السفر الصيفي.. انفتاح ثقافي وتعزيز للنضج اللغوي - تليجراف الخليج

نقدم لكم زوارنا الكرام أهم وآخر المستجدات كما وردت في المقال التالي: السفر الصيفي.. انفتاح ثقافي وتعزيز للنضج اللغوي - تليجراف الخليج اليوم الاثنين 30 يونيو 2025 12:08 صباحاً

الرحلات إلى وجهات ثقافية أو علمية تترك أثراً طويل الأمد على شخصية الطفل

تحفيز الطفل على تدوين ملاحظاته أو تصوير تقرير مصور عن تجربته

أفاد تربويون بأن السفر الصيفي يمكن أن يتحول إلى تجربة تعليمية عميقة تؤثر بشكل إيجابي على مهارات الأبناء الأكاديمية والاجتماعية، مشيرين إلى أن بعض الأطفال العائدين من رحلات تثقيفية يصبحون أكثر طلاقة لغوية ووعياً معرفياً مقارنة بزملائهم الذين لم يخوضوا هذه التجربة.

وأوضحوا أن الرحلات المنظمة إلى وجهات ثقافية أو علمية، كالمتاحف والجامعات أو المعسكرات البيئية، تترك أثراً طويل الأمد على شخصية الطفل، وتفتح مداركه على مفاهيم جديدة يصعب تحقيقها في الفصل الدراسي التقليدي، مشيرين إلى أن نجاح الرحلة التعليمية يعتمد إلى حد كبير على وعي أولياء الأمور في اختيار الوجهات المناسبة، وتوجيه الأطفال خلال التجربة.

واستعرض تربويون وخبراء نفسيون كيف يمكن للعائلات أن تصنع من عطلتها الصيفية تجربة تعليمية متكاملة، حيث أجمعوا على أن الصيف يمكن أن يكون فصلاً دراسياً متنقلاً بامتياز.

أكثر وعياً

أكد التربوي أيمن البسطويسي، أن الأطفال الذين يخوضون تجارب سفر تعليمية يعودون إلى المدرسة بوعي مختلف ونضج لغوي واضح، وقال: «من واقع متابعتي للطلبة العائدين من سفرات خارجية تتسم بالطابع الثقافي والتفاعلي، ألاحظ أن قدرتهم على التعبير أعلى، ومهاراتهم في الحوار والملاحظة والاستنتاج تكون متقدمة مقارنة بزملائهم».

وأوضح أن الطفل حين يزور متحفاً علمياً أو يشارك في ورشة بيئية في الخارج، فإنه لا يتعلم فقط عن الكائنات أو الفلك، بل ينمي مهارات التفكير النقدي وربط المعلومات، وهو ما لا توفره بعض المناهج.

وأضاف: «حتى مجرد التجول في شوارع مدينة تاريخية، أو الاستماع لشرح في موقع أثري، يوقظ لدى الطفل تساؤلات كثيرة تجعله أكثر انفتاحاً وفضولاً».

وأفاد بأن البيئة الجديدة تخلق حالة ذهنية محفزة للطفل، فيتعلم من التفاعلات اليومية ومن مواقف بسيطة مثل التعامل مع لغة جديدة أو فهم ثقافة مغايرة، مشيراً إلى أن بعض المدارس لاحظت أن الطلبة العائدين من عطلات ثقافية يكونون أكثر اندماجاً في الحصص، خصوصاً تلك المتعلقة بالجغرافيا واللغات.

وذكر أن الرحلة التعليمية لا تشترط التسجيل في برنامج رسمي، بل يمكن لولي الأمر أن يصنعها بذكاء عبر اختيار الأماكن المناسبة، وتحفيز الطفل على تدوين ملاحظاته، أو تصوير تقرير مصور عن تجربته.

حسن الاختيار

أما التربوية سهى القدسي فترى أن قيمة السفر تكمن في حسن توجيهه، وقالت: «ليس كل سفر يحمل قيمة معرفية، فقد تقتصر بعض الرحلات على الاستجمام أو التسوق، لكن حين يختار الأهل مدناً ذات طابع تعليمي، فإن الطفل يكتسب مهارات متعددة في وقت قياسي».

وأوضحت أن اختيار المعالم التي يزورها الطفل يجب أن يكون متنوعاً بين العلمي والتاريخي والفني، لأن هذا التنوع هو ما يُحدث الأثر. وأضافت: «حين يزور الطفل حوض أسماك تفاعلي، أو يشارك في نشاط فلكي ليلي، فهو لا ينسى هذه التجربة، بل تربط المعلومات النظرية في ذهنه بواقع حسي ومرئي».

وأكدت أن أهم عنصر في الرحلة التعليمية هو إشراك الطفل في التخطيط لها. وقالت: «دعوة الطفل لاختيار بعض المواقع أو اقتراح نشاطات يود تجربتها تمنحه شعوراً بالمسؤولية، وتفتح عينه على البحث والاستكشاف».

كما شددت على أهمية تخصيص وقت للمحادثات العائلية بعد كل زيارة تعليمية، وتابعت أن تدوين الطفل ليوميات الرحلة أو مناقشته في تفاصيلها يعزز قدرته على التذكر والتحليل، ويحول التجربة من نشاط ترفيهي إلى مشروع تعليمي متكامل.

بناء الشخصية

ومن جانبه، يرى مروان حامد مرشد، اجتماعي وأكاديمي في مدرسة المعارف، أن للسفر أبعاداً تتجاوز التعلم الأكاديمي إلى بناء الشخصية، وتعزيز النضج العاطفي والاجتماعي، موضحاً أن في السفر، يُضطر الطفل للخروج من منطقة الراحة، فيتعلم الاستقلال، ويواجه مواقف جديدة تتطلب منه اتخاذ قرارات صغيرة، ما يعزز ثقته بنفسه.

وأوضح أن الأطفال الذين يسافرون بصحبة أهلهم إلى دول ذات ثقافات مختلفة، يتعلمون التسامح والانفتاح والتفهم، مضيفاً أن السلوكيات المجتمعية التي يشاهدها الطفل في الخارج تفتح عينه على التنوع والاختلاف، وتجعله أكثر قبولاً للآخر، وهي مهارات نفسية واجتماعية لا تقل أهمية عن التحصيل الدراسي.

وأشار إلى أن مشاركة الطفل في أنشطة جماعية ضمن برامج ثقافية أو ورش تدريبية خلال السفر تتيح له التعرف إلى أقران من خلفيات متعددة، مما يعزز لديه مهارات التواصل، وتسهم في إعادة بناء شخصية الطفل.

وعي أسري

ومن جهتها تقول فاطمة الحمادي، ولية أمر، إن تجربتها في السفر الصيفي كانت محورية في تشكيل اهتمامات أطفالها.

وقالت: «وجدت أن اختيار الدول التي تقدم تجارب علمية وثقافية غنية ساعدت أبنائي على استيعاب المفاهيم التي يدرسونها، لكن بطريقة مشوقة ومباشرة».

وأشارت إلى أنها تمنح المساحة لأبنائها لاختيار الأماكن التي يرغبون بها. وأكدت أن الأهل عليهم التفكير في السفر كاستثمار تربوي، وليس مجرد ترف.

وتابعت: إن العطلة الصيفية فرصة ذهبية لتقوية المهارات التي لا يتسع لها وقت المدرسة، مثل التحدث بلغة جديدة، أو تعلم التصوير، أو خوض تجربة الزراعة أو الطهي المحلي.

كما شددت على أن التخطيط المسبق هو مفتاح نجاح الرحلة، وقالت: «خصصنا وقتاً للبحث والقراءة المسبقة عن الدول قبل السفر إليها، وناقشنا مع الأبناء الأماكن التي سنزورها، وطلبنا منهم أن يعدّوا تقريراً مصوراً بعد العودة»، معتبرة أن هذا الأسلوب يعمّق الفائدة التعليمية ويحول الرحلة إلى تجربة لا تُنسى.