هدنة الرسوم الجمركية تكشف حدود سياسة ترامب العدوانية - تليجراف الخليج

نقدم لكم زوارنا الكرام أهم وآخر المستجدات كما وردت في المقال التالي: هدنة الرسوم الجمركية تكشف حدود سياسة ترامب العدوانية - تليجراف الخليج اليوم الثلاثاء 13 مايو 2025 09:59 صباحاً

في مشهد يعكس مزيجًا من التصعيد والتراجع، أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مؤخرًا هدنة مفاجئة في حربه التجارية ضد الصين، بعد أن كادت الرسوم الجمركية التي وصلت إلى 145% أن تُغلق أبواب التجارة بين أكبر اقتصادين في العالم. وبينما يرى البعض في هذه الخطوة تراجعًا غير معلن، يعتبرها آخرون فرصة نادرة لإعادة بناء العلاقات التجارية على أسس جديدة.

التصعيد المؤلم الذي سبقه التراجع

خلال شهر أبريل، فرضت إدارة ترامب رسوماً جمركية قاسية على الواردات الصينية، ما أدى إلى توقف شبه تام للتجارة بين البلدين، وتحويل مسارات الاستيراد إلى دول أخرى مثل فيتنام والمكسيك. لكن هذه الخطوة جاءت بنتائج عكسية، إذ بدأت الشركات الأمريكية تعاني، وتكبدت خسائر هائلة وصلت حد الإفلاس لبعضها.

واشنطن تتراجع... وبكين تتماسك

بعد أسابيع فقط من التصعيد، اعترفت إدارة ترامب بأن الرسوم "غير قابلة للاستمرار"، وبدأت المحادثات العاجلة مع بكين في جنيف. النتيجة: خفضت الولايات المتحدة الرسوم إلى 30%، بينما خفضت الصين رسومها من 125% إلى 10%. ورغم ذلك، لم تقدم بكين أي تنازلات إضافية، باستثناء الالتزام بمواصلة الحوار.

هل كسبت الصين المعركة؟

يرى خبراء أن الاتفاق يُظهر تراجعًا أمريكيًا شبه كامل، ويعكس نجاح الرئيس الصيني شي جين بينغ في فرض واقع جديد، إذ قال سكوت كينيدي، الخبير في شؤون الصين: "هذا الاتفاق يبرر موقف بكين الرافض للتنازل تحت الضغط". وفي المقابل، اكتفت إدارة ترامب باعتبار موافقة الصين على التفاوض انتصارًا بحد ذاته.

الشركات الأمريكية في مهب الريح

الرسوم الجديدة، حتى بعد خفضها، لا تزال تلقي بظلالها على الاقتصاد الأمريكي. فقد ارتفعت أسعار السلع، وتراجعت ثقة المستهلكين، وبدأت الشركات بالتقشف وتأجيل خطط التوسع. وفي الوقت ذاته، أظهرت الصين مرونة أكبر، إذ قفزت صادراتها إلى دول جنوب شرق آسيا بنسبة 21% رغم انخفاض تجارتها مع أمريكا.

مهلة الـ90 يومًا... هل تكفي؟

المفاوضات الحالية مُقيدة بمهلة قصيرة تنتهي في منتصف أغسطس، وهو ما يراه الخبراء غير كافٍ لحل قضايا شائكة مثل فائض الإنتاج الصيني، ودعم الحكومة الصينية للشركات المحلية، وقيود النفاذ للسوق الصينية. وأكدت ويندي كتلر، نائبة رئيس معهد آسيا للسياسات، أن "مثل هذه المفاوضات عادة ما تستغرق أكثر من عام".

العودة إلى اتفاق 2020؟

إدارة ترامب بدأت تلمّح إلى إمكانية إحياء الاتفاق التجاري السابق المبرم عام 2020، الذي لم تلتزم بكين ببنوده بالكامل. وزير الخزانة سكوت بيسنت قال إن الاتفاق القديم قد يكون "نقطة انطلاق" للجولة القادمة من المحادثات، مع التركيز على زيادة شراء الصين للمنتجات الزراعية الأمريكية.

الملفات العالقة: الفنتانيل والدعم الصناعي

إضافة إلى ملف التجارة، تسعى إدارة ترامب إلى معالجة ملف تهريب مكونات الفنتانيل، أحد الأسباب الرئيسية في أزمة المخدرات بالولايات المتحدة. كما تسعى لفرض قيود على الدعم الحكومي الصيني الضخم للصناعات الثقيلة، الذي يُعد عائقًا أمام المنافسة العادلة.

هل تغيرت قواعد اللعبة؟

رغم الخطاب الحاد، لم تستطع إدارة ترامب الحفاظ على سياسة الرسوم القصوى، ما يطرح تساؤلات جدية حول فعالية هذا النهج في مواجهة قوى اقتصادية مثل الصين. وحتى مع العودة إلى الحوار، يبقى مستقبل العلاقة التجارية بين البلدين غامضًا ومليئًا بالتحديات.

رأي الخبراء: الحسابات تغيرت

أشار محللون إلى أن الإدارة الأمريكية بدأت تدرك أن فصل الاقتصاد الأمريكي عن نظيره الصيني قد لا يكون عمليًا. وقال مدير ميناء لوس أنجلوس، جين سيروكا: "توقف الشحنات واستعادتها يستغرق وقتًا طويلاً... والـ90 يومًا بالكاد تكفي لاستيعاب الأضرار".

الشارع التجاري يأمل بالاستقرار

في حين رحب التجار وأصحاب الأعمال بالهدنة المؤقتة، إلا أنهم عبروا عن قلقهم من أن تكون هذه الخطوة مجرد استراحة قصيرة قبل جولة جديدة من التصعيد. وقال ماثيو شاي، رئيس اتحاد التجزئة: "هذه الهدنة خطوة مهمة، لكننا نأمل ألا تكون مؤقتة فقط".

الصين تواصل تنويع أسواقها

في الوقت الذي تراجعت فيه صادرات الصين إلى أمريكا، ارتفعت بشكل ملحوظ إلى أسواق بديلة، ما يدل على أن الاقتصاد الصيني قادر على التكيف وتجاوز الضغوط الأمريكية، ولو جزئيًا.

قراءة في لغة الخطاب

التحول في نبرة الخطاب الأمريكي كان لافتًا، إذ انتقل من تهديدات صريحة إلى تأكيد على "المصلحة المشتركة"، وهو ما يشي برغبة في التهدئة أكثر من التصعيد.

هدنة لا تعني السلام

رغم أن الاتفاق الأخير يُعد تراجعًا أمريكيًا في ظاهر الأمر، إلا أنه قد يفتح بابًا لمرحلة جديدة من المفاوضات. غير أن نجاحها يعتمد على قدرة الطرفين على تجاوز الخطاب العدائي والتركيز على الحلول العملية.