نقدم لكم زوارنا الكرام أهم وآخر المستجدات كما وردت في المقال التالي: من هو الذبيح.. إسماعيل أم إسحاق؟.. جدل طويل... - تليجراف الخليج اليوم الأربعاء 2 يوليو 2025 11:28 مساءً
ما يزال سؤال "من هو الذبيح" الذي افتُدي بذبح عظيم يشغل الباحثين وطلاب العلم وحتى القراء العاديين عبر القرون: هل هو إسماعيل أم إسحاق عليهما السلام؟
ورغم أن التوراة العبرية الحالية تصرّح بأن الذبيح هو إسحاق، فإن المرويات الإسلامية والقرآن الكريم يعطيان صورةً أعمق تكشف عن تمايز زمني وموضوعي بين بشارتين مختلفتين، فتُرجّح لدى أكثر المحققين أن الذبيح هو إسماعيل.
تسلسل قرآني يكشف الحقيقة
في سورة الصافات، يروي القرآن أن إبراهيم بُشّر أولًا ﴿بِغُلَامٍ حَلِيمٍ﴾ دون أن يُذكر اسمه، ثم جاءت قصة الذبح: ﴿فلمّا بلغ معه السعي…﴾ إلى أن فداه الله ﴿بذبحٍ عظيمٍ﴾.
وبعدها مباشرة يقول تعالى: ﴿وبشرناه بإسحاق نبيًّا من الصالحين﴾.
هذا التسلسل يدل بوضوح على أن الغلام الحليم الذي جاءه الابتلاء بالذبح كان إسماعيل – وهو الابن البكر لإبراهيم من هاجر – وأن البشرى الثانية بإسحاق جاءت بعد نجاح إبراهيم في الاختبار العظيم.
ماذا قال المفسرون؟
أكد هذا التحليل كبار المفسرين مثل ابن كثير، وابن القيم في زاد المعاد، والسهيلي في الروض الأنف، والقرطبي، إذ قالوا إن القرآن قصد أن يفرّق بين بشارتين: واحدة مطلقة بغير اسم، وهي بإسماعيل، والأخرى صريحة بإسحاق بعد النجاة.
في المقابل، يظهر القول بأن الذبيح هو إسحاق في بعض التفاسير مثل الكشاف للزمخشري ومفاتيح الغيب للرازي، غالبًا بناءً على روايات إسرائيلية تسربت عن كعب الأحبار ووهب بن منبه.
لكن جمهور السلف وأهل الحديث رأوا أن هذه الروايات لا تصمد أمام نصوص القرآن الواضحة، خاصة أن إسماعيل كان الابن البكر، ومن عادة الناس أن يُنذروا البكر، فضلًا عن أن البشرى بإسحاق جاءت متأخرة ومقرونة بحفيده يعقوب ﴿فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَاقَ وَمِنْ وَرَاءِ إِسْحَاقَ يَعْقُوبَ﴾.
التحريف والتاريخ
يشير ابن القيم وغيره من المحققين إلى أن التوراة المحرّفة نقلت قصة الذبح عن إسماعيل إلى إسحاق لأسباب قومية، إذ ينسب اليهود النبوة والبركة إلى نسل إسحاق دون إسماعيل.
لكن التحقيق القرآني والتاريخي، وأقوال أغلب العلماء، تؤكد أن الذبيح الذي فداه الله بذبح عظيم كان إسماعيل بن إبراهيم عليهما السلام.
كلاهما نبي كريم
ورغم هذا الجدل التاريخي، يجمع المسلمون على تعظيم إسماعيل وإسحاق معًا؛ فهما نبيّان كريمان جعلهما الله من ذرية إبراهيم الخليل الذي قال عنه القرآن ﴿إنه كان صديقًا نبيًّا﴾.
ولا يصح في الإسلام تفضيل أحدهما بمعنى الانتقاص من الآخر، فكلاهما محل تقدير ومحبة واتباع لدى كل مسلم، وتبقى قصة الذبح رمزًا خالدًا للتضحية والإيمان المطلق بالله تعالى.