نقدم لكم زوارنا الكرام أهم وآخر المستجدات كما وردت في المقال التالي: يهم تجار العملات الرقمية.. إجراءات ضريبية صارمة تصاحب عملية التقنين - تليجراف الخليج اليوم الجمعة 27 يونيو 2025 03:21 مساءً
في ظل استمرار الحظر القانوني المفروض على تداول العملات الرقمية داخل التراب المغربي، شرعت السلطات المختصة في بلورة أرضية تشريعية وتنظيمية جديدة تروم تقنين هذا القطاع بحلول سنة 2026، وفق تصور يقوم على ضبط الاستخدام وتوفير بيئة قانونية تخضع لمراقبة دقيقة، حيث كشفت مصادر متطابقة أن التنسيق جار بين المديرية العامة للضرائب وبنك المغرب لوضع إطار متكامل يأخذ بعين الاعتبار رهانات الابتكار من جهة، والحفاظ على استقرار المنظومة المالية الوطنية من جهة أخرى، في وقت تتزايد فيه المعاملات الرقمية على الصعيد العالمي.
ويقوم التوجه الجديد على تصنيف دقيق للأنشطة المرتبطة بالأصول الرقمية، حيث سيتم فرض ضرائب تصاعدية على الأرباح المحققة من عمليات البيع والشراء، بنسبة تتراوح بين 15% و30%، بينما ستخضع عائدات التعدين والتخزين المؤقت والتوزيع المجاني لضريبة الدخل وفق الشرائح المعمول بها، والتي تمتد من 10% إلى 38%، كما سيتم تطبيق نسب ضريبية تتراوح بين 20% و31% على الشركات، وذلك حسب طبيعة الأنشطة ومدى انتظامها، بالإضافة إلى دراسة إمكانية استثناء المعاملات الرقمية من الضريبة على القيمة المضافة في الوقت الحالي، ما لم تصنف كأنشطة مدرة لوعاء ضريبي واضح، مع فرض إلزامية التصريح بها ضمن آجال محددة وتحت مراقبة مشددة، انسجاما مع المعايير الدولية.
وتعتزم الدولة، عبر النصوص التنظيمية المرتقبة، فرض التزامات محاسبية صارمة على جميع المتعاملين، سواء كانوا أفرادا أو شركات، إذ سيطلب من هؤلاء مسك سجلات مفصلة للمعاملات الرقمية بشكل يومي، وتقديم تقارير دورية للسلطات المعنية، تحت طائلة التعرض لعقوبات مالية قاسية، بل وملاحقات قضائية في حالات الإخلال الخطير بالواجبات الضريبية، كما يرتقب أن تستفيد أنشطة التعدين من تخفيضات ضريبية تخص المصاريف المرتبطة بالمعدات والطاقة، شريطة إثبات الطابع المهني لها، بينما لا تزال مسألة خسائر تقلبات الأسعار تثير جدلا نظرا لغياب توضيحات رسمية حول إمكانية خصمها.
ويطرح الغموض القانوني المحيط بأصول التمويل اللامركزي والرموز غير القابلة للاستبدال تحديات إضافية أمام المستثمرين، الذين يطالبون بتوضيحات عاجلة لتفادي الوقوع في مشاكل قانونية غير متوقعة، وفي هذا الصدد، من المنتظر أن تميز الدولة بين المتدخلين العرضيين والممارسين المهنيين، خاصة في أنشطة المضاربة وإعادة البيع، وذلك من أجل سد الثغرات المحتملة التي قد تستغل في التهرب الضريبي.
ورغم الطابع الصارم للتوجه الضريبي الجديد، تسعى السلطات إلى خلق توازن بين التقنين والابتكار، من خلال التفكير في حوافز ضريبية موجهة للشركات الناشئة العاملة في تقنيات "البلوكشين"، من قبيل إعفاءات مؤقتة أو تسهيلات خاصة، بهدف جعل المغرب قطبا واعدا في مجال التكنولوجيا المالية، وتعزيز مكانته ضمن الدول التي تواكب التحولات الرقمية دون التفريط في سيادتها الاقتصادية.
وكشفت تقديرات اقتصادية حديثة أن السوق الرقمية الوطنية قد تصل قيمتها إلى 2.8 مليار درهم سنة 2025، مع توقعات بنمو يصل إلى 4.9% سنويا، وهي أرقام تعكس دينامية متصاعدة رغم الحذر الرسمي، كما أنها تتماشى مع تأكيدات محللين يرون أن نجاح هذا التحول يبقى رهينا بمدى وضوح النصوص القانونية وفعالية تنفيذها، محذرين في الوقت ذاته من مخاطر التسرع أو غموض التشريعات، ما قد يثني المستثمرين عن دخول السوق أو يدفعهم للبحث عن بدائل خارجية.
وفي انتظار الصياغة النهائية لهذه الترسانة القانونية، ينصح جميع الفاعلين بالاستعداد المسبق لتكييف ممارساتهم المحاسبية والضريبية مع المستجدات المرتقبة، مع ضرورة الاستعانة بمستشارين متخصصين لتفادي أي انزلاقات قانونية محتملة في هذا المجال شديد الحساسية.