إيطاليا تُصوّت على الجنسية والعمل.. استفتاء قد يفتح الباب أمام آلاف المغاربة لنيل "الاعتراف الرسمي" - تليجراف الخليج

نقدم لكم زوارنا الكرام أهم وآخر المستجدات كما وردت في المقال التالي: إيطاليا تُصوّت على الجنسية والعمل.. استفتاء قد يفتح الباب أمام آلاف المغاربة لنيل "الاعتراف الرسمي" - تليجراف الخليج اليوم الأحد 8 يونيو 2025 03:19 مساءً

بدأ الناخبون في إيطاليا، صباح الأحد، الإدلاء بأصواتهم في استفتاء شعبي يمتد ليومين ويهدف إلى تقليص المدة القانونية للحصول على الجنسية من عشر سنوات إلى خمس، إلى جانب مراجعة قوانين الشغل لصالح العمال، في خطوة ووجهت برفض واضح من حكومة جورجيا ميلوني ودعوات لمقاطعتها، ما يهدد بإفشال العملية لعدم بلوغ النصاب القانوني.

وتقترح المبادرة، التي أطلقتها نقابات عمالية وجمعيات حقوقية مدعومة من أحزاب يسارية، السماح للمهاجرين من خارج الاتحاد الأوروبي بطلب الجنسية الإيطالية بعد خمس سنوات من الإقامة القانونية، عوضاً عن عشر سنوات كما هو معمول به حالياً، وهو تعديل من شأنه أن يُتيح الفرصة أمام أكثر من 2.5 مليون مهاجر، معظمهم من المغرب وألبانيا ودول أمريكا اللاتينية، للاندماج بشكل فعلي في المجتمع الإيطالي.

كما شددت جورجيا ميلوني، رئيسة الوزراء وزعيمة حزب "إخوة إيطاليا" اليميني المتطرف، على معارضتها المطلقة لهذا التعديل، معتبرة أن "القانون الحالي من بين أكثر القوانين انفتاحاً في أوروبا"، مؤكدة أن إيطاليا كانت من بين أكثر الدول منْحاً للجنسية خلال السنوات الماضية، حيث تجاوز عدد الحاصلين عليها عام 2023 وحده 213 ألف شخص، 90 بالمئة منهم من خارج الاتحاد الأوروبي.

ورغم تعهدها بالتوجه إلى مركز التصويت كـ"إشارة احترام للمؤسسات"، أكدت ميلوني أنها لن تصوت، وهو موقف وصفته المعارضة بـ"التهرب المؤسساتي" ودعت إلى اعتباره شكلاً غير مباشر من المقاطعة.

في المقابل، دعا فنانون وناشطون من أصول مهاجرة إلى التصويت بـ"نعم"، معتبرين أن الأمر يتعلق بـ"كرامة إنسانية وحق أصيل في الانتماء". وقال مغني الراب الشهير "غالي"، الذي وُلد في ميلانو لأبوين تونسيين: "عشت حياتي كلها هنا، لكنني حصلت على الجنسية فقط عندما بلغت 18 سنة"، مشدداً على أن الاستفتاء يمثل فرصة لمنح المهاجرين شعوراً حقيقياً بالمواطنة والانتماء.

وأبرزت ميشيل نغونو، وهي سيدة أعمال في مجال الموضة وناشطة في قضايا التنوع الثقافي، أن "هذا الاستفتاء يتعلق في جوهره بحاجز غير مرئي يحول دون الاعتراف الكامل بمن وُلدوا أو عاشوا في إيطاليا، رغم مساهمتهم الاقتصادية والاجتماعية"، مضيفة أن "غياب الجنسية يحرم آلاف الشباب من فرص متساوية، خاصة في القطاعات الإبداعية".

وتتضمن ورقة الاقتراع أربعة أسئلة أخرى تتعلق بتعديل قانون العمل، وتهم حماية أفضل من الطرد التعسفي، وزيادة تعويضات نهاية الخدمة، وتحويل العقود المؤقتة إلى دائمة، وكذا تعزيز مسؤولية أرباب العمل في حوادث الشغل، وهي مقترحات قدمها اتحاد نقابات العمال (CGIL) في محاولة للتراجع عن إصلاحات سوق العمل التي أقرها اليسار نفسه قبل عقد من الزمن.

لكن المراقبين لا يُبدون تفاؤلاً كبيراً بشأن نسبة المشاركة، حيث أظهرت استطلاعات الرأي منتصف ماي أن أقل من 50 بالمئة من الإيطاليين على علم بفحوى الاستفتاء، بينما تتوقع التقديرات أن لا تتجاوز نسبة المشاركة 35 بالمئة، ما قد يجعل الاستفتاء غير ملزم قانوناً بسبب عدم بلوغ النصاب المحدد بنصف عدد المسجلين زائد واحد.

ويرى محللون أن هذا الاستفتاء، بغض النظر عن نتيجته، يطرح أسئلة جوهرية حول هوية إيطاليا ومستقبلها الديمغرافي، في وقت تعرف فيه البلاد تراجعاً في معدل الولادات وارتفاعاً ملحوظاً في نسبة السكان فوق 65 سنة، بينما تشكل الجالية الأجنبية نحو 11 بالمئة من تلاميذ المدارس و13.5 بالمئة من المواليد الجدد.

ويؤكد المراقبون أن المهاجرين، رغم مساهمتهم الاقتصادية ودفعهم للضرائب، لا يزالون خارج دائرة المشاركة السياسية، ما يجعل هذا الاستفتاء، في نظر كثيرين، اختباراً لمستوى انفتاح المجتمع الإيطالي وقدرته على إعادة تعريف مفهوم "المواطنة".