مع تطورات جديدة بعد صراع طويل في تركيا: "العمال الكردستاني" يُعلن حلّ نفسه وإلقاء السلاح، نقدم لكم كل ما تحتاجون إلى معرفته بشكل شامل ودقيق عن هذه التطورات ليوم الاثنين 12 مايو 2025 11:08 صباحاً
في خطوة مفاجئة وتحوّل تاريخي، أعلن حزب العمال الكردستاني (PKK) -الذي يُصنَّف "منظمة إرهابية" من تركيا وحلفائها الغربيين- حلّ تنظيمه المسلح وإنهاء الكفاح العسكري الذي استمر لأكثر من 40 عاماً ضد الدولة التركية.
جاء الإعلان عبر البيانٍ الختامي مؤتمره الثاني عشر المنعقد بين 5 و7 مايو في شمال العراق، والذي نقَلته قناة "روداو" التلفزيونية، ووكالة "فرات" للأنباء المقرَّبة من الحزب، مؤكداً أن "المهمة التاريخية للجماعة اكتملت"، وداعياً إلى "إعادة صياغة العلاقات التركية-الكردية" على أسس سياسية.
تفكيك السلاح وإعادة تشكيل الهوية
أوضح البيان أن عملية نزع السلاح ستستمر حتى نهاية يونيو، مع تأكيد الحزب على ضرورة تقديم تركيا ضماناتٍ قانونيةً وسياسيةً لزعيمه المُعتقل منذ 26 عاماً، عبد الله أوجلان، الذي دعا في فبراير إلى حلّ الحزب. كما أشار إلى أن "الأحزاب السياسية الكردية ستتحمل مسؤولية بناء ديمقراطية كردية وتشكيل أمةٍ ديمقراطية"، ما يُلمِّح إلى تحوُّل استراتيجي من الكفاح المسلح إلى النضال السياسي.
وردّاً على القرار، رحَّب رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني بالخطوة، واصفاً إياها بـ"المسار السياسي الواعد"، بينما لم تصدر ردود فعل رسمية تركية حتى اللحظة، رغم استمرار المناوشات العسكرية بين الطرفين في شمال العراق خلال الأسابيع الماضية.
جذور الصراع.. من الماركسية إلى المطالبة بالحكم الذاتي
نشأ الحزب في أواخر السبعينيات بأيديولوجية ماركسية- لينينية، مُطالباً بدولةٍ كرديةٍ مستقلةٍ في جنوب شرق تركيا.
بحلول 1984، شنَّ أول هجوم مسلح ضد أنقرة، ليتحوَّل الصراع إلى حرب عصابات طويلة أودت بحياة أكثر من 40 ألف شخص، وتسببت في تدمير آلاف القرى الكردية ونزوح مئات الآلاف، وفق تقرير لـ"بي بي سي"
لكن الحزب خفَّف مطالبه بعد اعتقال أوجلان عام 1999، مُتحولاً إلى المطالبة بالحكم الذاتي للأكراد داخل تركيا. ومع ذلك، ظلّ التوتر قائماً، خاصةً بعد تجدُّد العمليات العسكرية عام 2004، وتصاعُد الاشتباكات حتى أواسط العقد الماضي.
محطات فاشلة في طريق السلام
شهدت العلاقات التركية- الكردية محاولات عدة لتحقيق السلام، أبرزها: محادثات أوسلو السرية (2009-2011): انهارت بعد مقتل 14 جندياً تركياً في اشتباكاتٍ مع الحزب، وإصرار أنقرة على مواصلة عملياتها العسكرية، ووقف إطلاق النار 2013: تلبيةً لدعوة أوجلان من سجنه، لكنه انهار عام 2015 مع تجدُّد الغارات التركية على معاقل الحزب في العراق، بينما زادت الحرب السورية من تعقيدات المشهد، حيث دعمت تركيا فصائل معارضة ضد وحدات حماية الشعب الكردية (YPG) المدعومة من الحزب.
ضغوط إقليمية وعزلة دولية
في السنوات الأخيرة، كثَّفت تركيا حملاتها العابرة للحدود تحت شعار "مخلب النمر" و"مخلب السيف"، مستخدمةً الطائرات المسيّرة لاستهداف قيادات الحزب في العراق وسوريا. كما عزَّزت أنقرة تحالفاتها مع إقليم كردستان العراق، مُستفيدةً من التوترات بين الإقليم والحزب.
من جهة أخرى، ظلَّ أوجلان -الذي يقضي حكماً بالسجن المؤبد- المحور الروحي للحركة، حيث استمرت رسائله من السجن تُشكِّل خارطة طريق للحزب، ودعا أوجلان إلى "إنهاء الكفاح المسلح"، مُعتبراً أن الحزب أتمَّ مهمته، وأن المستقبل يجب أن يُبنى عبر السياسة.
مستقبل غامض وتحديات معلقة
رغم الإعلان التاريخي، تُواجه العملية تحديات جسيمة في مقدمتها الضمانات القانونية لأوجلان حيث يطالب الحزب بإطلاق سراحه أو تحسين ظروف اعتقاله، وهو ما ترفضه أنقرة بشدة، إضافة إلى الوضع الأمني في العراق حيث تُحافظ تركيا على قواعد عسكرية شمال العراق، وقد تُعارض أي تحوُّل للحزب إلى كيان سياسي هناك.
ويخشى محللون من انشقاق فصائل داخل الحزب ترفض التخلي عن السلاح، أو إعادة الحزب توجيه دعمه لوحدات الحماية الكردية، مما يُهدد بتصعيد جديد مع تركيا.
ويشكل قرار حزب العمال الكردستاني بحلّ نفسه لحظةً فارقةً في الصراع الكردي-التركي، لكن نجاحه مرهونٌ بتحوُّلٍ جذري في سياسات أنقرة تجاه الأقلية الكردية، والتي لا تزال تُعاني من التهميش ومحاكمات "مكافحة الإرهاب" المثيرة للجدل، كما أن دور أوجلان -الذي يُعتبر "غاندي الأكراد" لدى مؤيديه- سيظل محورياً في ترسيخ السلام.
للحصول على تفاصيل إضافية حول بعد صراع طويل في تركيا: "العمال الكردستاني" يُعلن حلّ نفسه وإلقاء السلاح - تليجراف الخليج وغيره من الأخبار، تابعونا أولًا بأول.