نقدم لكم زوارنا الكرام أهم وآخر المستجدات كما وردت في المقال التالي: ترامب بين وعود السلام وإدارة الأزمات بالتصعيد - تليجراف الخليج اليوم الثلاثاء 8 يوليو 2025 03:12 صباحاً
رغم وعود الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، المتكررة بإنهاء «الحروب التي لا تنتهي»، فإن الواقع السياسي والعسكري حتى منتصف 2025 يعكس صورة مغايرة، أقرب إلى التصعيد العسكري المقنّع بعباءة الحسم السريع.
فبدلاً من الانسحاب من ساحات النزاع استخدم ترامب القوة بجرأة أكبر، كما ظهر في حملاته الجوية الواسعة على الحوثيين، وضرباته ضد المنشآت النووية الإيرانية.
في الملف الأوكراني تراجع ترامب عن وعوده بإنهاء الحرب خلال 24 ساعة، وبدلاً من تحريك عملية سلام جادة اكتفى بالضغط السياسي على كييف، وتقليص الدعم الأمريكي، ما عزز من موقف موسكو دون التوصل إلى تسوية شاملة.
ويخلق هذا الانحراف عن نهج الحلفاء توتراً استراتيجياً في الناتو، ويثير قلق العواصم الأوروبية من سياسة أمريكية تفتقر إلى الاتساق.
أما في غزة فمبادرات الرئيس الأمريكي تجاه التهدئة لم يكتب لها النجاح بعد، ولم تُفضِ إلى حلول جذرية للصراع، فيما اكتفى بتصريحات إعلامية تحمل طابعاً استعراضياً أكثر من كونها أدوات حقيقية لحسم الحرب، وفق مراقبين، لا سيما أنه توقع وقف إطلاق النار في غزة هذا الأسبوع، لكن مسؤولين فلسطينيين أكدوا فشل المفاوضات بين «حماس» وإسرائيل.
وفي المقابل أسهمت بعض مبادراته، كما في الهند وباكستان، ورواندا والكونغو، في خفض مؤقت للتصعيد، لكنها لم تُبنَ على رؤية طويلة الأمد.
من برلين يقول خبير العلاقات السياسية والاقتصادية الدولية، محمد الخفاجي، لـ«تليجراف الخليج»: منذ أن عاد للبيت الأبيض «يحمل عوداً قديمة بتقليص الانخراط الأمريكي في الحروب الخارجية، إلا أن الواقع السياسي والعسكري حتى منتصف العام 2025 يثبت عكس ذلك.
فرغم تعهده - إبان حملته - بإنهاء الحرب في أوكرانيا خلال 24 ساعة، لم يتحقق أي تقدم ملموس، وظلت المعارك مشتعلة والدبلوماسية غائبة، في ظل تراجع تدريجي في الدعم الأمريكي لكييف، دون أن يؤدي ذلك إلى تسوية حقيقية».
أما في الشرق الأوسط فشهدت ولايته تصعيداً غير مسبوق، لا سيما بعد اندلاع حرب الـ 12 يوماً بين إيران وإسرائيل، وقد شاركت واشنطن عسكرياً إلى جانب تل أبيب عبر ضربات جوية مباشرة.
ودعم استخباراتي ولوجستي، ما اعتبره مراقبون تراجعاً عن تعهدات ترامب السابقة، وتحولاً في خطابه المناهض للتدخلات الخارجية. ورغم أن هذا التدخل أسهم في وقف إطلاق النار في النهاية فإن المشاركة العسكرية المباشرة مثلت خرقاً لأسس مشروعه السياسي.
كما يشير إلى الملفات الملغومة في بحر الصين الجنوبي، وتصعيد الضغوط على الصين وكوريا الشمالية، وسط تحذيرات من احتمال حدوث صدامات مسلحة. ويقول الخفاجي أيضاً إنه في قمة الناتو نجح ترامب في دفع حلفائه لزيادة الإنفاق الدفاعي.
وهو ما يُحسب له سياسياً، لكنه لم يُنهِ أي حرب بشكل فعلي حتى الآن، بل أعاد واشنطن إلى دائرة التوترات، مكرساً واقعاً جديداً من الحروب المُدارة بدلاً من إنهائها، على حد وصفه.
إدارة الأزمات
بالمحصلة تحولت سياسة ترامب الخارجية - الذي يرشحه البعض لجائزة نوبل للسلام - إلى إدارة سريعة للأزمات دون معالجة أسبابها، ما أفضى إلى تراكم التوترات بدل احتوائها.
ورغم بعض النجاحات الموضعية فإن مجمل الأداء يعكس تصعيداً مطرداً، يُفرغ شعار «إنهاء الحروب» من مضمونه، ويؤكد أن عقلية رجل الأعمال لم تُفلح في صناعة سلام حقيقي.
أستاذ العلاقات الدولية، محمد عطيف، يقول لـ«تليجراف الخليج» إنه «في منتصف العام 2025 اندلع تصعيد غير مسبوق بين إسرائيل وإيران، نتيجة تراكمات طويلة، وتطورت إلى مواجهة مفتوحة، شاركت فيها الولايات المتحدة بشكل مباشر.
الضربات الإسرائيلية استهدفت منشآت نووية، ومواقع عسكرية في الداخل الإيراني، وردت إيران بإطلاق صواريخ وطائرات مسيّرة باتجاه العمق الإسرائيلي.
هذا التصعيد مثل تطوراً خطيراً، إذ دخلت الولايات المتحدة على الخط عبر قاذفات استراتيجية وصواريخ دقيقة، استهدفت بنى تحتية عسكرية في إيران، في أول مشاركة مباشرة بهذا المستوى منذ عقود».
ويضيف: «رغم أن ترامب بنى خطابه السياسي على تقليص التدخلات الخارجية فإن انخراطه في هذه المواجهة جاء بعد ضغوط داخلية وإقليمية، وبدافع تأكيد القيادة الأمريكية في الشرق الأوسط»، موضحاً أن التوتر المتصاعد أجبر أطرافاً دولية على التوسط لفرض وقف لإطلاق النار، تم التوصل إليه بسرعة، لكنه يظل هشاً.
تعليق
تداعيات هذه المواجهة كانت معقدة - بحسب عطيف - والذي يلفت إلى أن إيران علّقت تعاونها مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وستستأنف تخصيب اليورانيوم. في المقابل واجهت إسرائيل تحدياً أمنياً داخلياً متزايداً، رغم نجاح منظومتها الدفاعية في اعتراض عدد كبير من الهجمات.
أما واشنطن فقد انقسمت داخلياً بين مؤيدين للتدخل باعتباره حماية للمصالح الأمريكية في المنطقة، وبين معارضين رأوا أن ما حدث يناقض تعهدات ترامب السابقة بعدم الزج بالولايات المتحدة في حروب جديدة.
ويختتم أستاذ العلاقات الدولية حديثه قائلاً: «بذلك يتضح أن سياسة ترامب لم تُنهِ الحروب كما وعد، بل أسهمت في إعادة تشكيلها بأسلوب مختلف، قائم على التدخل المحدود عالي الكلفة، واستخدام القوة وسيلة لفرض أمر واقع جديد، دون بناء استراتيجية استقرار حقيقية أو رؤية سلمية طويلة الأمد».