نقدم لكم زوارنا الكرام أهم وآخر المستجدات كما وردت في المقال التالي: أخفى ثروته ووزّعها سراً.. كيف تخلى عن 8 مليارات دولار ومات فقيراً؟ - تليجراف الخليج اليوم الجمعة 20 يونيو 2025 04:04 مساءً
في عالم تُقاس فيه المكانة بمليارات الدولارات، ظهر رجل أعاد تعريف النجاح والثروة، إنه تشاك فيني، رجل الأعمال الأمريكي الذي جمع ثروة طائلة ثم أنفقها بهدوء على مشاريع إنسانية وتعليمية، مفضلاً العطاء بصمت على الأضواء والشهرة.
ولد فيني عام 1931 في ولاية نيوجيرسي لأسرة من أصول إيرلندية، وبدأ مشواره من الصفر بعد خدمته في سلاح الجو الأمريكي، التحق بجامعة كورنيل بمنحة دراسية، قبل أن يؤسس في ستينات القرن الماضي شركة "ديتي فري شوبّرز" (DFS)، التي تحولت إلى اسم عالمي في قطاع البيع بالتجزئة للمسافرين، وفقا لـ "فوربس".
رغم امتلاكه لثروة تجاوزت 8 مليارات دولار، عاش فيني حياة بعيدة عن الترف، حيث أقام في شقة متواضعة بسان فرانسيسكو، وسافر على الدرجة الاقتصادية، وتناول طعامه في مطاعم شعبية، بينما ظل اسمه غائبا عن الإعلام لعقود، يفضّل العمل خلف الكواليس على الظهور العام.
في ثمانينات القرن الماضي، أسس مؤسسة "أتلانتيك فيلانثروبيز"، وبدأ في تحويل كامل ثروته إليها، مشترطا أن تُقدَّم التبرعات دون الكشف عن اسمه.
وموّلت المؤسسة على مدار سنوات مشاريع ضخمة في مجالات التعليم والصحة وحقوق الإنسان، شملت جامعات مرموقة مثل كورنيل وستانفورد، إلى جانب دعم جهود السلام في أيرلندا الشمالية، وبناء جامعة في فيتنام.
تبنّى فيني مفهوم "العطاء في الحياة" (Giving While Living)، مؤمنا بأن رؤية نتائج العطاء أثناء الحياة أكثر قيمة من ترك الثروات لما بعد الوفاة. هذا المفهوم ألهم لاحقا شخصيات بارزة مثل وارن بافيت وبيل غيتس، وساهم في إطلاق مبادرة "تعهد العطاء" عام 2010.
في عام 2020، أعلن فيني إغلاق مؤسسته بعد أن أنفقت كامل أصولها تقريبا، محتفظا فقط بمبلغ لا يتجاوز مليوني دولار لتأمين حياة بسيطة له ولزوجته. وقد حضر حفل الإغلاق الافتراضي شخصيات بارزة من بينها بيل غيتس ورئيسة مجلس النواب الأمريكي آنذاك نانسي بيلوسي.
خلال أربعة عقود، قدّم فيني ما يزيد على 8 مليارات دولار لأغراض خيرية، منها 3.7 مليارات دولار للمؤسسات التعليمية، وأكثر من 870 مليون دولار لدعم قضايا حقوق الإنسان، بما في ذلك حملات لإلغاء عقوبة الإعدام، ودعم قانون "أوباما كير"، و700 مليون دولار لمشاريع صحية حول العالم.
ورغم ظهوره لمرة واحدة فقط على قائمة "فوربس" عام 1988 بثروة قدرت بـ1.3 مليار دولار، إلا أن الكشف لاحقا عن تحويله غالبية أمواله إلى العمل الخيري أثار دهشة حتى المقربين منه.
توفي تشاك فيني في أكتوبر 2023 عن عمر ناهز 92 عاما، دون أن يترك وراءه سيارات فارهة أو قصورا، بل ترك إرثا من التواضع والعطاء الهادئ.
وصفه وارن بافيت بأنه "نموذج يُحتذى به"، فيما قال بيل غيتس إنه "مهّد الطريق أمام جيل جديد من المانحين".
رحل فيني عن العالم شبه خالٍ من الأملاك، لكنه خلّد اسمه في ذاكرة العمل الإنساني، بوصفه الرجل الذي جعل من الثروة وسيلة للخير، لا غاية للتفاخر.