نقدم لكم زوارنا الكرام أهم وآخر المستجدات كما وردت في المقال التالي: قوانين جديدة لحماية اللاعبين.. توصيات طبية تهدد روزنامة «فيفا» - تليجراف الخليج اليوم الأحد 29 يونيو 2025 12:08 صباحاً
في وقت تتسارع فيه روزنامة كرة القدم العالمية دون هوادة، وبينما يسابق اللاعبون الزمن للالتحاق بتدريبات أنديتهم ومنتخباتهم وسط ضغط المباريات المتواصل، ظهرت دعوة جديدة قد تغير قواعد اللعبة من جذورها، فقد أوصت دراسة طبية صادرة عن الاتحاد الدولي للاعبين المحترفين «فيفبرو» بمنح اللاعبين فترات راحة إلزامية خارج الموسم، ينقطعون فيها تماماً عن أي نشاط رياضي أو تواصل رسمي مع الأندية والمنتخبات، فيما يشبه «الإقلاع القسري» عن الكرة، كوسيلة لإعادة برمجة الأجساد وحمايتها من الانهيار.
ووضعت الدراسة، التي اعتمدت على آراء 70 خبيراً من أبرز المتخصصين في مجالات الأداء والطب الرياضي، إطاراً تفصيلياً لتطبيقها، شمل 12 توصية رئيسية، من بينها تخصيص 4 أسابيع كاملة لإعادة التأهيل التدريبي بعد فترة التوقف، ويوم راحة أسبوعي إلزامي خلال الموسم، وأسبوع إجازة في منتصف الموسم يخلو من أي التزامات تدريبية، ورغم أن بعض هذه التوصيات قد تكون مطبقة جزئياً في عدد من الدوريات الكبرى ضمن اتفاقيات جماعية، إلا أن كرة القدم الدولية تفتقر حتى الآن إلى لوائح موحدة، تضمن حقوق اللاعبين الصحية على المستوى العالمي، وهنا يكمن التحدي الأكبر، إذ تقف مصالح الأندية، ومتطلبات الاتحادات، ومشاريع البطولات الكبرى حاجزاً صلباً أمام تنفيذ تلك الإجراءات.
شفرة
وقال دارين بورجيس، كبير مستشاري الأداء العالي في «فيفبرو»: فك شفرة الجسد البشري ومسألة الأداء والإصابات الرياضية ستظل تحدياً علمياً مستمراً، لكن هناك معايير دنيا لا يمكن تجاهلها، منها الراحة الكافية بين المباريات وفترات الاستشفاء خارج الموسم، وهي معايير تطلبها قوانين الصحة والسلامة المهنية المعتمدة في كل القطاعات، وتعكس تصريحات بورجيس إدراكاً متزايداً لدى المؤسسات المعنية بشؤون اللاعبين بأن التقدم في الأداء الرياضي لا يمكن فصله عن التوازن البدني والنفسي، فكلما ارتفع سقف المنافسة زادت الحاجة إلى منظومة مدروسة، تحترم طبيعة الجسم البشري، وتمنحه المساحة الكافية للتعافي والتطور. وينظر إلى هذه المعايير اليوم على أنها حجر أساس في أي مشروع رياضي مستدام، لا سيما في ظل الارتفاع الملحوظ في معدلات الإصابات العضلية والإجهاد المزمن، حتى بين نخبة اللاعبين في الدوريات الكبرى.
وتشهد الولايات المتحدة هذه الفترة منافسات النسخة الموسعة من بطولة كأس العالم للأندية، وسط تحذيرات متزايدة من مستويات إجهاد غير مسبوقة تطال اللاعبين بعد موسم طويل ومرهق. وفي هذا السياق طرحت «فيفبرو» توصيات جديدة تدعو إلى إجراءات واضحة لإدارة إرهاق السفر، وتخصيص فترات استراحة بعد الرحلات الطويلة، في خطوة تعد سابقة على صعيد التدخل التنظيمي لحماية اللاعبين.
ولم يغفل التقرير الفئات الأصغر سناً، إذ دعا إلى توفير حماية مضاعفة للاعبي الأكاديميات الذين تقل أعمارهم عن 18 عاماً، وضمان ألا تتجاوز أعباؤهم التدريبية والبدنية حدوداً معينة، بما يتماشى مع معايير نموهم العقلي والجسدي.
أولويات
وتطرح هذه التوصيات في وقت تتصاعد فيه الأصوات المطالبة بإعادة ترتيب أولويات كرة القدم، بحيث تمنح صحة اللاعبين الجسدية والذهنية مكانة أساسية في لوائح الاتحاد الدولي. وبينما تحاول الجهات الطبية والنقابية الدفع نحو تغيير حقيقي تظل التحديات قائمة في ظل تضارب المصالح بين الجهات المنظمة والمستثمرين والرعاة، ما يجعل تطبيق تلك الإجراءات مرهوناً بإرادة جماعية تضع سلامة اللاعب فوق كل اعتبار.
وتحول مفهوم الراحة من رفاهية اختيارية إلى مطلب نقابي وطبي مدعوم بالأدلة، يعكس بداية مرحلة جديدة في تنظيم كرة القدم، تقوم على مبدأ أن صحة الإنسان لا يمكن أن تكون خاضعة للمساومة، ولم يعد مقبولاً أن ينظر إلى اللاعبين كونهم آلات قادرة على الأداء دون توقف، أو كوسيلة لتحقيق المكاسب التجارية فحسب، بل بات من الضروري الاعتراف بأن الاستدامة الحقيقية في كرة القدم تبدأ من حماية العنصر البشري، وتضع هذه المرحلة الأندية والاتحادات والرعاة وكل أصحاب القرار في اللعبة أمام مسؤولية حقيقية لإعادة ترتيب الأولويات، بحيث تتقدم صحة اللاعبين وسلامتهم المهنية والنفسية على أي اعتبارات تجارية أو حسابات تتعلق بالأرباح وتوسيع البطولات.