نقدم لكم زوارنا الكرام أهم وآخر المستجدات كما وردت في المقال التالي: عملية خان يونس البطولية: حين تعرّت إسرائيل أمام أزمتها العسكرية والأخلاقية والاستراتيجية #عاجل - تليجراف الخليج اليوم السبت الموافق 28 يونيو 2025 12:44 مساءً
كتب اللواء المتقاعد د. موسى العجلوني
في تطور لافت للعيان يعكس هشاشة الموقف الإسرائيلي في قطاع غزة، شهدت منطقة خان يونس عملية بطولية نوعية صباح الثلاثاء الرابع والعشرين من حزيران الحالي أدت إلى مقتل سبعة جنود صهاينة، في واحدة من أكثر الضربات إيلامًا وتحديا للجيش منذ بداية حرب الإبادة والتجويع على القطاع. العملية، التي نفذتها المقاومة الفلسطينية في غزة تحت أنظار الطائرات والتقنيات الاستخباراتية المتطورة، جاءت لتؤكد مجددًا أن دولة الكيان الصهيوني تغوص في أزمة عميقة على ثلاثة مستويات مترابطة: عسكرية أمنية وأخلاقية واستراتيجية.أولًا: الإخفاق العسكري والأمني –جيش تدعي دولته بأنه لا يُقهر في مأزق
أن يقتل سبعة جنود إسرائيليين حرقا داخل مدرعتهم دفعة واحدة في معقل عسكري مفترض السيطرة عليه وعلى يد مقاوم واحد ، يعني أن المنظومة الأمنية والعسكرية للجيش الصهيوني المحتل تعاني من خلل بنيوي. إسرائيل، التي تفاخر بتفوقها التقني والإستخباراتي، فوجئت بكمين محكم ومواجهة مباشرة في أرض يفترض أنها "مطهرة". المقاومة أثبتت مجددًا أنها تمتلك قدرات تكتيكية وميدانية متقدمة، وتتحرك بخبرة داخل شبكة أنفاق ومواقع سرية وإمدادات لا تزال تصمد رغم الحصار والدمار.
الجيش الصهيوني، الذي استنزف قواه منذ بداية حرب الإبادة على غزة التي امتدت لأكثر من 630 يوما، لم يحقق "الردع" او"السيطرة الميدانية" اللتين طالما تغنى بهما. بل بات في موقع المتلقي والمدافع، يتكبد الخسائر، ويتراجع عسكريا وسياسيًا، دون أفق واضح لتحقيق " النصر" الذي يحلم به نتنياهو وحكومته وقيادة جيشه والذي يُسوّق للرأي العام على انه قادم لامحالة!
ثانيًا: الانهيار الأخلاقي – العدوان على المدنيين وتجويعهم لا يحقق انتصارا او تفوقا او أمنًا
في موازاة الإخفاق العسكري والإستخباراتي، تواجه دولة الكيان انتقادات متصاعدة بسبب حجم الدمار الهائل غير المسبوق في تاريخ الحروب الذي تسببت به في قطاع غزة. آلاف الشهداء والمصابين، غالبيتهم من النساء والأطفال، ودمار شبه شامل للبنى التحتية والمرافق الصحية والتعليمية ولكل مظاهر الحياة، زادت من عزلتها الدولية. حتى حلفاؤها في الغرب، بدؤوا يعبّرون عن امتعاض متزايد من استمرار هذا العدوان غير الأخلاقي وبلا أفق او سقف او حد يقف عنده.
الحرب على غزة باتت، بالنسبة لكثير من المتابعين، حربًا على السكان المدنيين لا على "حماس"، وهو ما أفقد إسرائيل شرعيتها الأخلاقية.عمليًا، العدو الصهيوني يقاتل شعبًا بأكمله اعزلا ومحاصرا وجائعا، ويواجه مقاومة بطولية متجذرة من اصحاب الأرض الذين يؤمنون بعدالة قضيتهم وبربهم ولا يخافون الموت بل يطلبونه.
ثالثًا: الشلل والتراجع الاستراتيجي – لا أهداف واضحة ولا حسم ولا خطة خروج
عملية خان يونس جاءت لتكشف أيضًا التآكل والتراجع في العقل الاستراتيجي لدولة الكيان الصهيوني. منذ 21 شهرا، يدور الجيش الغازي في حلقة مفرغة: دخول وتدمير وقتل مدنيين ثم انسحاب وإعادة انتشار ثم مواجهة جديدة، دون تغيير حقيقي في الميدان. لا قدرة على القضاء على البنية التحتية للمقاومة، ولا استعداد او إمكنية لاحتلال دائم، ولا تصور واضح للمرحلة التالية. الأسوأ، أن حكومة نتنياهو تعاني من انقسامات داخلية، في ظل قيادة تعيش تحت ضغط سياسي وشعبي ودولي غير مسبوق.
وفي الختام، عملية خان يونس، التي لم تكن الأولى ولن تكون الأخيرة، لم تكن مجرد خسارة تكتيكية او عسكرية، بل تجسيد عميق للأزمة الشاملة التي تعيشها دولة الكيان الصهيوني في غزة. إنها جرس إنذار مدوٍ يعلن فشل النهج الإسرائيلي الحالي في غزة. الأزمة عسكرية (فشل في تحقيق الأهداف بالقوة وحدها)، وأخلاقية (تآكل الشرعية الدولية بسبب التكلفة البشرية الفادحة)، واستراتيجية (غياب رؤية للمستقبل ورفض الانخراط في حل سياسي عادل).
باختصار، إسرائيل عالقة في في وحل غزة وأسيرة للمقاومة البطولية. لا تستطيع البقاء دون خسائر فادحة، ولا تجرؤ على الانسحاب دون خسارة ماء وجهها. وكل يوم يمرعلى جيشها في غزة يزيده انهاكا جسميا ونفسيا ويجعله يرتجف خوفا من عمليات المقاومة التي لا تتوقف. وبذلك يتحول عدوانها إلى استنزاف طويل الأمد، في بيئة جغرافية واجتماعية جبلت على المقاومة وتغذت عليها وتؤمن بها، لا تنكسر ولا تعرف الإستسلام ولا عندها رايات بيض ترفعها . بإختصار اصبح توقف هذه الحرب المدمرة حسب شروط المقاومة قاب قوسين او أدنى.
نشكركم على القراءة، ونتطلع لمشاركتكم في مقالاتنا القادمة للحصول على أحدث الأخبار والمستجدات.