نقدم لكم زوارنا الكرام أهم وآخر المستجدات كما وردت في المقال التالي: وفاة الفنانة اليمنية الكبيرة تقية الطويلية بعد صراع... - تليجراف الخليج اليوم الاثنين 9 يونيو 2025 10:54 مساءً
رحلت، الإثنين، الفنانة اليمنية الكبيرة "تقية الطويلية"، إحدى رائدات الغناء الشعبي في اليمن، بعد صراع طويل مع المرض، عن عمر ناهز 73 عاماً، قضته كله في خدمة الفن والتراث اليمني، حيث وافتها المنية في أحد مستشفيات العاصمة صنعاء.
وأكدت مصادر مقربة من أسرة الفنانة الراحلة أن "تقية" فارقت الحياة بعد تدهور حالتها الصحية مؤخراً، رغم المحاولات العديدة لتلقي العلاج وسط ظروف صحية ومعيشية صعبة يمر بها البلد منذ سنوات.
مسيرة فنية عطرية بدأت من "الطويلة"
ولدت تقية الطويلية عام 1952 في قرية "الطويلة" بمحافظة المحويت، ومنها انطلقت إلى سماء الغناء اليمني، لتُصبح واحدة من أهم الأسماء النسائية في الساحة الفنية، وتُلقب لاحقاً بـ"ملكة الغناء النسائي" في اليمن، خاصة فيما يتعلق بالغناء الفلكلوري والشعبي، وبشكل خاص اللون الصنعاني الذي برعت فيه وتمكّنت من إحيائه بصوتها الأجش المعبر.
أكثر من 21 ألبوماً غنائياً.. وأغاني وطنية وعاطفية لا تُنسى
تميزت الفنانة الراحلة بتعددية أغانيها، إذ امتدت مسيرتها الفنية لعقود، خلالها سجلت أكثر من 21 ألبوماً غنائياً، وقدمت عشرات الأعمال التي تنوعت بين الوطني والعاطفي، وكان لها دور كبير في تعزيز الهوية الثقافية اليمنية عبر كلمات أغنيتها التي حملت مشاعر الناس وهمومهم وانتصاراتهم.
رائدة تحدي التقاليد.. وواحدة من أوائل المطربات في اليمن
لم تكن تقية الطويلية مجرد مطربة، بل كانت رمزاً لامرأة يمنية استطاعت أن تشق طريقها في مجتمع كان ولا يزال يحمل الكثير من التحفظات تجاه المرأة في الفن. فهي من أوائل الفنانات اليمنيات اللواتي تحدين الصعوبات المجتمعية، واخترن درب الفن بكل شجاعة وإصرار.
وكان لمثيلاتها من الفنانات آنذاك الدور الأكبر في فتح الطريق أمام الجيل القادم من النساء الموهوبات، لتُمارس تقية موهبتها على الرغم من كل الضغوط، وتنشر فنها بين الناس في المناسبات العامة والوطنية، من زفة وأفراح وحفلات ثقافية، وصولاً إلى المشاركة في الأسابيع الثقافية داخل اليمن وخارجه.
تعاونات مع كبار فناني اليمن
بدأت تقية مشوارها الفني مبكراً، إذ غنت مع أشهر فناني اليمن، وفي مقدمتهم المرحومان علي السمة ومحمد حمود الحارثي، اللذين كان لهما دور كبير في دعمها وتشجيعها، كما أنها غنت مع الفنان الكبير علي الانسي في بداية مشوارها، ما شكّل دعماً معنوياً لها في بداياتها الأولى.
وفي سبعينيات القرن الماضي، كانت تقية حاضرة بقوة في المشهد الثقافي، وكانت جزءاً من النشاط الفني الذي كان يتم في مبنى المسرح العسكري البسيط آنذاك، والذي شهد مشاركة أبرز فنانين اليمن في تلك الفترة، مثل: محمد قاسم الأخفش، أحمد السنيدار، أحمد المعطري، علي حنش، عبد الكريم علي قاسم، يحيى العرومة، يحيى قاسم الأخفش، محمد الحرازي، ومحمد علي حسن.
صوت المقاومة والفرح.. والمُصورة تتحدث عن كفاحها
وصف المصور عبدالرحمن الغابري الفنانة تقية بأنها "كانت نموذجاً للمرأة المكافحة التي واجهت الموت مراراً بسبب إصرارها على ممارسة الفن في ظروف مجتمعية صعبة ومتزمتة"، مشيراً إلى أن تقية لم تكتفِ فقط بكونها مطربة، بل كانت رمزاً وطنياً، غنت للثورة وللحياة، وشاركت في العديد من المناسبات الوطنية والأفراح الشعبية.
وقال الغابري: "تعرفت على فنانتنا الكبيرة تقية في مطلع سبعينيات القرن الماضي، في مبنى المسرح العسكري، الذي كان بسيطاً لكن نشاطه كان كبيراً، وكان يضم كل فنانينا الكبار الذين غنت معهم تقية في أول تسجيلاتها".
إرث فني لا يُمحى
ورغم كل الصعوبات التي واجهتها طوال حياتها، إلا أن تقية الطويلية تمكّنت من ترك بصمة واضحة في التاريخ الفني اليمني، سواء من خلال أعمالها الإبداعية أو من خلال شخصيتها القوية التي تمكّنت من تجاوز الحواجز الاجتماعية، لتُصبح مصدر إلهام لكثيرات من الفنانات اللواتي جاءت بعدَها.
وبرحيلها، يفقد الوسط الفني اليمني واحداً من أبرز أعمدته النسائية، ويترك فراغاً لا يمكن تعويضه، لكن أعمالها ستظل شاهداً حياً على مسيرة امرأة عاشت للغناء، وغنت لكل شيء جميل في الحياة.