القصص الشعبية الإماراتية.. التراث يبحث عن ثوب عصري لمخاطبة الأجيال - تليجراف الخليج

نقدم لكم زوارنا الكرام أهم وآخر المستجدات كما وردت في المقال التالي: القصص الشعبية الإماراتية.. التراث يبحث عن ثوب عصري لمخاطبة الأجيال - تليجراف الخليج اليوم الجمعة 4 يوليو 2025 03:12 صباحاً

رُبّ حكاية قديمة تُروى على لسان الجدة تُشعل في ذهن طفل صغير شرارة الخيال. في زمن كانت فيه المجالس العامرة ينيرها السراج، كانت القصص الشعبية الإماراتية بمثابة التلفاز الأول، والمسرح الأول، والمعلم الأول.

واليوم، ومع زخم التقنية وسرعة الإيقاع، يُطرح سؤال مهم: هل لا تزال هذه الحكايات قادرة على الوصول إلى الأجيال الجديدة؟ وهل يمكن أن تبعث من جديد بأساليب تواكب العصر الرقمي؟

«تليجراف الخليج» طرحت هذا التساؤل على مجموعة من المختصين والمهتمين بالشأن التراثي والثقافي، وخرجت برؤى متنوعة تلتقي عند هدف واحد: إعادة إحياء القصص الشعبية بأساليب إبداعية.

أحمد الكتبي

يرى أحمد الكتبي، المتخصص في توظيف الذكاء الاصطناعي في الحكايات، أن القصص الشعبية الإماراتية تتميز بحكمتها وعمقها الإنساني، وتعكس قيم المجتمع وهويته. كما أشار إلى أنها غنية بعناصر الخيال والتشويق، ما يجعلها مناسبة تماماً لإعادة تقديمها بشكل عصري.

وعن الوسائل المناسبة لإيصال هذه القصص، اقترح الكتبي تحويلها إلى فيديوهات قصيرة باستخدام الرسوم المتحركة أو مشاهد واقعية مدعومة بالذكاء الاصطناعي، ونشرها عبر منصات مثل «تيك توك»، و«إنستغرام»، إلى جانب استخدام التطبيقات التفاعلية التي تُقرّب المحتوى التراثي للأطفال بطريقة ممتعة.

أما عن مساهمته، فقال: «الذكاء الاصطناعي يمكنني من إبداع صور ومشاهد وسيناريوهات تنقل القصة بشكل بصري جذاب، وأحياناً خيالي، يحاكي عقلية الجيل الجديد ليتفاعلوا معها كما لو أنها قصة معاصرة».

المسرح يعيد الحياة للقصص

أحمد الماجد

الكاتب المسرحي أحمد الماجد يرى أن القصص الشعبية هي الذاكرة الجمعية للأمة، وإحدى أهم أدوات الحفاظ على الإرث الثقافي وتعزيز الهوية الوطنية. ويضيف: «استفادت القصص الشعبية كثيراً من التطبيقات الإلكترونية وتقنيات الذكاء الاصطناعي وحتى تقنيات الهولوغرام، فما كنا نقرأه صرنا نراه، وبأسلوب مشوق».

وبصفته كاتباً مسرحياً، أكد أنه استند في عدد من أعماله إلى القصص الشعبية، حيث أخضعها لمعالجة درامية تضمّنت عمقاً فكرياً وبعداً جمالياً، ومنحها شكلاً جديداً يتلاءم مع روح العصر.

وأشار إلى أن المسرح، بكل ما يحمله من عناصر موسيقية وبصرية وتفاعل مباشر، أعاد لتلك الحكايات حياتها، وقدمها للمتلقي بشكل معاصر وجذاب.

تعزيز الهوية

عايشه غابش

من جهتها، أوضحت الكاتبة وصانعة المحتوى عايشة غابش أن ما يميز القصص الشعبية الإماراتية هو ارتباطها العميق بالهوية الثقافية، واحتواؤها على عناصر من الحياة الإماراتية القديمة، مثل البحر والصحراء وتاريخ تجارة اللؤلؤ، إلى جانب القيم الأصيلة مثل الكرم والتواضع والشجاعة.

وأكدت أهمية استثمار الوسائط الحديثة لإعادة تقديم القصص، مثل الروايات الصوتية، والرسوم المتحركة، والفيديوهات القصيرة، والكتب التفاعلية، مشيرة إلى أن هذه الوسائل تحفّز خيال الأطفال وتثير فضولهم.

ولفتت إلى أن القصص التي تضم شخصيات خرافية مثل «أم الدويس»، و«بابا درياه» تخلق جواً من الإثارة يدفع الأطفال للبحث والتساؤل، ما يفتح لهم أبواباً جديدة من المعرفة.

وعن مساهمتها كمديرة للفعاليات، قالت: «من خلال رواية قصة شعبية في دقيقة أو ثلاث كحد أقصى بصيغة حكواتي مع خلفية موسيقية تراثية، أو عن طريق برامج مدرسية ومعسكرات صيفية، يمكننا تقريب هذا التراث من الأطفال والناشئة».

وأضافت أنها أصدرت قصة بعنوان «الباحث الصغير» تحولت إلى لعبة إلكترونية تروي مغامرة طفل اسمه سعيد يبحث عن مفهوم «السنع»، ليصبح باحثاً في التراث ويتفاعل مع الجمهور عبر مواقع التواصل.

هل نحتاج إلى أكثر من هذا لنعيد الروح لحكايات أمهاتنا وجداتنا؟ ربما يكفي أن نصدق أن القصص الشعبية ليست من الماضي، بل من المستقبل أيضاً.. إذا عرفنا كيف نرويها.