شكرًا لمتابعتكم، سنوافيكم بالمزيد من التفاصيل والتحديثات الاقتصادية في المقال القادم: الانتخابات البلدية في بيروت: الثنائي الشيعي مدّ اليدّ والثقل "السني" بجيب الحريري - تليجراف الخليج ليوم الخميس 22 مايو 2025 02:46 صباحاً
شهدت الانتخابات البلدية في بيروت منافسة شديدة تعكس التوجهات السياسية والطائفية التي لا تزال تهيمن على المشهد المحلي، حيث برزت معركة بين منطق "المناصفة" بين المسيحيين والمسلمين من جهة، ومحاولة تقسيم المدينة، كما أظهرت النتائج تحولات في خريطة التحالفات، خاصة مع غياب تيار المستقبل، كحضور مباشر، عن المنافسة الفعلية، وتثبيت حضوره جماهيرياً.
أكدت الانتخابات البلدية في بيروت هيمنة التحالف التقليدي بين القوى السياسية الكبرى، حيث نجح تحالف لائحة "بيروت بتجمعنا" المدعومة من تحالف الأحزاب التقليدية بتحقيق الفوز، مع خرق وحيد لمحمود الجمل. هذا الفوز يعكس نجاح القوى التقليدية في الحفاظ على التوازن الطائفي في المجلس البلدي، رغم التحديات التي كانت قائمة، ولكن هذا لا يعني أن نتائج الانتخابات البلدية في بيروت لم تحمل رسائل مهمة على المستوى السياسي.
تمكن محمود الجمل، بدعم من النائب نبيل بدر والجماعة الإسلامية، من تحقيق خرق في المجلس البلدي، مما يشير إلى حضور تيار المستقبل في الشارع السني، رغم غيابه الرسمي عن الانتخابات، فهذا الشارع اقترع بشكل واضح للجمل الذي يمتلك حضوراً كبيراً في شارع "المستقبل"، وبحسب مصادر سياسية متابعة فقد تمكن النائب نبيل بدر من جمع جمهور المستقبل حول الجمل الذي لعب بصفته الشخصية دوراً كبيراً بحشد الناخبين، فأثبت حضوره الواسع في الشارع السني بما يشكل رسالة واضحة للإنتخابات النيابية المقبلة، وهذا الأمر يتأكد أولا من خلال نسبة التصويت التي لامست الـ 21 بالمئة في العاصمة بتقدم طفيف عن نسبة الاقتراع عام 2016 يوم كان "المستقبل" حاضراً بشكل مباشر، وثانياً من خلال حصول الجمل على حوالي 45 ألف صوت من أصل 65 ألف صوت سنيّ.
تُشير المصادر إلى أن "المستقبل" رغم غيابه لا يزال يمتلك ثلثي القوة السنية في العاصمة، وهذا سيُترجم في الانتخابات النيابية المقبلة بكل تأكيد، خصوصاً بعد الهزيمة المدوية التي مُني بها التغييريون في لائحة "بيروت مدينتي".
رغم التوقعات بتحقيق قوى التغيير اختراقات في الانتخابات البلدية، إلا أن النتائج جاءت مخيبة للآمال، فقد فشل التغييريون في تشكيل لائحة موحدة، مما أدى إلى تشتت أصواتهم وضعف تأثيرهم في النتائج النهائية، وهذه الهزيمة يمكن عكسها على كل المناطق التي شارك بها التغييريون، وهذا الفشل يمكن تفسيره بعدة عوامل، منها ضعف التنظيم مقارنةً بالأحزاب التقليدية التي عادت إلى الواجهة بقوة، انقسام التغييريين أنفسهم، غياب الدعم المالي الكبير بعد أن أثبت هؤلاء فشلهم في تحقيق التغيير المنشود.
ومن الرسائل البارزة بحسب المصادر كان محاولة تثبيت الثنائي الشيعي كفاعل رئيسي في إدارة العاصمة وحفاظه على المناصفة فيها، وهو ما تراه المصادر يحمل رسائل أبعد بكثير من بلدية بيروت، فهو أراد توجيه رسالة مشاركة لكل مكونات البلد، وتأكيده اهتمامه بالشراكة، ورفضه لمنطق الأكثرية العددية، ورغبته الصادقة في المشاركة ببناء الدولة.
في الوقت الذي أثبتت فيه الأحزاب الكبرى قدرتها على التحكم باللعبة السياسية، فإن غياب تيار المستقبل وتراجع التغييريين يطرحان أسئلة حول مستقبل التمثيل السياسي في لبنان، خاصة مع استحقاق نيابي مرتقب قد يكون أكثر تعقيداً.