الأدب الإماراتي الحديث والتراث.. ارتباط وثيق رغم التحولات - تليجراف الخليج

نقدم لكم زوارنا الكرام أهم وآخر المستجدات كما وردت في المقال التالي: الأدب الإماراتي الحديث والتراث.. ارتباط وثيق رغم التحولات - تليجراف الخليج اليوم الثلاثاء 13 مايو 2025 12:57 صباحاً

ابتداء من سبعينيات القرن الماضي، بدأت تظهر أصوات أدبية إماراتية، تكتب وتنشط خارج السياق التقليدي للأنواع التراثية المعروفة، وانتهجت لنصوصها سياق الأنواع الأدبية المعاصرة، من قصة ورواية وقصيدة حديثة، وتوسع هذا التوجه كثيراً في المجتمع الإبداعي الإماراتي، مع تقدم الحياة وانتشار الصحافة، وظهور صناعة النشر، وأيضاً في ظل الاهتمام الكبير بالكتّاب والإبداع في الدولة.

وعن علاقة الأدب الإماراتي المعاصر بالنص التراثي، قال الكاتب علي عبيد الهاملي نائب رئيس مجلس إدارة ندوة الثقافة والعلوم بدبي: «قد يكون من السهل أن نطرح السؤال: هل لا يزال النص التراثي مرجعاً للنص المعاصر؟ لكن الإجابة عنه تتطلب شيئاً من التروّي، لأن المسألة ليست في التقابل بين زمنين، بل في استمرارية الروح التي تسكن النصوص، وتعبّر عن الإنسان في تقلباته وتحولاته».

وأضاف: «النص التراثي في ظني لا يغيب، لأنه مخزون وجداني وجمالي عميق، تسبح فيه اللغة الإماراتية، وتتشكل فيه صور الحياة التي عشناها أو ورثناها.

والقصيدة النبطية، والحكاية الشفاهية، والفن الشعبي، كلها لم تكن مجرد أشكال فنية، بل كانت مرآة لوجدان الإنسان الإماراتي، وهو يعيش في الصحراء والبحر، ويقاوم الفقر بالعزيمة، والوحدة بالحلم، والشظف بالأمل».

وأكد أنه بالرغم من ذلك، إلا أنه لا يمكن مطالبة النص المعاصر بأن يكون تكراراً لصدى الماضي، فالمبدع اليوم ابن زمنه، يتنفس لغةً مختلفة، ويتكئ على قلق وجودي لا يشبه قلق أجداده، ويكتب في ظل تحولات اجتماعية واقتصادية وثقافية هائلة، مضيفاً: «النص المعاصر لا يقطع مع التراث، لكنه لا ينقل صورته حرفياً، بل يعيد تأويله، يستحضره في المفردة أحياناً، وفي الإيقاع، وفي الرمز، وربما في الحنين».

وتابع: «إذا سألنا: هل النص التراثي ما زال يعبر عن وجداننا اليوم؟ أرى أنه يعبر عن جزء من هذا الوجدان، لكنه لا يكفي وحده، نحن اليوم أمام تحديات لم تكن قائمة قبل خمسين عاماً، فمفردات الحياة اليومية تغيّرت، والوعي اتسع، لذلك من الطبيعي أن تظهر نصوص تكتب بلسان مختلف، لا لتُلغِي التراث، بل لتُكمِل صورته، نحن بحاجة إلى أدب لا ينهل من الماضي فقط، ولا ينقطع عنه كلياً، بل يحمل جذوراً تمتد إلى الأمس، وأغصاناً تطل على الغد».

وأشار إلى أن الكتابة الإماراتية التي تُراهن على صدق التجربة، وعلى أصالة الصوت، لا تحتاج أن تبرر انتماءها لا للتراث ولا للحداثة، لأنها حين تكون صادقة، تكون معبرة عن وطن، وعن وجدان، وعن زمن، لا عن قالبٍ جمالي جامد.

وأكد الكاتب والإعلامي ضرار بالهول الفلاسي، أن النص التراثي لم يختفِ بكل تأكيد، بل إنه يزدهر، ويحافظ على وجوده القوي، لا سيما في حقلي الشعر والرواية، ولكن تبقى هناك تساؤلات جوهرية، تتعلق بعلاقة النص الأدبي المعاصر بالنص الإماراتي التراثي، هل ما زال الثاني مرجعاً للأول؟ أم أن هناك قطيعة جمالية وتاريخية بينهما؟ وهل فعلاً يمثل النص المعاصر، صوت الوجدان الإماراتي؟.

وأكد الفلاسي أن تلك التساؤلات يمكن الرد عليها بشكل يوضح واقع الحال، إذ لا تزال النصوص التراثية والموروث الشعبي يتقاطع مع كثير من القصائد والأشعار حتى يومنا هذا، بل هي في صعود مستمر، وقد تكون في الرواية أقل حظاً، لكن هذا لا ينفي وجود صلة عميقة ما بين الرواية الحديثة والنص الشعبي، فمثلاً، في روايتي «أم الدويس» استندت على قصة تراثية شهيرة، كانت الأمهات ترويها للأبناء، لكني تناولتها بالشكل المعاصر، الذي يتناسب وخيال النشء، وفي الوقت نفسه لم تنفصل عن جذورها الأصلية.