الأردن ليس ساحة لصراعات الآخرين - تليجراف الخليج

نقدم لكم زوارنا الكرام أهم وآخر المستجدات كما وردت في المقال التالي: الأردن ليس ساحة لصراعات الآخرين - تليجراف الخليج اليوم الثلاثاء الموافق 24 يونيو 2025 01:16 مساءً

منذ السابع من أكتوبر 2023، والإقليم يشتعل بتوترات غير مسبوقة، جعلت منه أكثر مناطق العالم التهابًا، وبلغت هذه التوترات ذروتها في الربع الأخير من عام 2024، حين فتحت إسرائيل جبهات متعددة تحت ذريعة "حماية أمنها القومي”، فوجهت ضربات نوعية إلى لبنان استهدفت قيادات عسكرية لحزب الله، وانتقلت غربًا نحو الأراضي السورية، مستغلة حالة عدم الاستقرار القائمة هناك.

إلا أن التصعيد الأخطر تمثل مؤخرًا في توجيه ضربات عسكرية إسرائيلية إلى الداخل الإيراني، بدعوى وقف البرنامج النووي الإيراني، والحفاظ على التفوق الاستراتيجي الإسرائيلي في الإقليم. هذا التحول النوعي في مسار الصراع ينذر بتوسيع رقعته الجغرافية ورفع مستوى التهديد للأمن الإقليمي، وخاصة للدول المجاورة، وفي مقدمتها المملكة الأردنية الهاشمية.

السؤال المهم ،هل يحق للأردن الدفاع عن إقليمه ومجاله الجوي؟

الإجابة: نعم، وبكل وضوح. فالقانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة يمنح كل دولة ذات سيادة الحق الكامل في حماية أرضها ومجالها الجوي والبحري. وتنص المادة الأولى من الدستور الأردني على أن "المملكة الأردنية الهاشمية دولة ذات سيادة، لا تتجزأ، ولا يُنزل عن شيء منها”، وهو تأكيد دستوري راسخ على حرمة السيادة الوطنية.

كما أن اتفاقية شيكاغو للطيران المدني لعام 1944، وهي إحدى أهم المعاهدات الدولية، تنص بوضوح على أن السيادة الجوية للدولة تشمل كامل المجال الجوي الذي يعلو إقليمها البري والبحري. وعليه، فإن أي اختراق لهذا المجال – من أي طرف – يشكل انتهاكًا سافرًا للقانون الدولي ولسيادة الأردن.

لهذا فأن سيادتنا ليست محل مزايدة،

رغم وضوح الموقف القانوني والسياسي، نسمع من حين لآخر أصواتًا، قد تكون عاطفية أو تحريضية، تدعو إلى السماح بمرور صواريخ أو طائرات عبر الأجواء الأردنية لضرب أهداف في إسرائيل. وهنا نتساءل: هل نقبل بأن تُستخدم الأجواء الأردنية أيضًا لمرور الطائرات الإسرائيلية لضرب إيران؟ وهل نقبل بتحويل الأردن إلى ممر أو مسرح لصراعات لا نملك قرارها ولا نحصد إلا تداعياتها؟

إن مثل هذه الدعوات، وإن غلّفت نفسها بشعارات قومية أو دينية، تهدد أمننا واستقرارنا بشكل مباشر، وتتناقض مع الثوابت الوطنية التي أكدتها القيادة الأردنية مرارًا وتكرارًا، بأن السيادة الأردنية ليست للمساومة، وأن حماية الوطن وأمنه القومي خط أحمر لا يُسمح بتجاوزه.

فالأردن، دائماً موقفه متزن وله رؤية ثابتة،

منذ تأسيس الدولة، حرص الأردن على تبني مواقف عقلانية متزنة، تنأى به عن المحاور والصراعات، وتؤكد دوماً وقوفه إلى جانب قضايا الأمة دون أن يكون أداة في يد أحد. خطاب جلالة الملك عبدالله الثاني أمام البرلمان الأوروبي شكّل محطة مفصلية عكست هذا الاتزان، وأرست خارطة أخلاقية للتعامل مع أزمات المنطقة، مؤكدًا أن الأردن لن يكون جزءًا من أية حرب، ولن يسمح باستخدام أراضيه أو أجوائه لتصفية الحسابات.

فهما نؤكد بأن الدفاع عن الوطن ليس وجهة نظر،فهو واجب في هذا المنعطف الإقليمي الخطير، لا مكان للمزايدات أو الآراء الانفعالية أو التحريضية. الدفاع عن تراب الوطن وأجوائه واجب سيادي وقانوني وأخلاقي، وهو مسؤولية جماعية يجب أن نتحملها جميعًا. الأردن ليس ساحة مفتوحة للصراعات الإقليمية، ولا ممراً للموت أو ساحة لمعارك الآخرين.

فلنكن على قدر هذه اللحظة التاريخية، ولنحافظ على وحدتنا وجبهتنا الداخلية، ونلتف خلف دولتنا ومؤسساتنا، حفاظًا على أمن هذا الوطن الذي كان دومًا مع قضايا أمته، وظل على الدوام ملاذًا آمنًا لكل من لجأ إليه.

السيادة لا تُفرّط، والوطن لا يُساوَم عليه


نشكركم على القراءة، ونتطلع لمشاركتكم في مقالاتنا القادمة للحصول على أحدث الأخبار والمستجدات.