هل تغير جوجل ملامح الإنترنت إلى الأبد؟ - تليجراف الخليج

نقدم لكم زوارنا الكرام أهم وآخر المستجدات كما وردت في المقال التالي: هل تغير جوجل ملامح الإنترنت إلى الأبد؟ - تليجراف الخليج اليوم الجمعة 13 يونيو 2025 08:00 مساءً

مع إطلاقها لأداة ذكاء اصطناعي ثورية على محرك بحثها، تتجه أنظار العالم اليوم نحو جوجل، في محاولة لفهم تداعيات هذا التحول على مستقبل الإنترنت والنموذج الذي قام عليه لعقود. ففي حين يراه البعض فرصة لإعادة إحياء الشبكة العنكبوتية، يثير آخرون مخاوف من أن هذا التغيير قد يهدد جوهر الويب ويعصف بمرحلة المحتوى العضوي التي شكّلها.

اليوم، يُبنى الإنترنت على علاقة تبادلية واضحة: فالمواقع تتيح لمحركات البحث الوصول إلى محتواها مجاناً، مقابل توجيه المستخدمين إليها، حيث يتم شراء المنتجات وعرض الإعلانات، وهو نموذج اقتصادي يعتمد بشكل كبير على حركة المرور العضوية. وتُقدّر نسبة النشاطات التي تبدأ عبر محركات البحث بحوالي 68%، وأن حوالي 90% من عمليات البحث تتم على جوجل، مما يجعله القوة المسيطرة على شكل وتوجه الإنترنت.

تطبيقات الدردشة

ومع ذلك، بدأت التغيرات الطفيفة تظهر منذ سنوات، وأثارت قلق الكثيرين، لا سيما مع إطلاق أدوات تعتمد على الذكاء الاصطناعي، مثل «نظرات الذكاء الاصطناعي» (AI Overviews)، التي تظهر الآن في نتائج البحث. وأخيراً، أعلنت جوجل عن تطوير «وضع الذكاء الاصطناعي» (AI Mode)، الذي يمثل نقلة نوعية، حيث يحل محل نتائج البحث التقليدية بروبوت دردشة يُولّد مقالاً موجزاً يجيب عن استفسارات المستخدمين بشكل مباشر. ويُطرح حالياً كخيار اختياري في الولايات المتحدة، مع توقعات بأن يصبح الخيار الافتراضي في المستقبل القريب.

ويحذر الخبراء من أن هذا التوجه قد يؤدي إلى تدهور حركة المرور لمواقع الإنترنت، ويهدد نماذج الإيرادات التي تعتمد عليها آلاف المواقع، خاصة تلك التي تعتمد على الزيارات العضوية. ويخشون أن تفرض جوجل السيطرة المطلقة على سوق المحتوى، وتصبح صاحبة الكلمة الأخيرة فيما يُعرض ويُحجب، مما يضعف تنوع المحتوى ويقيد حرية منشئيه.

وفي المقابل، تؤكد جوجل أن هذه التغييرات ستسهم في تحسين جودة وفاعلية الإنترنت، وأنها ستوفر تجارب بحث أكثر تنوعاً وملاءمة لاحتياجات المستخدمين، مع الحفاظ على دعم المواقع والمحتوى الرقمي. ويقول متحدث رسمي باسم الشركة: «نحن نعمل على توصيل المستخدمين بالمحتوى المفيد، وابتكارات مثل وضع الذكاء الاصطناعي تفتح آفاقاً جديدة لاكتشاف وتطوير المحتوى».

ومع اقتراب العامين المقبلين، يتوقع أن يشهد الإنترنت تحولات جذرية قد تعيد تشكيل ملامح الويب، وتثير أسئلة جوهرية حول مستقبل المحتوى، ودور منشئيه، والنموذج الاقتصادي الذي قام عليه. ويبقى السؤال الأهم: كيف ستتفاعل المجتمعات الرقمية مع هذا التحول، وما هو شكل العالم الافتراضي؟

49 %

وفي سياق هذه التطورات، أظهرت بيانات شركة BrightEdge، المختصة في تحليل البيانات، أن نظرات الذكاء الاصطناعي أدت إلى ارتفاع في عدد الانطباعات على الإنترنت بنسبة 49%، بينما انخفضت نسبة النقرات بنسبة 30%، إذ أصبح الناس يتلقون إجاباتهم مباشرة من الذكاء الاصطناعي، وكأن المحتوى قد تلاشى أمام أعينهم، ليحل محله صوت الآلة الذي يجيب بلا عناء.

ويب الآلة

في زمن «ويب الآلة»، تتغير ملامح العالم الرقمي أمام أعيننا. يراود البعض أمل أن يشرق فجر حقبة جديدة، يسمونها «مستقبل الويب الآلي»، حيث تُبنى المواقع ليست للبشر، وإنما لقراءة الذكاء الاصطناعي، وتصبح ملخصات الروبوتات الوسيلة الأساسية لاستقاء المعرفة، كأننا نعيش في عالم يحكمه الآلات، ويُختزل فيه السؤال إلى إجابة سريعة بلا عناء.

وفي حديثه عن هذا التحول، قال ديميس هاسابيس، رئيس شركة جوجل ديب مايند، إن الناشرين قد يختارون توصيل محتواهم مباشرة إلى عيون الآلات، دون أن يمر عبر عيون البشر، وربما يتجنبون عناء وضع المعلومات على مواقعهم لقراءتها من قبل الإنسان. وأضاف بنبرة تتسم بالتفاؤل: «أعتقد أن الأمور ستتغير بشكل جذري خلال سنوات قليلة».

وفي النهاية، سيصبح العالم أكثر سهولة، حيث تترتب الإجابات جاهزة عند الطلب، لكن هذا السهل قد يكون بمثابة هدم لروائع الويب التي أسرتنا لعقود، تلك اللحظات السحرية التي تمنحنا فرصة للغوص في مغامرات غير متوقعة، أو اكتشاف كنوز من الجمال والدهشة، أو مجرد الانطلاق في رحلات استكشافية لا حدود لها.