شكرًا لمتابعتكم، سنوافيكم بالمزيد من التفاصيل والتحديثات الاقتصادية في المقال القادم: جولة مُخلصية في المتحف الملكي الزحلي - تليجراف الخليج ليوم الاثنين 30 يونيو 2025 01:28 صباحاً
زيارة الأُسرة التربوية في مدرسة "المُخلص"–بدارو زحلة، لم تكن بالزيارة العابرة. لقد غاص التربويون، وعلى رأسهم رئيس المدرسة الأب جورج أبو شعيا، في تاريخ نضالي حافل لأبناء المنطقة، يُجيب عن ثلاثة أسئلة كبيرة:
-لماذا تُعد "زحلة" عاصمة الكثلكة؟
-وما دور الزحليين في هذا المجال؟
-وما العِبَر من كُل ذلك في حاضرنا؟...
وأما زيارة "المُتحف الملكي"، الحاكي في أرجائه تاريخا من الشواهد على الصُمود والتجذُر الإيماني، فتمر أولا بجولة في "الكاتدرائية"، مع المسؤول الإعلامي في أبرشية الفرزل وزحلة والبقاع، للروم الملكيين الكاثوليك، خليل عاصي.
البداية من المدخل، وقد "ضُرب" حجر الكاتدرال، في العام 2016، بالرمل والمياه، لإزالة عوامل الطقس عنه، فيظهر إذاك جماله الطبيعي!.
وأما باب "الكاتدرائية" فكان عاديا، قبل إرساله إلى الشام حيث تم تلبيسه بنحاس "مطروق على اليد". وفي الزوايا الأربع للباب حضور للإنجيليين الأربعة، إضافة إلى أيقونتَي القيامة وسيدة النجاة.
بُنيت "الكاتدرائية" في العام 1846، ما يُؤكد التجذُر الإيماني في هذه البقعة العزيزة من لُبنان. وقد ترممت بمراحلة زمنية مُتعددة. وأما المرحلة الأخيرة من الترميم، فبدأت في العام 2011، وانتهت في الـ 2017.
يقول عاصي في هذا المجال: "... في العام 2011، وصل إلى زحلة فنانون أوكرانيون وروس، وكتبوا الأيقونات الجدارية. ويُضيف مُمازحا: "الأوكران والروس كانوا مُتفقين في ذلك الوقت، لا أدري إن كانوا تعلموا منا كيف يُغذون الخلافات في ما بينهم"...
وقد مكث الفنانون هؤلاء، سنتين ونصف السنة، في مطرانية زحلة، وقاموا بعمل رائع!، إذ كتبوا الأيقونات التي تُجسد مراحل آلام السيد المسيح.
وفي الـ2015 – 2016، لم تكُن جدران "الكاتدرائية" على ما هي الآن، إذا كانت "مُوَرَّقة" بالطين. وحين أُزيل الطين عن الحجر، اكتُشفت غُرفتان كان طُلي مدخلهما بالطين أيضا، فانتفى إذاك أيُ أثر لوجودهما... وبعد إجراء الدراسات تبين أنهما "غرفتا اعتراف" داخل الكاتدرائية، وضمنهما نوافذ تُطل على الخارج كما وعلى الداخل.
وفي ذلك الحين، لم يكُن المُؤمنون يدخلون إلى الكنيسة قبل الاعتراف إلى الكاهن، والإقرار بذُنوبهم. ويتم ذلك وهُم خارج الكنيسة. ومن خلال النافذة، كانوا يطلبون الغفران بحرارة إيمانية وتوبة صادقة.
وفي وسط "الكاترائية" أدراج، توصل إلى "مكان مُرتفع"، إذ لم يكن قديما ثمة مُكبر للصوت (ميكروفون). ولذا، فقد كان الكاهن يتلو الإنجيل المُقدس من هذا "المكان المرتفع"، كما ويعظ منه أيضا.
وكذلك تنتشر الأيقونات على أعمدة "الكاتدرائية" التي تمتاز أيضا بكتابة أيقونة للبابا القديس يوحنا بولس الثاني، بحسب الطقس البيزنطي، و"قد يكون ذلك من الأيقونات النادرة حتى الآن" يُؤكد عاصي.
بحرتا الموزاييك
كُل التفاصيل تغيرت في "الكاتدرائية"، باستثناء تفصيلين اثنين: "بحرة الموزاييك" في الوسط، وكذلك البحرة أمام الهيكل.
وقد جرى العمل على ترمييم البحرتين، على يد اختصاصيين جاؤوا من حلب، مع الإشارة إلى أن من صنع البحرتين في الأساس، في العام 1846، هُم من حلب.
وأما "الموزاييك" أمام الهيكل، فموجود في ثلاثة أمكنة فقط في كُل لُبنان: "الكاتدراية" الزحلية، وقصر بيت الدين وكنيسة دير المُخلص في جون – الشوف.
وقد ازدانَت جوانب من الكاتدرائية باللون الأصفَر الذهبي، هدية من فرنسا.
ولفت عاصي أيضا، في هيكل الكاتدرائية، إلى عرش المطران، حيث يجلس المطارنة في الاحتفالات الدينية الكُبرى.
وبسماح استثنائي، دخل وفد الأُسرة التربوية في مدرسة "المُخلص" – بدارو، إلى المذبح الرئيسي للكاتدرائية، وعاينوا الهيكل الضخم الذي تم تجديده وتنظيفه، في سياق ورش الترميم.
على رأس الهيكل أربعة ملائكة، وزن كل منها 20 كيلوغراما، وهي مطلية بالذهب.
كما وتم ترميم الهياكل الصغيرة أيضا. وهنا المُفارقة أنْ لكثرة التنظيف، خفت معالِم الحفر على الخشب وقد طلي الخشب بالذهب الأصفر اللماع.
وحين كان العمل جار على توسعة الكاتدرائية، في العام 2016، كان ثمة مدفن للمطارنة، في زاوية صغيرة تحت المذبح. وقد اقتُرحت إقامة مدفن لائق للمطارنة، بدلا من المدفن الضيق. وخلال العمل على توسعة المدفن، بالمعول والرفش، تم اكتشاف غرفة مطمورة بالتراب، طولها خمسة عشر مترا، وعرضها، كما وارتفاعها، خمسة أمتار لكُل منهما.
ويُمكن النظر إلى الغُرفة المُكتشَفة من خلال لَوْح زُجاجي على الأرض، خلف المذبح الرئيسي.
وتُستخدم الغرفة المُكتشفة ككابيللا، وتُفتح مرة واحدة فقط في السنة، في يوم تذكار الموتى المُؤمنين، حيث تُرفع الصلوات في داخلها، على نية المُتوَفين. وعندما عاينَت دائرة الآثار في وزارة الثقافة الغُرفة، تبين لها أنها أُشيدت على أنقاد كنيسة وجدت قبلها في المكان نفسه. ما يعني أنْ لو استُكمِلت أعمال الحفر، لكانَت ظهرت أشياء أُخرى كثيرة... وقد دُفن في جناح من ذلك المكان، بعد انتهاء أعمال الترميم، المطران أندريه حداد والأب جورج بشير.
كل هذه المعلومات... ولم ندخُل بعد إلى "المتحف الملكي" في زحلة، ولكننا ما زلنا نستطلع ما في الكاتدرائية من كُنوز...
وكذلك لم يتسنَ لنا بعد، الاطلاع على تفاصيل تعود إلى الكاهنَيْن "الشجاعَيْن"، موسى وفيليبوس، اللذين كلفهُما رئيس أساقفة زحلة للروم الملكيين الكاثوليك، في القرن التاسع عشر، السفر إلى أوروبا، وتحديدا إلى روما والإمبراطورية النمساوية، لتأمين الدعم لبناء مدرسة في زحلة...
إذا، فللحديث صلة...