مع تطورات جديدة نصف مليون قتيل.. قصة أسوأ زلزال في التاريخ استغرق 30 ثانية، نقدم لكم كل ما تحتاجون إلى معرفته بشكل شامل ودقيق عن هذه التطورات ليوم الأربعاء 14 مايو 2025 11:30 صباحاً
منذ فجر الحضارة، حملت أرض الصين تناقضًا جيولوجيًا عظيمًا؛ فبينما أنجبت إمبراطوريات عتيدة وثقافات أذهلت العالم، كانت أيضًا مسرحًا لكوارث طبيعية خلَّدتها الذاكرة الإنسانية.
لم تكن الفيضانات والأعاصير وحدها من نحتت هوية هذه الأرض، بل شاركتها الزلازل في صياغة مصيرها، لتصبح هذه الظواهر جزءًا لا يتجزأ من نسيجها الثقافي، لتتحول الصين إلى رائدة في علم قياس الزلازل، حيث أدرك أبناؤها مبكرًا أن فهم هذه القوة العمياء قد يكون سبيلهم الوحيد للتعايش معها.
كارثة تانجشان.. اللحظة التي اهتزت فيها الأرض والوعي
في فجر الثامن والعشرين من يوليو 1976، اختزلت 30 ثنةٌ مصير مدينةٍ بأكملها، عند الساعة 3:42 صباحًا، انطلقت هزةٌ عنيفة بقوة 7.8 درجة على مقياس ريختر من أعماق الأرض، لتحوِّل تانجشان – المدينة الصناعية النابضة بالحياة – إلى كومة من الأنقاض.
قصة الكارثة وفق تقرير لـ"العربية" بدأت قبل ذلك بيومٍ واحد، عندما بدأت الأرض تُرسل إشاراتٍ غامضة: ارتفعت مياه الآبار ثم انحسرت فجأة، بينما فرت الجرذان من الأنفاق كمن يهرب من جحيمٍ قادم، ورفضت الحيوانات الأليفة تناول طعامها، وكأنما الطبيعة نفسها كانت تحذِّر بما لا تقدر اللغة البشرية على وصفه.
عندما ضرب الزلزال، لم تكن السماء فوق تانجشان سوى لوحةٍ من النار؛ فسقوط أعمدة الكهرباء وانفجارات المصانع حوَّل الليل إلى نهارٍ قرمزي، تلاه صمتٌ رهيب اخترقته صرخاتُ الناجين تحت الركام.
لم تكن المباني القائمة على الطراز التقليدي لتصمد أمام هذه القوة، فانهارت 90% منها كأوراق الخريف. لكن الكارثة لم تنتهِ مع توقف الهزة الرئيسية، إذ تبعتها هزاتٌ ارتدادية عنيفة، أشدها عند السادسة صباحًا في تيانجين، لترسم مشهدًا أشبه بنهاية العالم.
التحدي الإنساني بين عزلة السلطة وإرادة النجاة
لم تكن الصين – رغم تاريخها الطويل مع الزلازل – مستعدةً لمثل هذا الدمار الهائل، تحطمت شبكات المواصلات، وعُزلت المدينة عن العالم، بينما تحول الناجون إلى جزرٍ من اليأس وسط بحرٍ من الركام. رفضت الحكومة الصينية – في قرارٍ أثار جدلًا دوليًا – عروض المساعدة الأمريكية والبريطانية، معتمدةً على مواردها الذاتية. أرسلت 100 ألف جندي وفرق طبية لإنقاذ من تبقى، لكن التحديات فاقت التوقعات: نقص الأدوية حوَّل الجروح البسيطة إلى أحكام إعدام، وتكدس الجثث تحت الشمس الحارقة هدد بانتشار الأوبئة.
بينما أعلنت السلطات عن 242 ألف قتيل، تشير تقارير محلية إلى أن الرقم الحقيقي تجاوز نصف مليون نفس، مع 160 ألف عائلةٍ بلا مأوى، وخسائر مادية بلغت 10 مليارات يوان. لكن الأرقام هنا تفقد معناها؛ فكل رقم يمثل حكاية إنسانٍ اختفت أحلامه تحت الأنقاض.
بين الدمار والنهضة.. تانجشان اليوم
من رماد الكارثة، نهضت تانجشان كمدينةٍ جديدة، تحمل في هندستها ذاكرة المأساة: مباني مضادة للزلازل، وأنظمة إنذار مبكر، وشواهد تخلد ذكرى الضحايا. لكنها أيضًا أصبحت مختبرًا حيًا لاستراتيجيات المواجهة، حيث تتعايش التكنولوجيا الحديثة مع الحكمة الشعبية التي تعلمت قراءة لغة الأرض قبل أن تهتز.
من تانجشان إلى كاليفورنيا.. رحلة البشرية مع قياس الزلازل
قبل قرنين من كارثة تانجشان، وفي عام 1769، كان المستكشف الإسباني جاسبار دي بورتولا يسجل – دون أن يدري – صفحةً جديدة في تاريخ العلوم. أثناء تخييم بعثته جنوب شرق لوس أنجلوس، رصدوا هزةً أرضيةً أصبحت أول زلزال موثق في السجلات الحديثة.
لم تكن الأجهزة المتطورة موجودة حينها، لكن الفضول العلمي دفع البشر لابتكار أدواتٍ غريبة: بندولات زنبركية عملاقة تزن 15 طنًا وبارتفاع عمارةٍ من ثلاثة طوابق، محاولةً لالتقاط نبض الأرض المتقلب.
الزلازل بالأرقام.. لغز لا ينتهي
اليوم، ترصد الشبكات العالمية نحو 500 ألف زلزالٍ سنويًا، 100 ألف منها يُحس بها البشر، بينما 100 فقط تترك أثرًا مدمرًا. هذه الأرقام تكشف تناقضًا مذهلًا: فالأرض التي نعتبرها رمزًا للثبات، هي في الواقع كائنٌ حيٌ ينتفض 50 مرة كل ساعة! لكن تانغشان تذكرنا أن الأرقام وحدها لا تكفي؛ فوراء كل هزةٍ قصة إنسانية، ووراء كل مقياس ريختر دروسٌ عن التواضع أمام الطبيعة.
للحصول على تفاصيل إضافية حول نصف مليون قتيل.. قصة أسوأ زلزال في التاريخ استغرق 30 ثانية - تليجراف الخليج وغيره من الأخبار، تابعونا أولًا بأول.