ألعاب سباق كلاسيكية أسهمت في تطوير نوع ألعاب السباق ليكون كما هو اليوم – الجزء السابع عشر - تليجراف الخليج

نقدم لكم زوارنا الكرام أهم وآخر المستجدات كما وردت في المقال التالي: ألعاب سباق كلاسيكية أسهمت في تطوير نوع ألعاب السباق ليكون كما هو اليوم – الجزء السابع عشر - تليجراف الخليج اليوم الاثنين 9 يونيو 2025 06:48 صباحاً

الرياض - ايمان الباجي - نستكمل مقالتنا

Super Cars II (1991)

تنتمي لعبة السباقات ذات المنظور العلوي هذه بامتياز إلى تسعينيات القرن الماضي، وقد احتوت على نمط مهني نجرؤ على القول إنه لم يُتجاوز حتى اليوم في ألعاب القيادة. فإلى جانب جمع النقاط في البطولات بالشكل المعتاد، والتسابق ضد سائقين يحملون أسماء ساخرة مثل “Ayrton Sendup” و”Crashard Banger”، كنت منشغلًا خارج المضمار بقدر ما كنت عليه داخله. بين السباقات، تجد نفسك تطالب الراعي بالمزيد من التمويل، وتحاول تفادي انتقادات النشطاء البيئيين، وتتفاوض مع محامي أقارب أثرياء طمعًا في بعض المال الإضافي.

وكان كل قرش تجمعه ضروريًا، ليس فقط لتكاليف الإصلاح، بل كذلك لتسليح سيارتك بترسانة من الأسلحة التي قد تجعل رامبو يشعر بالخجل. ففي عالم Super Cars II الذي بالكاد يخضع لأي تنظيم، إذا لم تكن مهاراتك في القيادة كافية، يمكنك ببساطة تثبيت بعض الصواريخ الموجهة على مقدمة سيارتك -الشبيهة بـAlfa Romeo SZ- وتوجيهها نحو عادم السيارة التي أمامك. وعلى ما يبدو، فإن اللعبة تعتبر التجاوز النظيف هو ذاك الذي لا تتناثر فيه بقايا خصمك على طلاء سيارتك.

والأمر الإيجابي هو أن نمط اللعب الثنائي على شاشة منقسمة كان تعاونيًا أكثر منه تنافسيًا، حيث يكفي أن يعبر أحدكما خط النهاية بسيارة قابلة للحركة لكي يتمكن كلاكما من الاستمرار في البطولة. مما يجعل من السهل الادعاء بأن إطلاق النار على زميلك في الفريق كان مجرد “حادث غير مقصود”.

ومع ذلك، وبغض النظر عن كمية الذخيرة التي كنت تحملها، كان لا بد من التعامل مع القفزات الدقيقة، والأنفاق المظلمة، والقطارات التي لا يمكن إيقافها، المنتشرة على طول الحلبات. وكل ذلك باستخدام عصا تحكم بزار واحد، تجبرك على الاختيار بين الضغط على دواسة الوقود أو الكبح يدويًا.

Richard Burns Rally [2003]

بدت لعبة Richard Burns Rally عام 2003 وكأنها مصممة لفئة ضيقة من اللاعبين لا تحب المرح كثيرًا. كتب موقع GamesRadar آنذاك أن اللعبة ببساطة “غير ودودة لدرجة أنها غير ممتعة” إلا إن كنت مهووسًا بألعاب الرالي. النقاد لم يخطئوا: الفيزياء الدقيقة للقيادة كانت صارمة لدرجة أنها صدّت حتى اللاعبين المخضرمين، فاعتبروها عملًا معقدًا أكثر من كونه لعبة ترفيهية.

لكن بعد عشرين عامًا، أصبحت اللعبة تُعد من أعظم ألعاب الرالي على الإطلاق، حتى عند مقارنتها بعمالقة العصر الحديث مثل Dirt Rally 2.0. بل إن هناك من يعتبرها الأفضل بدون منازع، ويتحدث بذلك بحماس حاد يصل لحد التخويف. مجتمع التعديل (modding) الذي نشأ حولها دعمها بكل شيء: تحسينات في الفيزياء، وقفزة هائلة في الرسوم، وإضافة لعشرات السيارات والحلبات الجديدة التي تتطلب عمرًا بأكمله لخوضها.

ورغم أن تقييم النقاد لصعوبتها القاسية لم يكن ظالمًا، فإن اللعبة كانت تحاول تقديم تجربة قيادة حقيقية للغاية. بالمقارنة، لعبة Colin McRae Rally التي صدرت في نفس الفترة كانت أكثر مرحًا وانسيابية، وأقرب لروح المغامرة منها إلى الواقعية المرهقة. لقد كانت أشبه برسالة سريعة من كولن نفسه: “إن لم تكن متأكدًا، فاضغط بأقصى ما لديك”. أما في Richard Burns Rally، فقد كانت أولى المنعطفات بمثابة صدمة باردة: هنا، لا مكان للاندفاع، ولا فرصة للخطأ.

أبرز ما قدمته اللعبة هو الشعور الحقيقي بما يتطلبه قيادة سيارة رالي عبر غابة قاتلة بطول 10 كيلومترات. كانت تدفعك للتفكير بمنطق الزوايا والاتجاهات بدلًا من مجرد السرعة. في RBR، كنت تقود السيارة وكأنك ترقص بها على الحافة، مستخدمًا دفعات قصيرة من دواسة الوقود لتتموضع بدقة قبل المنعطف التالي. الأمر لم يكن عن التقدم للأمام، بل عن كيفية الانتقال العرضي بين اليسار 3 واليمين 4 بدون أن تفقد التوازن.

هذه الفلسفة كانت صادمة تمامًا في 2003، خصوصًا للاعبين الذين كانوا يتحكمون في اللعبة من خلال أسهم لوحة المفاتيح. ومع مرور الوقت، تحولت اللعبة من مجرد عنوان إلى منصة كاملة. نقلت RallySimFans -وهي حزمة تطويرية أنشأها المعجبون- اللعبة إلى مستوى آخر: فيزياء محدثة، وسيارات جديدة من كل عصور الرالي، وحتى بطولات على الإنترنت تقام في وقت فعلي. كل شيء تغير، إلا الشيء الأهم: قيادة مقنعة، مليئة بالتحدي، لا ترحم.

مات Richard Burns في نوفمبر 2005 بعد صراع مع ورم دماغي. وبعدها بعامين، مات Colin McRae في حادث تحطم مروحية مع ابنه الصغير واثنين من أصدقائه. كلاهما ترك فراغًا هائلًا لا يمكن سده، ولا زالت أسماؤهم تهمس بها أفواه عشاق الرالي حتى اليوم، لا فقط لإنجازاتهم على المضمار، بل أيضًا لأن ألعابهما كانت ما عرّفت جمهورًا كاملًا على سحر هذه الرياضة.

جعلتنا Colin McRae Rally نؤمن بأن الرالي هو فوضى ممتعة بلا حدود. جعلتنا Richard Burns Rally ندرك أنه خلف تلك الفوضى يقبع شيء أقرب إلى المستحيل.