نقدم لكم زوارنا الكرام أهم وآخر المستجدات كما وردت في المقال التالي: تقرير يفضح أسباب إرسال النظام الجزائري لمجموعة من مرتزقة البوليساريو إلى تونس - تليجراف الخليج اليوم الاثنين 16 يونيو 2025 02:22 مساءً
في خطوة تثير الكثير من التساؤلات وتعمق عزلته الإقليمية، أقدم النظام الجزائري بقيادة عبد المجيد تبون، ورئيس أركانه سعيد شنقريحة، على إرسال عناصر من مرتزقة جبهة البوليساريو إلى تونس، لدعم الرئيس قيس سعيد، الذي يعيش على وقع أزمة داخلية خانقة واحتجاجات شعبية متزايدة، حيث يعكس هذا التحرك، الذي كشفت عنه مصادر إعلامية إفريقية ودولية متطابقة، حجم الورطة الدبلوماسية التي يعيشها النظام الجزائري، خصوصا بعد سلسلة من الإخفاقات المتتالية في ملف الصحراء المغربية، وتراجع نفوذه في الساحل الإفريقي.
وحسب ما نقلته وكالة "أفريقيا" الإخبارية، فإن السلطات الجزائرية طلبت من تونس، في اتصال مباشر بين تبون وقيس سعيد خلال عيد الأضحى، استقبال شخصيات قيادية من جبهة البوليساريو المقيمة في مخيمات تندوف، مقابل دعم مباشر لنظام سعيد الذي يتعرض لعزلة سياسية داخلية وخارجية، ما يؤكد تخلي تونس بشكل عملي عن حيادها في قضية الصحراء المغربية، وتبنيها رسميا الموقف الجزائري.
ولا يعتبر هذا التدخل سابقة في سجل النظام الجزائري، حيث أشارت تقارير إعلامية سابقة إلى إرسال مقاتلين من البوليساريو إلى ليبيا لدعم العقيد الراحل معمر القذافي، ثم إلى سوريا للوقوف إلى جانب نظام بشار الأسد، ضمن سياسة الجزائر في تصدير عناصر الجبهة لمهام تتجاوز حدودها، بما يخدم مصالح ضيقة، ويضرب استقرار الدول الجارة.
ويقرأ هذا التحرك في سياق أوسع يعكس تراجع النفوذ الجزائري في فضائه الإقليمي، لا سيما بعد فقدانه لمكانته في دول الساحل الإفريقي، التي بدأت تعيد ترتيب أولوياتها بعيدا عن الأجندة الجزائرية، حيث ووفقا لمعطيات تداولتها وسائل إعلام روسية وغربية، فإن الجزائر، في محاولتها لاستعادة هذا النفوذ، فتحت قنواتها مع موسكو ومجموعة "فاغنر"، ليتم تعيين الجنرال سيرغي سوروفكين، القائد السابق للمجموعة، مستشارا عسكريا أول في الجزائر، في مهمة يعتقد أنها تتجاوز حدود التعاون العسكري التقليدي، إلى دعم النظام داخليا وتثبيت نفوذه في محيطه الخارجي.
وسبق للجزائر أن استقبلت في نونبر الماضي وفدا روسيا رفيع المستوى ضم نائب وزير الدفاع ألكسندر فومين والجنرال سوروفكين، في زيارة وصفت بالاستراتيجية، اجتمع خلالها الوفد مع الجنرال شنقريحة، وهي التحركات التي تترجم طبيعة التحالفات الجديدة التي ينسجها النظام الجزائري في ظل تزايد عزلته، وتبرز الوجه الخفي لتحالفات أمنية توظف فيها الميليشيات والانفصاليون لتأجيج الصراعات الإقليمية، بدل دعم الاستقرار.
وتؤكد كل المؤشرات أن النظام الجزائري، بعد أن فشل في فرض أطروحته داخل المنتديات الدولية، وانهزم ميدانيا أمام الدينامية الدبلوماسية المغربية، يحاول يائسا اللعب على وتر زعزعة استقرار الجوار، عبر تصدير أزماته الداخلية إلى الخارج، وهو ما يكشف عنه بوضوح هذا التدخل السافر في الشأن التونسي، وتجنيد مرتزقة البوليساريو كأداة ضغط وتحكم ضد التونسيين.
في المقابل، يعيش الشارع التونسي حالة من الاحتقان الشديد، حيث ترفض قطاعات واسعة من الشعب أسلوب الحكم الفردي الذي بات يطبع فترة قيس سعيد، ويرى مراقبون أن قبول تونس بدعم ميليشيات انفصالية مرتبطة بنظام عسكري غير ديمقراطي قد يعمق أزمتها السياسية والاقتصادية، ويزيد من تفكك الثقة بين السلطة والمجتمع المدني.
ويعد تورط النظام الجزائري في دعم نظام فاقد للشرعية الشعبية في تونس تطورا خطيرا، ليس فقط على مستوى علاقات الجوار، بل أيضا على صعيد احترام القيم المشتركة بين شعوب المنطقة، وفي مقدمتها الحق في تقرير المصير الحقيقي، لا كما تروج له أبواق الانفصال، والحق في العيش تحت ظل أنظمة مدنية تحترم إرادة شعوبها، لا أنظمة تطوع المرتزقة لقمعها.