في ذكرى الاستقلال 79: الأردن يواصل ترسيخ حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة - تليجراف الخليج

نقدم لكم زوارنا الكرام أهم وآخر المستجدات كما وردت في المقال التالي: في ذكرى الاستقلال 79: الأردن يواصل ترسيخ حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة - تليجراف الخليج اليوم الأحد 25 مايو 2025 11:00 صباحاً

في ذكرى استقلال المملكة الأردنية الهاشمية، التي تحمل معاني الفخر والاعتزاز والحرية والكرامة، يواصل الأردن مسيرته في البناء والنهضة مجسدًا القيم التي أرساها الهاشميون، ليأتي ملف حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة كأحد أبرز الشواهد الحية على هذه المسيرة، ضمن تطور نوعي تمثل في الانتقال من الرعاية التقليدية إلى نهج شمولي قائم على الحقوق والتمكين، تدعمه إرادة سياسية وتشريعات متقدمة.

ومنذ تأسيس الدولة، أولى الأردن اهتمامًا متزايدًا بهذا الملف، تُوّج بإدخال تعديلات جوهرية على الدستور، وسنّ تشريعات نوعية، من أبرزها القانون رقم (20) لسنة 2017، الذي شكّل محطة مفصلية في تعزيز حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة وفق مبادئ الكرامة والمساواة.

ويأتي هذا التطور في إطار دعم متواصل من القيادة الهاشمية، التي أسهمت توجيهاتها ومبادراتها في إحداث تقدم ملموس على صعيد السياسات العامة، مما عزز مشاركة الأشخاص ذوي الإعاقة في مختلف مناحي الحياة.

وجاءت مشاركة جلالة الملك عبدالله الثاني خلال القمة العالمية الثالثة للإعاقة التي عقدت مؤخرًا في برلين، لتؤكد الدعم المتواصل لتعزيز حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، حيث أكد جلالته في كلمته، أن الشمولية لا تقتصر على ضمان إمكانية وصول الأشخاص ذوي الإعاقة لمختلف المرافق، بل تشمل أيضًا الاعتراف بالإمكانات الكامنة في كل إنسان، وتوفير البيئة التي يمكن للجميع المساهمة فيها.

وتؤكد جهود جلالته التزام المملكة بتمكين الأشخاص ذوي الإعاقة، وضمان حقهم في التعليم والعمل والمشاركة السياسية، وصولًا إلى مجتمع أكثر شمولًا وعدالة، حيث شكّلت القمة محطة عالمية بارزة، تم خلالها اعتماد "إعلان عمّان - برلين"، الذي ينص على تخصيص ما لا يقل عن 15 بالمئة من البرامج والمشاريع الإنمائية لدمج الأشخاص ذوي الإعاقة، كما قدّمت 88 جهة أردنية، شملت مؤسسات حكومية وممثلين عن المجتمع المدني والقطاع الخاص، 133 التزامًا لتعزيز حقوق هذه الفئة وتمكينها.

رئيسة لجنة الأشخاص ذوي الإعاقة في مجلس الأعيان، العين آسيا ياغي، قالت في تصريحات لوكالة الأنباء الأردنية (بترا)، إن الأردن كان من أوائل الدول في العالم التي وقعت وصادقت على اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، موضحة أنه في عام 2022، تم تعديل الدستور الأردني تأكيدًا على التزام المملكة بمبادئ حقوق الإنسان، بما في ذلك اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة.

وأشارت إلى تشريع الأردن لقانون حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة رقم 20 لسنة 2017، وقانون الأحزاب رقم (7) لسنة 2022، الذي حفظ الحق السياسي في الانتساب للأحزاب، وأن يكون عضو واحد على الأقل من المؤسسين في الأحزاب السياسية من الأشخاص ذوي الإعاقة، وأن يتم استقطاب وتمكين واستثمار طاقات الأشخاص ذوي الإعاقة في خدمة أهداف الحزب، على أن يتم توفير الترتيبات والمرافق التيسيرية لإمكانية الوصول لممارسة نشاطاتهم، والاستفادة من موارد الحزب المتوفرة بشكل عادل ومتكافئ، وخاصة أثناء الحملات الانتخابية. كما منح النظام مبلغ 10 آلاف دينار عن كل مقعد يفوز به حزب، يُضاف إليها 20 بالمئة عن كل فائز من الفئات التالية: المرأة، والشباب، والأشخاص ذوي الإعاقة.

وأضافت ياغي أن تعديلات قانون العقوبات عززت منظومة التشريع الوطني ورسّخت حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، موسّعةً نطاق الحماية الجنائية لهم، وأن العديد من الوزارات عدّلت أنظمتها وقوانينها الداخلية، كما تم التركيز على الاستراتيجيات الوطنية التي تعمل على تحسين إمكانية الوصول والعيش المستقل والتعليم والعمل وغيرها من منافذ الحياة للإنسان، موضحة أنه يتبقى على الجهات المعنية تفعيل هذه القوانين إلى ممارسات تعكس الإرادة السياسية للنهوض بواقع أبناء وبنات الوطن من الأشخاص ذوي الإعاقة.

وأوضحت ياغي أن مجلس الأعيان، من خلال اللجنة المختصة في متابعة تنفيذ مضامين قانون حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، يقع على عاتقه دراسة القوانين والأنظمة المتعلقة بالأشخاص ذوي الإعاقة، سواء على المستوى المحلي أو الدولي، ومراجعة جميع التشريعات من منظور حقوق الإنسان الشامل الذي لا يميز ولا يتعارض مع المعايير الدولية، إضافة إلى التنسيق مع باقي لجان مجلس الأعيان وتقديم الاستشارات اللازمة.

وأكدت على ضرورة إزالة أية فجوات تتعلق بالتمييز على أساس الإعاقة، نظرًا لأهمية مفهوم الدمج في جميع أنحاء المملكة، تحقيقًا لرؤى جلالة الملك عبدالله الثاني في المساواة وعدم التمييز، من خلال إعادة تأطير قضايا الإعاقة لتغدو ضمن سياق حقوقي وشمولي، يلزم كل مؤسسة وجهة الاضطلاع بدورها في تضمين برامجها وخدماتها متطلبات إشراك الأشخاص ذوي الإعاقة وكفالة وصولهم وحصولهم على الخدمات.

من جهته، ذكر رئيس جمعية النهضة للأشخاص ذوي الإعاقة، صالح الشرفات، أن الأردن حقق العديد من الإنجازات التي أسهمت في إحداث فرق ملموس في مجال تعزيز وكفالة حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، مشيرًا إلى أن الأردن ساهم بفعالية في صياغة الاتفاقية الدولية لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، وكان من أوائل دول العالم التي صادقت عليها، وأول دولة عربية تقوم بذلك.

وأوضح أن التحول من النهج الطبي والخيري الرعائي إلى النهج الاجتماعي الحقوقي بدأ في عهد جلالة الملك عبدالله الثاني، حيث تم إقرار قانون حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، الذي يُعد قانونًا عصريًا متقدمًا، يتبنى النهج الحقوقي ويمنع التمييز ضد الأشخاص ذوي الإعاقة. كما تم تأسيس المجلس الأعلى لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة عام 2007 كمظلة مرجعية رسمية، إضافة إلى إعداد استراتيجيات متعددة لتعزيز حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة ودمجهم في المجتمع، مثل: الاستراتيجية العشرية للتعليم الدامج، والاستراتيجية الوطنية لبدائل دور الإيواء الحكومية والخاصة، وإنشاء الأكاديمية الملكية للتعليم الدامج.

وفيما يتعلق بدور الجمعيات، أكد الشرفات أن الأشخاص ذوي الإعاقة ومنظماتهم يلعبون دورًا حيويًا في تعزيز وحماية وكفالة حقوقهم، على قدم المساواة مع الآخرين، تجسيدًا للشعار العالمي "لا شيء عنا بدوننا"، مشيرًا إلى أن أفضل من يدافع عن حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة هم الأشخاص ذوو الإعاقة أنفسهم.

وأضاف أن جمعية النهضة للأشخاص ذوي الإعاقة تُعد من المنظمات الرائدة في مجال تعزيز حقوق ومشاركة الأشخاص ذوي الإعاقة في مختلف المجالات، وخاصة التعليم، الذي يشكل الاستثمار فيه السبيل الوحيد لتحقيق تغيير اجتماعي حقيقي للأشخاص ذوي الإعاقة. كما أوضح أن الجمعية تقوم بدور توعوي في مجال حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، وتكافح مختلف أشكال التمييز والصور النمطية، وتسعى إلى تمكينهم من العيش باستقلالية وحرية، فضلًا عن العمل على دمجهم في المجتمع من خلال مشاركتهم في الحياة العامة والسياسية.

وفي إطار تعزيز المشاركة السياسية، أكد الناشط في مجال حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة محمد الحوامدة، أن التعديل الجوهري الذي شهدته المملكة على قانون الأحزاب، والذي اشترط وجود أحد المؤسسين من الأشخاص ذوي الإعاقة، شكّل نقطة تحول مهمة في مسار تمكين ذوي الإعاقة، مبينًا أن هذا التعديل أتاح للأشخاص ذوي الإعاقة فرصة حقيقية لإثبات قدرتهم على المشاركة الفاعلة في الحياة السياسية، وتحديد مصيرهم بأنفسهم. كما ساهم في تغيير الصورة النمطية السائدة عنهم كفئة تعتمد على الرعاية، إلى فئة فاعلة قادرة على المساهمة في صنع القرار.

وأضاف أن التقدم الملموس على أرض الواقع تجلّى في ترشّح ثلاثة من الأشخاص ذوي الإعاقة ضمن القوائم الحزبية خلال الانتخابات الأخيرة، وقد جاء ترتيبهم متقدمًا، مما أسهم في تحسين واقع العملية الانتخابية، لا سيما فيما يتعلق بالترتيبات التيسيرية داخل مراكز الاقتراع والفرز، ورفع نسبة مشاركة الناخبين من ذوي الإعاقة.

وعلى صعيد التعليم الدامج، أشار الحوامدة إلى أن نظام الأكاديمية الملكية للتعليم الدامج للأشخاص ذوي الإعاقة، الذي صدر مؤخرًا، يُعد بداية حقيقية لتفعيل قانون حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة وترجمته إلى سياسات وممارسات، من شأنها تعزيز الدمج الفعلي في المدارس، بما يتماشى مع اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة التي التزم بها الأردن، الأمر الذي سيرفع نسب الالتحاق بالتعليم، ويعزز فرص الأشخاص ذوي الإعاقة في مختلف مجالات الحياة.

ويجسد تطور حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة في الأردن، صورة واضحة لالتزام الدولة بنهج إنساني وتنموي متكامل، يستند إلى قيم العدالة والمساواة، ويعكس رؤية القيادة الهاشمية في صون كرامة الإنسان وتعزيز مشاركته.

ومع استمرار الجهود الوطنية لتنفيذ مضامين قانون حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، تتواصل مسيرة التمكين والدمج، تأكيدًا على أن الأردن يسعى لتحقيق مسيرة شاملة تعلي من قيمة الإنسان وتكفل له سبل العيش الكريم.

بترا