نقدم لكم زوارنا الكرام أهم وآخر المستجدات كما وردت في المقال التالي: التوجيهي وموضع الخلل الحقيقي .. ( العقدة والحل ) - تليجراف الخليج اليوم السبت الموافق 28 يونيو 2025 05:51 مساءً
ككل عام تصبح امتحانات الثانوية العامة ( التوجيهي ) موضع جدل ، ومثار حوار حاد لا جاد أو حتى يأتي بجديد ، ولأن هذه المرحلة المفصلية في حياة الطالب المدرسية تحمل الكثير من سمات تقرير المستقبل الأكاديمي والدراسي فهي أيضاً متخمة بالكثير من التحديات والمصاعب ..
تعودنا أن نشاهد ونسمع أخبار التوجيهي كموسم وطني متجدد من الانتقاد من قبل الأهالي تارة ، ومن شكاوى الطلبة تارة أخرى ، ولكن في الوقت الذي تواجه فيه الوزارة واللجان المختصة بكتابة الأسئلة الكثير من اللوم والعتب الذي قد وصل إلى الهجوم ، نصرف النظر دون تركيز لموضع الخلل الحقيقي ..
في الواقع أصبح التعليم في بلادنا بسبب الدخلاء على القطاعات ، كورقة تجارية ، ووسيلة للتكسب ، والطالب هو الحلقة الأضعف في هذه المعادلة ، فالتراخي الذي يمارسه بعض المدرسين والمدرسات في المدارس ، وفقدان الطالب للمهارات المتراكمة من صفوف سابقة بسبب الإهمال وعدم مجاراته للمواد ؛ يولد حاجة الطالب عند الاقتراب من المواجهة الحقيقية ( التوجيهي ) لرأب هذا الصدع المعرفي والقيام بالبحث عن بدائل تغطي حاجته للإلمام اللازم والتام لكل مادة وامتحان ، وعليه فيجد في طريقه تجار الدورات والمراكز من مافيات انتشرت وتفشت تتاجر بالطالب وأحلامه وتعده بالعلامات الكاملة والمهارات المكتملة كديباجة تعميمية مستهلكة تنشر وتروى لكل طالب مهما كان مستواه ومهما كان تحصيله التراكمي ..
هؤلاء المتكسبون في المراكز والمنصات في الغالب يمثلون السبب الحقيقي لمأساة الطلاب ، بحجم التضليل ، وعدم مصارحة الطالب بمستواه الحقيقي والفجوة المعرفية التي يعانيها ، واستخدامهم أفظع العبارات التسويقية التي لا ترقى لمهنة المعلم ولا تصل إلى مخملية العملية الأكاديمية التي تمثل طريقاً نزيهاً للمعرفة وملئاً هادئاً لخزان الحقيقة لا لملء الجيوب بآلاف الدنانير في كل موسم عبر المنصات والدورات والكتب المساعدة ( الدوسيات ) ، فتشعر بطاحونة تنافسية خطيرة وجلبة وهتافات على الشاشات واعلانات ليست بالمستوى الذي يليق بقدسية العلم ومكانة المعلم وأمانة المتعلم ..
ولأن هؤلاء يمارسون فن التهويل بهدف الوصول لجيب الطالب ، في تحد ٍ صارخ أن الطالب مهما كان سيحقق العلامة الكاملة ، فتأتي الأسئلة من قلب الوزارة بما يتماهى مع ما ورد في ميدان ومعترك التوجيهي المكتظ بهؤلاء ، في صدمة حقيقية لمن تعهد بالعلامة الكاملة ، ومن ينشر الآراء والتجارب المزيفة ( والفيدباك الاحتيالي ) ، وشهادات الزور المدفوعة ، بسهولة الامتحان والمادة وفهمها واكتمالها وعظمة الأستاذ صاحب الدورة الفلانية وألمعيته المنقطعة النظير وقدراته الخارقة في تعبئة عقول الطلاب بالمستوى الذي يعلو على مستوى المادة بل حتى أنه يوهمهم بالكذب والحيلة أنه قدم أسراراً في المنهاج لا يعرفها إلا طلبة الجامعة وذلك كله كعملية احتيالية متكاملة لبناء سمعة متراكمة من الزيف والوهم تهدف لاستقطاب أكبر عدد ممكن من الطلبة المسجلين ، فيدرك الطالب الجالس في قاعة فيها جميع المستويات مطمئناً من وراء هذا الغبن أن المادة أصبحت سهلة وبسيطة وأنه لا حاجة للقلق ، وكلما كان الطالب فاقداً للمهارات كلما وقع في هذا الفخ من الطمأنينة المؤقتة ويأتي الامتحان فيكشف هول هذه المصيبة والخديعة ..
وما بين وزارة تمارس حقها الطبيعي بحفظ العملية التربوية والأكاديمية وتكشف حقيقة كل من يدعي كمال العلم في مركزه الركيك ، أو على منصة أفرزت للعالم أرسطو وأفلاطون ( هكذا تستنبط من حجم المديح الذاتي في إعلاناتهم ) ، وما بين مدرس مادة يخرج للحديث وهو لا يفقه بديهيات العملية التربوية وهيبة المعلم وقوامة سلوكه ، حيث يخرج للعامة كمؤثر أكاديمي بأسلوب مبتذل باحثاً عن أعداد لا باحثاً عن جودة ما يقدم فهو يمارس عملاً تجارياً خالصاً مغلفاً بالعلم ، فهنا الطالب قد ضاع ، بين سؤال صعب ومعقد ، وبين تاجر راهن وتعهد لهذا الطالب بالتفوق الاستثنائي والمنفرد فقط إذا التحق بهذه الدورة أو سجل في تلك المنصة كطوق نجاته الأخير ..
ولأني لا أنتهج فن التنظير في كتاباتي ، وأتمنى دوماً معالجة الأخطاء ، فاليوم يجب على الدولة ضبط هذه العملية بدءاً من هذه المراكز والمنصات التي نزعت هيبة التعليم بأسلوبها المناكف والمتحدي لهذا الامتحان الوطني على حساب الطلاب ، فعلى حكومتنا ضبط هذا العبث والانفلات التسويقي والتعليمي الذي يذهب ضحيته الطالب
فاليوم عندما تتجول في أي شارع رئيسي ستجد ما لا يقل عن أربعة مراكز ، فيتوجب ضبط هذه الأعداد الهائلة وتوضيح اختصاصاتها ومراقبة اعلاناتها وتراخيصها ، وكيفية طرح خدمتها للطالب ، وإداراتها ، ووضع مدونة سلوك ونهج موحد لطريقة العرض بشكل لا يحتوي على المبالغة والأسلوب التجاري الهزيل ومنعها من نشر ( الفيدباك ) بالمطلق حيث من الصعب التحقق من مصداقية جميع ما ينشرون ، كما ويجب على كل من يدعي القدرة على تدريس طلاب الثانوية العامة تحديداً أن يحصل على ترخيص سواء عمل منفرداً أو لصالح منصة وإن كانت هذه المنصة مرخصة ، وأن يحتكم ويرتجع لمركز مؤهل ومتخصص فقط لذلك وكما وأن يدار - أي المركز - من قبل مجلس إدارة جميع أعضائه من حملة درجة الدكتوراه ، وليس مركزاً يدرس الأطفال هو ذات المركز لتدريس طلاب الثانوية العامة ، أو تلك المراكز التي تدار من قبل الهاربين من القضايا أو الباحثين عن الثراء السريع ويتاجرون بمستقبل الأجيال حيث يجب وضع أسس لهذا القطاع وتنظيمه وتصويب كل هذه الإختلالات ومنع وتجريم تضمين الإعلانات بجمل مثالية ( مثل العلامة الكاملة وغيرها ) لكل من المراكز والمنصات فهذا اعلان مضلل ورهان باطل يجب ايقافه ، وأن ينزل هؤلاء إلى مستوى الواقع ويدركوا أهمية التقييم واحترام تباين الطلاب وقدراتهم العقلية ، فهل من يتعهد بالعلامة الكاملة هو بالفعل معلم حقيقي قد دخل غرف صفية ويعلم فروقات الطلاب ؟ أم أنها ( سحبة رجل للتسجيل ) بلا رقيب أو حسيب ولا يهم ما سيواجهه الطالب بعد ذلك ، فالأهالي والطلاب لا يعرفون كل هذه الحيثيات ويتم التغرير بهم في كل عام بسبب عدم المصداقية ..
وأكبر رد على ادعاءات هذه الدكاكين التجارية المتاجرة بالعلم ، تفوق الطالبة الأولى على مستوى المملكة في العام الماضي ، والتي صرحت بعدم ذهابها لأي مركز أو استخدامها لأي منصة
ومن هنا نعلم أن مأساة طالب التوجيهي ليست بسؤال ، بل بمعرفة سبب تصعيب السؤال ، ومعاناته من التشتت والتخبط وعليه فكل من يتعهد بمئات العلامات كذباً وطمعاً بالمال وقتلاً للعلم ، يجب أن يحاسب
وكما ونؤكد أهمية أن تكون الأسئلة الوزارية واضحة لا فضفاضة ولا طويلة الحل خصوصاً في الدوائر كامتحان الرياضيات ، وأن لا تكون الإجابات جميعها حمالة أوجه صحيحة كما ورد في أحد أسئلة امتحان اللغة العربية فيجب تقنين المطلوب من الطالب في معظم الأسئلة وترك سؤال أو اثنين للقدرات العليا وجميع ذلك بما يتناسب مع الوقت المحدد
وكل معلم ومعلمة لا يؤديان عملهم على أكمل وجه في المدارس يجب محاسبتهم ، والجدير بالذكر أن أفضل محطة من محطات التوجيهي كانت في عهد دولة الدكتور عمر الرزاز والذي انتزع الظلم عن الطالب بإلغاء بند العدد المحدود من المحاولات في الفرع الواحد وجعل فرص ومحاولات الطالب غير محدودة ، كما وقدم استفتاء على برامج الامتحانات ، وعزز المسار الجامعي ومسار الكليات ..
فيجب استعادة الهدوء ورسم الحدود لكل اللاعبين في ميدان التوجيهي وضبط القطاع ومحاسبة كل المراكز والأساتذة الذين يهاجمون الوزارة ولجنة الامتحانات ، فهذا ما جنته مبالغاتهم ووعودهم المزيفة للطلبة ، ولن ننسى أهمية محاسبة كل من يتاجر بمأساة الجيل ويقف على أبواب المدارس ويصور مقابلات مسيئة لعاداتنا وتقاليدنا كمجتمع أردني وشرقي ومسلم ، وهؤلاء أيضاً يتوجب عدم نزولهم للشوارع وحملهم ( للمايكروفون والكاميرات ) قبل تحقيقهم لشروط صارمة وحصولهم على ترخيص ..
نشكركم على القراءة، ونتطلع لمشاركتكم في مقالاتنا القادمة للحصول على أحدث الأخبار والمستجدات.