نقدم لكم زوارنا الكرام أهم وآخر المستجدات كما وردت في المقال التالي: كيف تحول النزاع بين إسرائيل وأمريكا وإيران من "النووي" إلى الشاشات؟ - تليجراف الخليج اليوم الخميس 26 يونيو 2025 02:25 صباحاً
تليجراف الخليج - تترامى أطراف النزاع بين إسرائيل والولايات المتحدة في مواجهة إيران، مُنذ سنوات طويلة على عدة جبهات، على رأسها جبهة الحرب الباردة في الأعمال الفنية.
فلم تعد المعارك تُحسم فقط باستخدام الأسلحة الثقيلة والفتاكة، بل تدور فيه رحى معارك أخرى بالقوى الناعمة للفن السابع والدراما عبر شاشات السينما ومنصات العرض من حول العالم، يربح فيها من يستطع التأثير على الوعي عن طريق التحكم في المفاهيم وإعادة استساغتها وفقًا لرؤى وخطط بعيدة المدى.
معركة خفية بأسلحة ناعمة
تلك المعركة الخفية التي يرى البعض أنها أشد تأثيرًا على الرأي العام العالمي أكثر من تغطية القنوات الإخبارية للأحداث من حول العالم.
ويتمثل ذلك في استخدام الكاميرات، والنصوص، والمشاهد التعبيرية التمثيلية كأسلحة فتاكة في التأثير على الوعي بديلًا عن الصواريخ، والمسيرات، والأسلحة النووية، ما يشير إلى احتدام الحرب الباردة على الجبهة الموازية بين الدول المتنازعة، بالأسلحة الناعمة عن طريق السينما والدراما التلفزيونية.
مصدران إسرائيليان: من السابق لأوانه إعلان النصر في الحرب ضد إيران
صراع سياسي في السينما والدراما التلفزيونية
لعل الصراع الثلاثي بين إسرائيل، وإيران، والولايات المتحدة، من أبرز الصراعات العسكرية، والجيوسياسية، والأيدلوجية في العصر الحديث، كواحد من النزاعات البارزة التي لم تقتصر على السياسة والتصعيد الكلامي والفعلي على أرض الواقع.
بل امتد ليشمل الأفلام السينمائية والمسلسلات التلفزيونية بين الجانبين، من أجل إعادة سرد الروايات من منظور كل راوٍ، وغرس مفاهيم العدو والصديق في نفوس المشاهدين، على وجه الخصوص، فئة الشباب.
عداء أمريكي إيراني في هوليوود
مع نجاح الثورة الإسلامية في عام 1979 في السيطرة على الحكم في إيران، باتت رمزًا للعداء الأمريكي في هوليوود، ووثقت عدة أعمال سينمائية أمريكية الدولة الإيرانية على إنها العدو الأكبر الذي يُهدد الولايات المتحدة الأمريكية.
وتجلى ذلك في عدة أفلام، من بينها، فيلم Argo الذي صدر في عام 2012 من تمثيل وإخراج بن أفليك، ودارت أحداثه في أعقاب الثورة الإسلامية، حول عملية سرية للمخابرات الأمريكية CIA لتهريب دبلوماسيين أمريكيين من العاصمة طهران.
وفيلم American Assassians الذي صدر في عام 2017، مبرزًا صورة إيران كأكبر داعمي الإرهاب في العالم، ما يعزز من ضرورة مواجهة الولايات المتحدة الأمريكية لإيران على الصعيدين الأمني والاستخباراتي.
مسؤول إيراني: المرشد الأعلى هو من قرر التفاوض ومنع "الوعد الصادق 3"
رؤوس أموال ومنصات عالمية
على صعيد دعم رؤوس الأموال الصهيونية للأعمال الفنية التي تتبنى رؤيتها ووجهات نظرها، وفي تعاون مشترك مع منصات عالمية من أبرزها نتفليكس، يُعد المسلسل الدرامي Fauda وتعني بالعربية فوضى، الذي عرضته منصة نتفليكس في عام 2023.
من أبرز الأعمال التي تتبنى سردية الرواية الإسرائيلية على حساب إيران، إذ يُسلط العمل الضوء على تورط الحرس الثوري الإيراني وحزب الله اللبناني في دعم المقاومة الفلسطينية، ويُبرز إسرائيل في دور المدافعين عن أمنهم وسلامتهم.
ودعمت منصة Apple TV الأمريكية مسلسل Tehran من إنتاج مشترك بين شركات إسرائيلية وأمريكية، بدعاية وتسويق كبير للعمل الذي صدر في عام 2020، ترويجًا لقصة المسلسل الذي يتبنى رواية إسرائيل في وصف نفسها كحامٍ للعالم وأن إيران التهديد الأكبر على الجميع، والعمل تم تصويره في اليونان بميزانية ضخمة لمحاكاة شوارع إيران وطرازها المعماري.
محاولات ضئيلة للسينما الإيرانية
في المقابل، لم ترتقِ محاولات السينما والدراما الإيرانية إلى الوقوف في مواجهة التوغل الفني الأمريكي والإسرائيلي على المنصات والشاشات الكبرى في معركة الوعي ضد عدوها اللدود إيران.
وتميل السينما الإيرانية إلى نزعة مخاطبة الإنسانية لمغازلة المهرجانات والمحافل السينمائية العالمية التي تشارك فيها، إضافة إلى قيود الرقابة المشددة المفروضة من النظام الإيراني على صُناع السينما.
وسجل المخرج إبراهيم حاتمي كيا نفسه كواحد من أبرز المخرجين الإيرانيين الذين تبنوا روايات الحرس الثوري في أفلامهم السينمائية.
"مقامرة ترامب الكبرى".. صفقة إيران تهدد مشروع "أمريكا عظيمة"
ومن أبرز أعماله فيلم Damascus Time، الذي تبنى رواية أن إيران دخلت الحرب في سوريا لمواجهة تنظيم داعش المتشدد، لا سيما مع محاولات بعض صناع السينما والدراما في إيران للترويج لرواية الحرس الثوري في مواجهة أمريكا وإسرائيل، لكنها دائمًا ما تواجه بالرفض من العرض على منصات عرض إقليمية وعالمية لأسباب سياسية وأيدلوجية.
وحسب نقاد سينمائيين في مصر، فإن الفائز في معركة الوعي في خضم الحرب بين الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل في مواجهة إيران، من يستطع نقل الحرب إلى منازل المشاهدين عبر شاشات التلفزيون ومنصات العرض الرائجة حول العالم، ما يُعزز من السؤال.. هل ينتقل النزاع الغربي الإيراني من الأسلحة الفتاكة والنووي إلى شاشات السينما والدراما؟
النظام الإيراني وقيود الإبداع
من جانبه، يقول الناقد الفني طارق الشناوي إن شاشات السينما والدراما ومنصات التواصل الاجتماعي أحدثت انفتاحًا كبيرًا على المشاهدين من حول العالم، ما سهل من عمليات طرح الدول الروايات الخاصة بها بشكل غير مباشر في الأعمال الفنية.
وأشار الشناوي إلى أن النظام العالمي يحذر دائمًا ويحاول تجنيب استخدام الدول للأسلحة النووية.
وأضاف في تصريحات خاصة لـ "إرم نيوز" أن ذلك يعزز من انتقال الحرب إلى جبهات أخرى مثل السينما والدراما، ضاربًا المثال بانتصار صوت العقل في أزمة الصواريخ بين الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفيتي المتحالف مع كوبا في أكتوبر 1962، ضمن أحداث الحرب الباردة بينهما، بعد أن هدد الاتحاد السوفيتي باستخدام النووي آنذاك، وفق تعبيره.
"ضربة قوية وخروج سريع".. ترامب يكرر نهجه مع إيران
وأكد الشناوي أن جزءا كبيرا من المخرجين الإيرانيين المتميزين والموهوبين لديهم مشكلات مع النظام الحاكم، في الوقت الذي يكنون فيه الولاء للوطن.
واعتبر أن ذلك الصراع مستحيل أن يُحل بين السلطة والإبداع في إيران، مشيرًا إلى أدوار المخرجين أصغر فرهدي، والراحل عباس كيارستمي، وجعفر بناهي، ومحمد رسولوف في تحسين صورة الشخصية الإيرانية في أفلامهم السينمائية، لكنهم في الوقت نفسه لديهم مشكلات مع السلطة الحالية التي تمارس بعنف فرض القيود على الإبداع.
أفكار كوميدية مؤثرة على منصات التواصل
بدورها، قالت الدكتورة ليلى عبد المجيد، أستاذة الإعلام بجامعة القاهرة إن السينما والدراما سلاح فعال لتحقيق بعض أهداف الدول المتنازعة، وتتوقع أن تُحدث الحرب المشتعلة بين إسرائيل وأمريكا وإيران موجة كبيرة من الأفلام السينمائية بين هوليوود وطهران وتل أبيب، في معركة سرد الرواية الخاصة بكل جانب، على حد تعبيرها.
وأكدت عبد المجيد في تصريحات خاصة لـ "إرم نيوز" أن شاشات السينما والدراما لها تأثير كبير على الرأي العام العالمي، في حال تم تقديم الأعمال الفنية التي تتبنى الرواية الخاصة بكل طرف بطريقة ذكية وواعية، دون الطرح بشكل مباشر، مشيرة إلى أن ذلك يسهم في تحقيق الأهداف المبطنة من صناعة السينما والدراما حول العالم.
اغتيالات وتسلل استخباراتي.. ماذا ينتظر إيران بعد الحرب؟
وعدت أستاذة الإعلام في جامعة القاهرة، منصات التواصل الاجتماعي بالأكثر خطورة في التأثير على الرأي العام العالمي بسرعة كبيرة.
واستدلت على ذلك بتداول مقاطع مرئية ساخرة مصنوعة بأدوات الذكاء الاصطناعي، على نطاق واسع بين الجمهور، يظهر فيها الثلاثي دونالد ترامب وبنيامين نتنياهو وعلى خامنئي يتبادلون بطريقة كوميدية اللكمات بينهم داخل حلبة مصارعة، بالإشارة إلى الضربات المتبادلة بينهم على أرض الواقع.
وتابعت قائلة: "هذا الأسلوب المستخدم في توصيل الأفكار دون الاعتماد على اللغة أو النصوص المكتوبة، سريع وفعال للغاية، ويبين أن الكوميديا السريعة المبتكرة تستطيع توصيل الرسائل الخطيرة لجميع الفئات العمرية في كافة دول العالم، أعتبر منصات التواصل الاجتماعي سلاحًا فعالاً في معركة الوعي، له تأثير يفوق حاليًا شاشات السينما والدراما".
وختمت حديثها بالإشارة إلى أن إسرائيل تحاول حاليًا استعطاف الرأي العام العالمي بعد القصف الإيراني على مستشفى سوروكا في بئر السبع، في حين أنها قصفت كل مستشفيات غزة وأخرجتها عن الخدمة نهائيًا، مؤكدة أن العدوان الإسرائيلي على غزة أظهر كذب روايات الاحتلال للرأي العام العالمي.
نشكركم على القراءة، ونتطلع لمشاركتكم في مقالاتنا القادمة للحصول على أحدث الأخبار والمستجدات.