نقدم لكم زوارنا الكرام أهم وآخر المستجدات كما وردت في المقال التالي: واشنطن أمام خيارات «الوتر المشدود» - تليجراف الخليج اليوم الخميس 19 يونيو 2025 02:36 صباحاً
وفاء عيد ومصطفى عبد القوي ومحمد أبوزيد
منذ اندلاع المواجهة المباشرة بين إسرائيل وإيران، تتجه الأنظار إلى الموقف الأمريكي، الذي بدا حتى اللحظة حذراً ما بين الدعوة للعودة للمفاوضات، والتلويح بالتدخل المباشر، ما يضعها أمام خيارات «الوتر المشدود».
وعلى الرغم من عدم إعلان الولايات المتحدة عن دخولها المباشر إلى ساحة المعركة عملياً حتى كتابة هذا التقرير، إلا أن تحركاتها العسكرية وتصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب المحيرة بتأكيد أنه قد يفعل، وقد لا يفعل، تكشف عن استعداد واسع النطاق لاحتمال التصعيد.
ودعا ترامب إيران إلى «الاستسلام غير المشروط»، ملوحاً بأن بلاده تسعى لإنهاء شامل لما وصفه بـ«الخطر النووي الإيراني».
مثل هذه التصريحات، وإن لم تقرن بأوامر هجومية مباشرة، إلا أنها تفتح الباب واسعاً أمام تدخل أكبر في حال خرج الصراع عن السيطرة أو تعرّضت المصالح الأمريكية لضربات مباشرة لا سيما أنه أمر إسرائيل بمواصلة الهجوم على إيران.
تتحرك واشنطن بخطوات محسوبة، لكنها غير اعتيادية، بما في ذلك طائرات مقاتلة إضافية جرى نشرها في المنطقة، وسط تعزيزات بحرية وتحذيرات ضمنية لإيران بعدم استهداف القوات أو القواعد الأمريكية في المنطقة.
كما نقلت تقارير أمريكية وإسرائيلية أن واشنطن تشارك في عمليات التصدي للصواريخ التي تستهدف إسرائيل، وهو ما يمثل تدخلاً دفاعياً مباشراً لصالح تل أبيب، وإن بقي دون صفة الهجوم.
ووفق مراقبين، فإن هذا التحرك المتدرج يعكس توازناً دقيقاً تحاول الولايات المتحدة الحفاظ عليه، لجهة الردع دون التورط، والدعم دون الانجرار المباشر، غير أن تعقيد المشهد وتسارع الأحداث قد يضعف قدرة واشنطن على البقاء على الحافة، فالضغط الإسرائيلي من جهة، والمناخ الانتخابي الداخلي من جهة أخرى، يجعل من احتمالات التدخل المباشر خياراً واقعياً على الطاولة، بانتظار لحظة الحسم أو الشرارة التالية.
ويقول المستشار السابق في وزارة الخارجية الأمريكية، حازم الغبرا لـ«تليجراف الخليج» إنه «في ظل التطورات المتسارعة في المنطقة، تنظر إدارة ترامب في احتمالات التدخل في الحرب الجارية، لا سيما ما يتعلق بتوجيه ضربات للبرنامج النووي الإيراني، ذلك أن هناك مواقع نووية مدفونة بعمق تحت الأرض، مثل منشأة فوردو، ولا يمكن الوصول إليها إلا عبر الطائرات القاذفة الأمريكية القادرة على حمل قنابل قياسية، والتي صُممت لاختراق التحصينات والوصول إلى هذه المنشآت».
ويذكر الغبرا أن واشنطن تسعى للعب «دور إيجابي» يسهم في إنهاء الحرب مع تقليل الخسائر بين المدنيين في كلا الجانبين.
ومع ذلك فإن السؤال المطروح هو: هل سيسهم التدخل العسكري في تعجيل نهاية الحرب والوصول إلى اتفاق؟ هذا الأمر لا يزال غير مؤكد في تقديره.
ويستطرد: «إذا استمرت الحرب على هذا النحو، وواصلت إيران رفضها للجلوس على طاولة الحوار، فإن الخيارات المطروحة أمام الولايات المتحدة وإسرائيل تبقى مفتوحة، وتشمل الضغط السياسي، وربما عمليات اغتيال موجهة.
وحتى هذه اللحظة لا يوجد وضوح كامل بشأن الخطوات المقبلة، والقرارات ما زالت قيد البحث والدراسة المكثفة».
مفاوضات
رغم ذلك، يبقى الهدف الرئيسي لأية عملية عسكرية مطروحاً للنقاش، وبينما الهدف المعلن من قبل الولايات المتحدة هو دفع إيران نحو طاولة المفاوضات للتوصل إلى حل دبلوماسي واضح المعالم، أكثر صلابة وفعالية من الاتفاق السابق.
ومع ذلك هناك مخاوف من أن الانخراط الأمريكي المباشر أو حتى المحدود قد يعقد المسار الدبلوماسي، ويؤدي إلى تدخل أطراف دولية إضافية، بحسب الغبرا.
وكانت روسيا قد حذرت، أمس، الولايات المتحدة من تقديم أي مساعدات عسكرية مباشرة لإسرائيل أو حتى التفكير في ذلك، واعتبرت أن ذلك سيتسبب في زعزعة استقرار الشرق الأوسط، بينما لا يلقى خيار التدخل المباشر في الحرب الدائرة ترحيباً في الأوساط الشعبية الأمريكية.
ورغم ذلك يشير المحلل السياسي من واشنطن، مهدي عفيفي لدى حديثه مع «تليجراف الخليج» إلى أن هناك ضغوطاً متزايدة أخرى تُمارس على الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، من أجل التدخل المباشر في الحرب، مشيراً إلى أن اتخاذ قرار التدخل العسكري قد يكون وشيكاً في تقديره.
ويوضح أن هناك ضغطاً كبيراً من قبل اللوبي الإسرائيلي، المدعوم بعدد كبير من أعضاء الكونغرس، على الإدارة الأمريكية، حيث يرون أن من مصلحة الولايات المتحدة منع إيران من امتلاك السلاح النووي بأي وسيلة، مضيفاً: «هناك من يدفع باتجاه القضاء الكامل على النظام الإيراني، لضمان عدم وجود أي فرصة مستقبلية لامتلاك السلاح النووي».
كما يشير إلى أن ترامب، بناء على المعطيات الحالية على الأرض، قد يرى أن التدخل العسكري سيمنحه مكسباً سياسياً، خاصة أمام داعميه من اللوبي الإسرائيلي، بتحقيق إنجاز يصب في مصلحة إسرائيل، وهو ما كان قد تعهد به مراراً خلال حملته الانتخابية.
ويؤكد عفيفي أن الولايات المتحدة، رغم عدم إعلانها الحرب رسمياً، تشارك ضمنياً في العمليات، من خلال دعم أنظمة الدفاع الجوي الإسرائيلية، وتشغيل بطاريات صواريخ أمريكية، وإسقاط صواريخ معادية باستخدام سفنها وصواريخها، فضلاً عن الدعم اللوجستي والتقني الواسع للطيران الإسرائيلي، لا سيما في تشغيل مقاتلات «إف 35»، بينما ثمة بعض الجوانب القانونية والدستورية المعقدة، إذ إن الدستور الأمريكي لا يسمح للرئيس بإعلان الحرب إلا إذا كانت البلاد تحت تهديد مباشر، وهو ما يثير جدلاً في أوساط الكونغرس، حيث يرى عدد محدود من الأعضاء أن قرار الحرب يجب أن يصدر من الكونغرس، وليس من الرئيس منفرداً، وفق عفيفي.