نقدم لكم زوارنا الكرام أهم وآخر المستجدات كما وردت في المقال التالي: مبنى محطة الحجاز.. رمز من رموز دمشق الحضارية - تليجراف الخليج اليوم الخميس 5 يونيو 2025 12:13 صباحاً
على مسافة قصيرة غرب سوق الحميدية الشهير بدمشق، يتموضع مبنى محطة الحجاز التاريخي، الذي يزيد عمره على قرن ونيف، ليشكل أحد الرموز التي تدل على الأهمية الحضارية للمدينة على مر العصور.
المحطة، التي صممها مهندس إسباني، مازج بها فن العمارة الإسلامية بالأوروبية، ارتبط وجودها بالخط الحجازي الواصل بين دمشق والمدينة المنورة، حيث أسهم هذا المشروع الاستراتيجي في اختزال رحلة الحج الطويلة إلى 5 أيام فقط، وزيادة عدد الحجاج لنحو 8 سنوات من الزمن، وليظهر مكانة دمشق، التي كانت نقطة تجمع الحجاج القادمين من آسيا.
تحفة معمارية
تقول الباحثة في تاريخ دمشق، إلهام محفوض، إن «مبنى محطة الحجاز، يعتبر من أجمل التحف المعمارية الماثلة إلى يومنا هذا، ولها عشاقها من الذواقة والمهتمين بتفاصيل ذاكرة دمشق، أيام الحج لبيت الله الحرام».
وأضافت محفوض أن «المحطة من تصميم المهندس الإسباني الأصل، فرناندو دي أراندا، حيث استطاع أن يجمل هذا الصرح، بأن زاوج بين روح الشرق بنكهة أوروبية، فهذا البناء شاهد حي على الإبداع والإتقان».
واجهة
وتوضح محفوض أن «المحطة تحتوي على ديكورات خشبية، كانت تبرعات من عائلة الدهان للمحطة، وعمرها أكثر من 120 عاماً».
فكرة
تقول محفوض إن «محطة الحجاز ارتبطت بالخط الحديدي الواصل بين دمشق والمدينة المنورة، حيث تنوعت المصادر والمراجع حول تحديد جهة صاحب فكرة إنشاء الخط الحديد الحجازي، فمنهم من أرجع الفكرة إلى ملكة بريطانيا فيكتوريا، والتي أرسلت رسالة للسلطان عبد الحميد الثاني، توضح أن رعاياها المسلمين في الهند، يعانون الكثير أثناء أداء فريضة الحج، ومنهم من يُرجع الفكرة للمهندس الأمريكي الألماني مارنز، إلا أنه من الجدير ذكره، ما وثقه السلطان عبد الحميد الثاني في مذكراته (أخيراً تحقق الخط الحجازي، ذلك الحلم الذي طالما راشد مخيلتي)».
وتابعت أنه «لعل من أهم دوافع إنجاز هذا المشروع، هو تخفيف الأعباء والمشاق التي كانت تعترض حجاج بيت الله الحرام، أثناء ذهابهم من دمشق للمدينة المنورة، فجاء هذا المشروع خدمة للإسلام».
وأردفت «كانت خطة السلطان عبد الحميد الثاني، مع أحمد عزت باشا، لتمويل المشروع، هي اقتطاع عشر من رواتب موظفي السلطنة العثمانية، إذ لم يعترضوا على هذا القرار، لأنهم كانوا معتبرين أن هذا واجب وطني وديني، كما كانت من ضمن المقترحات، بيع ألقاب مثل لقب بيك وباشا، ووصلت قيمة اللقب إلى 200 ليرة ذهبية عثمانية، بالإضافة إلى استصدار طوابع للبيع، عدا أنه تم إرسال للمناطق الإسلامية رسائل، تحث على دعم المشروع، فاستجاب والي مصر، عباس حلمي، كما استجاب مسلمو الهند، وعرض السلطان أوسمة للمتبرعين».
إنجاز
تقول محفوض إن «العمل بمشروع الخط الحجازي من دمشق، بدأ بعام 1900، وكان يتم استخدام الطريق مباشرة، عندما ينتهي كل جزء، وتم تقسيمه لمراحل، فمن دمشق إلى درعا 1900 - 1903، ومن ثم إلى حيفا بعام 1905، وبعام 1906، وصلوا إلى مدائن صالح، وبعام 1908، وصلوا إلى المدينة المنورة، رغم كل الصعوبات التي واجهوها، مثل التضاريس، ونقص المياه، والحر الشديد ووجود البدو».
وتابعت محفوض أن «أول قطار انطلق من دمشق إلى المدينة المنورة في 22 أغسطس 1908، ورحلة الحجاج كانت تستغرق 40 يوماً، وبالقطار أصبحت 5 أيام»، لافتة إلى أن «عدد الحجاج قبل بدء عمل القطار كان 80 ألفاً، وبعد القطار وصل عدد حجاج بيت الله الحرام إلى 300 ألف».
وأردفت «صاحب افتتاح سكة حديد الحجاز، إضاءة المدينة المنورة لأول مرة بالتاريخ، فتم إنارة المسجد النبوي، واستمر هذا المشروع ونقل الحجاج وبضائعهم حتى 1916».
معارض
وتشير الباحثة محفوض إلى أن «المحطة تحتوي على عدة متاحف، وهي المتحف الحي، الذي يضم تجهيزات مهمة، ومجموعة من المخارط العملاقة لخرط دواليب القطارات، ومتحف القاطرات البخارية في الهواء الطلق، ويضم 14 قاطرة بخارية، مع شروحات توضح المنشأ، وقدرتها على استيعاب المسافرين، متحف المقتنيات الأثرية، الذي يجمع كل ما له علاقة بأدوات وقطع التذاكر، عدا قسماً للوثائق التاريخية، كما يُعرض في بهو المحطة صور فوتوغرافية وفوانيس وموجودات ترصد تاريخ النقل السككي».