرون علينا. ولا نفرّق في الأسعار. كل من يريد الإبحار يعبر قناة بنما. نحن منفتحون على العالم".

وفي مارس الماضي، أعلنت مجموعة استثمارية بقيادة شركة بلاك روك الأمريكية عن نيتها شراء ميناءين عند طرفي القناة، إلى جانب 40 ميناءً إضافيًا من شركة "سي كيه هاتشيسون" المتمركزة في هونغ كونغ. وما تزال نتائج هذه الصفقة المرتقبة غير واضحة حتى الآن.