الذكاء الاصطناعي يضع حدًا للمرض الصامت - تليجراف الخليج

نقدم لكم زوارنا الكرام أهم وآخر المستجدات كما وردت في المقال التالي: الذكاء الاصطناعي يضع حدًا للمرض الصامت - تليجراف الخليج اليوم الاثنين 7 يوليو 2025 12:27 صباحاً

متابعات- تليجراف الخليج

في تحول علمي قد يغيّر ملامح الطب الحديث، كشفت دراسة حديثة من جامعة «ستانفورد» الأميركية كيف يمكن للذكاء الاصطناعي التنبؤ بضعف المناعة لدى الأشخاص قبل ظهور أي مرض. هذا الإنجاز، الذي نُشر في 17 يونيو 2025 بمجلة Immunity المتخصصة، يضع البشرية أمام مرحلة جديدة من الطب الاستباقي، حيث لا يُنتظر المرض ليُعالج، بل يُفريق التحرير قبل أن يبدأ.

بصمات مناعية خفية تحت المجهر

اعتمدت الدراسة على تحليل ملايين الخلايا المناعية لمتطوعين أصحاء ظاهريًا باستخدام خوارزميات الذكاء الاصطناعي. قاد البحث البروفسور هونغ وانغ، مدير مركز «بيو إكس» بجامعة «ستانفورد»، وتمكّن فريقه من كشف «بصمات مناعية خفية» تعكس وجود اضطرابات صامتة في الجهاز المناعي. هذه الاضطرابات، غير المرئية بالأدوات التقليدية، تمثل إشارات مبكرة لاحتمال تطور أمراض خطيرة مستقبلاً، منها السكري، التصلب المتعدد، وبعض أنواع السرطان.

42 جينًا ترسم خريطة الهشاشة المناعية

استعان العلماء ببيانات تاريخية من «دراسة فرامنغهام للقلب»، التي تعد من أطول الدراسات الطبية عالميًا. ومن خلال التنقيب في الجينات بفضل تقنيات الذكاء الاصطناعي، تمكنوا من تحديد 42 جينًا تشكل ما يشبه البصمة المناعية الخاصة بالأفراد الأكثر عرضة للمضاعفات عند التعرض للأمراض. المفارقة أن هؤلاء الأفراد يبدون أصحاء، لكن بياناتهم الجينية تروي قصة أخرى.

الطب يدخل عصر الاستباق

للمرة الأولى، أصبح بالإمكان التنبؤ بمدى هشاشة الجهاز المناعي لدى الإنسان قبل أن يُصاب بأي عدوى أو تظهر عليه أعراض. هذا التحول النوعي يعني أن الأطباء يمكنهم الآن تصميم خطط وقاية شخصية، وتقديم رعاية موجهة للفئات الأكثر عرضة، مثل كبار السن، ومرضى القلب، والسكري، والمصابين بالسمنة، والمدخنين. لم يعد الطب ينتظر ظهور الأعراض، بل بات يسعى لتطويق المرض قبل ولادته.

الذكاء الاصطناعي: الطبيب الصامت الذي لا يغفل

تعمل خوارزميات الذكاء الاصطناعي في صمت، تمشّط البيانات الجينية بدقة، وتحاكي آلاف السيناريوهات البيولوجية لتكشف مؤشرات لا تستطيع العين البشرية رصدها. هذا ما أكده الدكتور فاريان مينون، الباحث الرئيس في الدراسة، بقوله: «إننا أمام أداة سريرية حقيقية قادرة على إنقاذ الأرواح، عبر التدخل المبكر قبل أن يفوت الأوان».

فوائد لا تُحصى… وثورة في الطب الوقائي

يحمل هذا الابتكار الطبي وعودًا كبيرة:

  • إحداث ثورة في الطب الوقائي، بالانتقال من فريق التحرير المرض بعد ظهوره إلى اكتشاف جذوره الخفية مبكرًا.
  • تقديم رعاية مخصّصة لكل فرد بناءً على بصمته المناعية.
  • خفض التكلفة الإجمالية للرعاية الصحية عبر الوقاية المبكرة.
  • تحسين إدارة الأوبئة عبر تحديد الفئات الأكثر هشاشة لمنحها أولوية في اللقاحات والرعاية.
  • تعزيز الصحة النفسية المجتمعية بفضل المعرفة الدقيقة بالموقع المناعي لكل شخص.

نحو رعاية صحية ذكية وموجهة

ما حققته جامعة «ستانفورد» يؤكد أن الطب الحديث يبتعد شيئًا فشيئًا عن العشوائية، متجهًا نحو الرعاية الذكية الموجهة بالبيانات. الطبيب لم يعد مجرد معالج، بل أصبح مستشارًا دقيقًا يستند إلى معطيات علمية، ويصوغ خططًا شخصية لكل مريض.

المستقبل بدأ الآن

في زمن تتسارع فيه وتيرة الأوبئة والتحديات الصحية، يضع الذكاء الاصطناعي الطب على أعتاب عهد جديد: عهد لا ينتظر المرض حتى يُعالج، بل يترصده في صمته، ليحاصر الخلل قبل أن يتحول إلى مأساة.

إتبعنا

نشكركم على القراءة، ونتطلع لمشاركتكم في مقالاتنا القادمة للحصول على أحدث الأخبار والمستجدات.