هل ستكون فرنسا بوابة انفتاح دولي على سوريا؟ - تليجراف الخليج

نقدم لكم زوارنا الكرام أهم وآخر المستجدات كما وردت في المقال التالي: هل ستكون فرنسا بوابة انفتاح دولي على سوريا؟ - تليجراف الخليج اليوم السبت 10 مايو 2025 04:35 صباحاً

فتحت زيارة الرئيس السوري أحمد الشرع إلى العاصمة الفرنسية باريس، ولقاؤه نظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون، نافذة جديدة في جدار العزلة الدولية المفروضة على سوريا منذ أكثر من عقد من الزمان.

هذه الزيارة، الأولى من نوعها لرئيس سوري إلى دولة غربية كبرى منذ بداية الأزمة السورية، شكّلت منعطفاً حاسماً في المشهد السياسي الإقليمي والدولي، إذ بدت وكأنها محاولة لاستكشاف مسار مزدوج:

الأول يتعلق بإمكانية أن تجني دمشق ثماراً سياسية واقتصادية من التزامها بمعايير المجتمع الدولي، والثاني بإيجاد مخرج سياسي للمجتمع الدولي نفسه كي يعيد فتح قنوات التواصل مع سوريا، من دون أن يظهر بمظهر المتراجع عن مواقفه المبدئية.

تجلت الرسائل الفرنسية خلال الزيارة بوضوح: الانفتاح على دمشق ليس مطلقاً، بل مشروط بجملة معايير سياسية على رأسها تشكيل حكومة شاملة لا تقصي أي مكوّن من مكوّنات الشعب السوري، وعدم إنتاج نموذج إداري فئوي يعيد إنتاج الهيمنة أو التهميش.

إصلاحات

في جوهره، يشترط الموقف الفرنسي أن تكون عودة سوريا إلى المنظومة الدولية مقرونة بإصلاحات جوهرية في البنية السياسية الداخلية، على نحو يضمن الحقوق والتمثيل المتوازن لكل فئات المجتمع السوري، وخصوصاً في المناطق الخارجة عن السيطرة المركزية منذ سنوات الحرب.

على المستوى الداخلي، كسرت الزيارة ما يشبه حلقة يأس كانت تسيطر على الأوساط السياسية السورية جرّاء شعور عميق بأن المجتمع الدولي لا يزال يتعامل مع سوريا كدولة منبوذة.

هذا الانسداد كان له أثر سلبي في الشهور الماضية، ليس فقط على مسار إعادة الإعمار المتعثر، بل أيضاً على توازن الداخل السوري، كما ظهر جلياً في حادثتين بارزتين خلال الأشهر الماضية:

الأولى في الساحل السوري، بما شهدتها من أحداث، في واحدة من أكثر المحطات خطورة منذ سقوط النظام السابق، والثانية في محور صحنايا – جرمانا جنوبي دمشق، حيث تحوّلت خلافات محلية إلى مواجهات مسلحة بين فصائل درزية ومجموعات مسلحة.

ضرورة استراتيجية

ويوكد محللون أن إعادة ربط سوريا بالمجتمع الدولي باتت مسألة تتجاوز الحسابات السياسية التقليدية، إلى كونها ضرورة استراتيجية لمنع انزلاق البلاد إلى موجات انفجار جديدة قد يصعب احتواؤها.

فالعزلة في ظل غياب أفق سياسي، وحرمان البلاد من الموارد الحيوية، سيضع سوريا أمام السيناريو الأسوأ، وهو تفكك الأمن المحلي وانهيار ما تبقى من بنى الدولة في بعض المناطق، وهو سيناريو تسعى الدولة السورية إلى تجنبه، وتحتاج إلى مساعدة دولية لدعم هذا الاتجاه.

انفتاح أوروبي

تعوّل دمشق على أن تكون باريس الحلقة الأولى في سلسلة انفتاح أوروبي وغربي أشمل، خصوصاً أن العديد من العواصم الأوروبية بدأت منذ مدة بمراجعة موقفها من الأزمة السورية، ولو ضمنياً، في ظل تصاعد ملفات أخرى كالهجرة غير الشرعية وتنامي خطر التنظيمات العابرة للحدود.

غير أن الحذر لا يزال سيّد الموقف. فباريس، وعلى الرغم من الترحيب الرمزي بزيارة الشرع، لم تمنح دمشق شيكاً على بياض، بل أكدت في بياناتها أن تحسين العلاقات مشروط بتحقيق خطوات ملموسة، على رأسها إنهاء الأزمات الداخلية.

وإنجاز تسوية دائمة مع قوات سوريا الديمقراطية، وبدء مسار متكامل للحكم المدني المتعدد، وهو ما تعتبره باريس مدخلاً لتثبيت الاستقرار ومنع تكرار دوامة العنف.

في المحصلة، تحمل زيارة الشرع إلى فرنسا دلالات رمزية قوية ورسائل سياسية، لكن ترجمتها العملية تبقى رهن قدرة دمشق على المبادرة داخلياً، واستعداد القوى الدولية لمنحها فرصة جدية ضمن حزمة معايير معقولة وقابلة للتحقيق.