مجموعات متطرفة مجهولة الهوية تثير الشكوك في سوريا ولبنان؟! - تليجراف الخليج

شكرًا لمتابعتكم، سنوافيكم بالمزيد من التفاصيل والتحديثات الاقتصادية في المقال القادم: مجموعات متطرفة مجهولة الهوية تثير الشكوك في سوريا ولبنان؟! - تليجراف الخليج ليوم السبت 7 يونيو 2025 03:35 صباحاً

شكل سقوط النظام السوري السابق، برئاسة ​بشار الأسد​، مباشرة بعد توقيع إتفاق وقف إطلاق النار في ​لبنان​، على وقع إستمرار العدوان ال​إسرائيل​ي على قطاع غزة، نقطة تحول كبرى على مستوى المنطقة، تمثلت في تقدم نفوذ بعض القوى الإقليمية، أبرزها ​تركيا​ وإسرائيل، مقابل تراجع أخرى، أهمها ​إيران​، من دون أن يتضح المسار الذي سترسو عليه الصورة النهائية في المنطقة، التي تشهد، منذ ذلك الوقت، مفاجآت شبه يومية.

التطور الأبرز، في هذا المجال، هو الصورة التي ظهر فيها الرئيس السوري الإنتقالي ​أحمد الشرع​، منذ لحظة وصوله إلى دمشق، حيث قرر التخلي عن الأفكار السلفية الجهادية التي كان يحملها، ساعياً إلى تقديم نفسه كرجل براغماتي، قادراً على نسج التفاهمات والتحالفات مع الغرب، الذي كان يدعو إلى محاربته، وصولاً إلى لقائه مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب في السعودية، بالتزامن مع تقديمه خطاباً متصالحاً مع إسرائيل، رغم إستمرار الإعتداءات التي تقوم بها تل أبيب داخل الأراضي السورية.

بعيداً عن الصورة التي كان الشرع يسعى إلى الظهور فيها، كانت الكثير من الأسئلة تُطرح حول العديد من ​المجموعات المتطرفة​ التي كانت متحالفة معه، أبرزها من المقاتلين الأجانب، بالإضافة إلى مصير تنظيم "​داعش​" الإرهابي في المستقبل، حيث كان من الواضح أن الشرع، بسبب دقة الملف الأول، سعى إلى التعامل معه بهدوء تام، بشكل لا يهدد سلطته أو يدفع هؤلاء إلى الإنقلاب عليه، في حين أن "داعش" لم يتأخر في إعلان الحرب عليه، داعياً من كانوا على تحالف معه إلى الإنضمام إلى التنظيم.

وسط كل ذلك، لا يمكن تجاهل نشاط أجهزة الإستخبارات الإقليمية والعالمية، التي ليست بعيدة عن عمل التنظيمات المتطرفة، التي هي عبارة عن شركات مساهمة، تنشط فيها تلك الأجهزة لتحقيق مصالح بلادها، ولذلك كان من الطبيعي البحث عن تطور نشاطها، في المرحلة الراهنة لفهم ما يحصل، لا سيما أن المنطقة لا تزال مسرحاً لتنافس مشاريع متناقضة، إنطلاقاً من الرهانات حول مستقبل الأوضاع في ​سوريا​، الأمر الذي لا ينفصل، بحسب المؤشرات، عن الساحة اللبنانية، التي تشهد أيضاً تحولات كبرى.

في ظل الإنفتاح الدولي والإقليمي على دمشق، الّذي يسعى البعض إلى تقديمه نموذجاً لما يراد أن تكون عليه الأنظمة في المنطقة، لا يمكن تجاهل المواقف التي كانت قد صدرت عن الموفد الأميركي إلى سوريا توم باراك، التي أشار فيها إلى أن "​اتفاقية سايكس​-بيكو قسمت سوريا والمنطقة الأوسع لتحقيق مصالح إمبريالية"، معتبراً أن "هذا الخطأ كلّف أجيالاً كاملة، ولن نسمح بتكراره مرة أخرى"، مضيفاً: "المستقبل يعود للحلول الإقليمية، المبنيّة على الشراكات والدبلوماسيّة القائمة على الاحترام".

هذا الموقف، في هذه المرحلة من تاريخ المنطقة، لا ينبغي أن يمر مرور الكرام، بل من المفترض أن يربط، قبل أي أمر آخر، بنشاط المجموعات المتطرفة، حيث من الممكن الإشارة، في هذا المجال، إلى كل من سرايا "أنصار السنة"، التي أعلنت عن نفسها في سوريا لكن تحدثت في أحد بياناتها عن لبنان، "لواء أحمد الأسير" الذي أعلنت عنه مجموعة من 3 أشخاص، بالإضافة إلى المعلومات التي كانت قد تحدّثت عن عودة "داعش" إلى التحرك في البلدين، لكن الأهمّ ما تم التداول به عن تعيينه والياً في لبنان.

من حيث المبدأ، المشترك بين جميع هذه المجموعات أنها لا تزال مجهولة النسب، لكن يبقى الأخطر "داعش"، إلا أنّ اللافت، في ظلّ تصاعد الخطاب الطائفي على مستوى المنطقة، هو أنها تعتمد، في جميع إصداراتها على تعزيز هذا الخطاب، الأمر الذي يصب في إطار تسعير الانقسامات والمخاوف بين مختلف المكونات الطائفية والعرقية، وهو ما كان قد ساهم فيه وصول الشرع إلى السلطة في دمشق، ما دفعها إلى تبني الدعوات إلى الحماية الدولية، بالتزامن مع مطالبتها بأن يكون النظام الجديد في البلاد فيدرالي أو يؤمن لها الحكم الذاتي.

هنا من الممكن الحديث عن تطورين بارزين: الأول هو أن التركيز على نشاط المجموعات المرتبطة بالواقع اللبناني، يأتي في ظل فتح ملف السلاح في المخيمات الفلسطينية، ربطاً بالواقع الأمني المعروف الذي يثير المخاوف مع عين الحلوة، بالتزامن مع إستمرار الإعتداءات الإسرائيلية والسجالات السياسية حول سلاح "​حزب الله​"، أما الثاني فهو إطلاق الصواريخ نحو الجولان من داخل الأراضي السوريّة، الذي تبنته مجموعة مجهولة تحمل إسم "كتائب محمد الضيف"، القيادي في حركة "حماس"، في حين تُثار الكثير من الشكوك حول إمكانية أن تكون تل أبيب وراء ذلك، في إطار ما تخطط إليه على الساحة السورية.

في مطلق الأحوال، ما يمكن التأكيد عليه، بحسب هذه المؤشرات، أن هناك من يسعى إلى أن تكون المجموعات المتطرفة، بغض النظر عن حجم نشاطها وقدراتها، جزء من مسار رسم صورة المنطقة في المستقبل، بعد أن كانت من أبرز اللاعبين في التحولات التي شهدتها في السنوات الماضية.