نقدم لكم زوارنا الكرام أهم وآخر المستجدات كما وردت في المقال التالي: "اقتصاد البقاء" في غزة: مهن جديدة فرضتها الحرب - تليجراف الخليج اليوم الاثنين 19 مايو 2025 12:12 مساءً
ألقى العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة بظلاله الكئيبة على مختلف القطاعات العاملة، حيث فقد الآلاف وظائفهم بعد استهداف الاحتلال جميع مناحي الحياة والمؤسسات، وأصبح كثيرون بلا مصدر رزق، يبحثون بشتى الطرق عن وسيلة للبقاء.
ووفقًا لبيان مشترك صدر عن سلطة النقد الفلسطينية والجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، فقد شهد قطاع غزة ارتفاعًا حادًا في معدلات البطالة خلال عام 2024، حيث تجاوزت 80%، مقارنة بـ 53% في عام 2023، كما انخفضت نسبة المشاركة في القوى العاملة إلى 36% بعد أن كانت 40% في العام السابق.
اقتصاد الحرب: ولادة "اقتصاد البقاء"
يقول الباحث والمختص الاقتصادي في قطاع غزة، رامي الزايغ، في حديث لـ "المملكة"، إن ما يعرف بـ"اقتصاد البقاء" بات السمة الأبرز لاقتصاد قطاع غزة خلال الحرب، نتيجة للظروف القاسية التي فرضتها الحرب المستمرة.
وأوضح الزايغ أن الفلسطينيين لجأوا إلى ممارسة مهن بدائية وبسيطة، بعضها قديم وبعضها مستحدث، وهي ليست ضمن تخصصاتهم أو خبراتهم، وإنما فرضتها الحاجة الماسة وظروف العدوان.
وأكد أن هذه المهن لم تقتصر على فئة بعينها، بل شملت جميع فئات المجتمع، رجالًا ونساء، أطفالًا وبالغين، طلبة وخريجين، عمالًا وفنيين، وحتى أصحاب الشهادات العليا.
مهن فرضتها الحرب: من الحطابين إلى باعة المرق
وبحسب الزايغ، هناك مهن بارزة ظهرت خلال العدوان الإسرائيلي من بين أبرز هذه المهن التي انتشرت بفعل العدوان، الحطّاب، بائعو الأكياس الفارغة، عمال تفريغ المساعدات وتوزيعها وتسليمها، عمال التكايا (المطابخ الخيرية)، صيانة وإصلاح الدراجات الهوائية، صناعة المراحيض البدائية، صيانة البوابير، بيع المياه المثلجة والعصائر الباردة، إصلاح الأحذية القديمة.
من الفقر إلى المجاعة
قبل العدوان، كانت معدلات الفقر في قطاع غزة تتجاوز 63%، أما بعده، فقد تفاقمت الأوضاع لتتعدى مستوى الفقر إلى المجاعة وانعدام الأمن الغذائي، وتشير التقارير إلى تراجع الاستهلاك العام بنسبة 80%، مع معاناة معظم السكان من انعدام الأمن الغذائي.
- مهن غير مألوفة نشأت من رحم الأزمة -
باعة المرق
لجأ بعض الفلسطينيين إلى بيع "مرق العظام" كبديل للحوم التي أصبحت نادرة وباهظة الثمن، حيث يباع اللتر الواحد بقرابة 1.5 دولار.
"حاجز الدور"
يؤجر بعض الأشخاص أنفسهم للوقوف في طوابير المساعدات أو الصرافات الآلية نيابة عن آخرين مقابل أجر يتراوح بين 10 إلى 30 دولارًا، حسب مدة الانتظار.
"وقيفة المخبز ومراكز التوزيع"
أطفال دون سن الـ18 يشترون الخبز ويعيدون بيعه بسعر أعلى، وقد تصل ربطة الخبز إلى 10 أضعاف سعرها في حال نفادها من السوق.
كما يشتري "الوقيفة" المواد الإغاثية من مستلمي المساعدات عند مراكز التوزيع، ويبيعونها لاحقًا بأسعار مضاعفة، حيث أصبحوا عنصرًا حاكمًا في تسعير السلع.
تنظيف العملات النقدية
بسبب اهتراء العملة وتكدسها لعدم تجديدها أو استبدالها، ظهر أشخاص يقدمون خدمة تنظيف الأوراق النقدية مقابل نصف دولار للورقة الواحدة.
صانع الخيام
يقوم بعض الحرفيين بصناعة خيام للنازحين مقابل أجور تتراوح بين 50 إلى 100 دولار للخيمة الواحدة، وفقًا لمساحتها وجودتها.
نقل النازحين
وهي مهنة خطرة تُعنى بنقل النازحين من شمال القطاع إلى جنوبه، وتكلف بين 150 إلى 250 دولارًا، باستخدام سيارات أو عربات "كارو"، رغم المرور بمناطق خطرة قريبة من الاحتلال.
- إحياء المهن المنسية -
ويرى الزايغ أن هذه الأعمال، رغم بدائيتها، أسهمت في إبقاء الفلسطينيين على قيد الحياة وتوفير الحد الأدنى من سبل العيش، واعتبر أن "اقتصاد البقاء" أصبح دعامة أساسية لاقتصاد الحرب، الذي أصبح يشكل بنية الاقتصاد في غزة.
وأشار إلى أن استمرار الحرب سيُعمق هذا الاقتصاد، ويزيد من المخاطر على مستقبل الاقتصاد الفلسطيني على المدى القريب والبعيد.
وأعادت الحرب إحياء العديد من المهن القديمة التي هجرها الفلسطينيون منذ عشرات السنين، إذ أعادتهم الظروف القاسية عقودًا إلى الوراء، وتميزت هذه المهن بالبساطة، وكونها لا تحتاج إلى أدوات أو خبرات، بل تعتمد على مكونات بدائية تلبي الحاجة الآنية.
ورغم كل شيء، أسهمت هذه المهن في تشكيل الواقع الاقتصادي الجديد لقطاع غزة، وأصبحت جزءًا لا يتجزأ من بنيته، حتى إشعار آخر.
المملكة