«دردشة الذكاء الاصطناعي».. هل تشكل خطراً على المراهقين والشباب؟ - تليجراف الخليج

نقدم لكم زوارنا الكرام أهم وآخر المستجدات كما وردت في المقال التالي: «دردشة الذكاء الاصطناعي».. هل تشكل خطراً على المراهقين والشباب؟ - تليجراف الخليج اليوم السبت 5 يوليو 2025 11:54 مساءً

البعض يستعيض بالتطبيقات عن محيطه من الأسرة والأقارب والأصدقاء

فرضت التطبيقات الذكية نفسها مع التطور الهائل لتقنيات الذكاء الاصطناعي، حيث بات البعض يستعيضون عن محيطهم من الأسرة والأقارب والأصدقاء بتطبيقات تقدم محادثة سريعة، في ظاهرة تسللت بصمت إلى تفاصيل الحياة اليومية.

وانتشرت في الآونة الأخيرة مقاطع لمؤثرين ومؤثرات يتبادلون أطراف الحديث مع الذكاء الاصطناعي، بل ويستشيرونهم ويحصلون منهم على الدعم العاطفي، وهو ما حذرت منه مسوحات ودراسات أمريكية وأوروبية، مؤكدة أن الإفراط في استخدام هذه التطبيقات يهدد التواصل المجتمعي ويؤثر في سلوكيات الأفراد سلبياً.

أكاديميون وخبراء أكدوا أن تقنيات الذكاء الاصطناعي ليست بديلاً عن العلاقات الإنسانية، وأن الإفراط في استخدامها يحمل مخاطر العزلة والوحدة والتباعد المجتمعي، خاصة بين المراهقين والشباب، مشيرين إلى أننا مقبلون على تغيير ملموس في شكل الحياة اليومية بسبب الطفرة الكبيرة في تقنيات التواصل.

مبالغة

ويرى الدكتور منصور العور، رئيس جامعة حمدان بن محمد الذكية، أن وصف الظاهرة بأنها قد تغني عن بعض أشكال التواصل الإنساني فيه قدر من المبالغة، ولا ينبغي تضخيمه خارج إطاره الواقعي، مؤكداً أن أدوات الذكاء الاصطناعي وجدت لتكون وسائل مساعدة، لا بدائل عن العلاقات الإنسانية، وهي تعكس تطوراً طبيعياً في أدواتنا اليومية، تماماً كما فعل الهاتف أو الإنترنت من قبل، ومن هذا المنطلق لا أرى في هذا التحول خطراً اجتماعياً بقدر ما أراه فرصة لإعادة تعريف أنماط التواصل والتفاعل.

استشراف المستقبل

وأضاف: أما من حيث تنظيم استخدام هذه الأدوات، فإن التشريعات هي من اختصاص الجهات التشريعية في الإمارات، وهي سباقة في استشراف المستقبل ووضع الأطر التنظيمية اللازمة لضمان الاستخدام الآمن والأخلاقي لهذه التقنيات، بما ينسجم مع القيم المجتمعية والإنسانية، وفي كل الأحوال فإننا مقبلون على تغيير ملموس في شكل الحياة اليومية، وستكون أدوات الذكاء الاصطناعي جزءاً من هذا التحول، ليس بديلاً عن الإنسان، بل شريكاً يعزز من جودة الحياة ويثري التجربة البشرية.

3 عوامل

وقال الدكتور جاسم المرزوقي، استشاري العلاج النفسي والأسري في دبي: إن الظاهرة ترتبط بثلاثة عوامل رئيسية، وهي الاحتياج للتفهم دون مساءلة، والاستجابة الفورية، والشعور بالأريحية والأمان النفسي.

وتابع: إن العلاقات البشرية بطبعها تفرض التزامات وردود فعل متوقعة، بينما توفر تطبيقات الدردشة بيئة محايدة وداعمة، يشعر فيها المستخدم بأنه مسموع دون أن يحاسَب أو ينتقد، لا سيما إذا تعلق الأمر بمواضيع شخصية أو حساسة، لافتاً إلى أنه من أعمق الاحتياجات النفسية هو الشعور بالتقبل من دون أي شروط، وفي ظل علاقات اجتماعية مشبعة بالتقييم والحكم والرفض يجد البعض في مثل هذه التطبيقات الذكية طرفاً محايداً ومستمعاً جيداً من دون إبداء أحكام على الطرف الآخر، ما يعزز الانسحاب من الواقع لصالح الشاشة.

وأكد أن هذا الانسحاب والاعتماد المتزايد على التكنولوجيا والتفاعل العاطفي معها سينعكس سلباً على المجتمع من خلال خلق ما يسمى بـ«وهم العلاقة».

مهارات الحوار

وأضاف: بناء على الدراسة التي أجرتها جامعة ستانفورد في العام 2023 يؤدي الإفراط في استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي لأغراض عاطفية إلى الوحدة الاجتماعية وضعف مهارات الحوار والتواصل الواقعي والتعاطف، لا سيما لدى فئة الشباب والمراهقين، وهذا ما أكدته إحدى الدراسات الحديثة في أمريكا.

وأشار إلى دراسة أخرى أجرتها جامعة هارفارد تقول إن 36% من البالغين في أمريكا يعانون من مشاعر الوحدة بشكل دائم مع غياب الدعم العاطفي الواقعي، ما يغريهم بتجربة التواصل السهل مع الذكاء الاصطناعي، إلا أن النتيجة تكون عكسية، لأنها تؤدي إلى تآكل الروابط الاجتماعية وتراجع الإحساس بالمشاركة والانتماء وتبلد الوجدان.

وأكد أن الذكاء الاصطناعي يعتبر أداة داعمة، إلا أنها لا يمكن أن تكون بديلاً للمشاعر الإنسانية المختلفة، حيث تبقى العلاقات الإنسانية، رغم تعقيدها، المصدر الأصيل للتفاعل والدفء، وتبقى اللمسة الإنسانية هي الأصدق والأكثر تأثيراً.

علاقات حقيقية

وقال سالم النار، مستشار التنمية البشرية: إن التقنيات الذكية باتت تستخدم وسيلة للهروب من المواجهة العاطفية أو الخوف من الرفض، ففي العلاقة مع الذكاء الاصطناعي، لا توجد مخاطرة من هذا النوع، وهذا ما يجذب الأشخاص الذين يعانون من مشكلات في التواصل أو خيبات اجتماعية سابقة، أو حتى العلاقات الحقيقية التي تتطلب مجهوداً نفسياً وإنسانياً.

دعم عاطفي

وأكدت الدكتورة شاكيل أجنيو، أستاذ مشارك في علم النفس، أن «البديل الذكي» المؤقت يشكل تهديداً لمفهوم الصداقة والشراكة الزوجية المبنية على التواصل الحي والتفاعل الإنساني.

وأشارت إلى أن استخدام هذه التطبيقات للحصول على الدعم العاطفي يرتبط ارتباطاً وثيقاً بالارتفاع العالمي للشعور بالوحدة، حيث حذرت منظمة الصحة العالمية من أن الشعور بالوحدة المزمن يمثل مخاطر صحية تضاهي تدخين 15 سيجارة يومياً.

وقالت: إن تفاعلات الذكاء الاصطناعي تمنح شعوراً بالراحة وسهولة الوصول، لا سيما لأولئك الذين يعانون من القلق الاجتماعي أو الاكتئاب أو التباين العصبي، حيث تظهر الأبحاث أن الأطفال المصابين باضطراب طيف التوحد يستفيدون من الممارسة الاجتماعية باستخدام أدوات الذكاء الاصطناعي.

آثار نفسية

وحذرت من الآثار النفسية طويلة المدى بسبب نظرية التعلق، فقد يبدأ المستخدمون بتكوين روابط عاطفية مع الذكاء الاصطناعي، تحل محل الروابط الواقعية وتسبب الانطواء الاجتماعي، في حين إذا تم استخدامه بتوازن يمكنه أن يوفر وسيلة تدريب للأفراد المنعزلين لتدريبهم على المحادثات، وإدارة مشاعرهم، وبناء الثقة.

راحة نفسية مؤقتة

وأكد عدد من مستخدمي التطبيقات الذكية أنهم يلجؤون للحديث معها لعدة أسباب، أبرزها أنها متوفرة في أي وقت، ولا تصدر أحكاماً عليهم، وتجيبهم عن جميع استفساراتهم، ولا تشعرهم بالخجل.