نقدم لكم زوارنا الكرام أهم وآخر المستجدات كما وردت في المقال التالي: لماذا تراجعت حكومة "لندن" عن دعم مشروع الكهرباء الأخضر انطلاقًا من جهة كلميم المغربية؟ وهل لذلك آثار على المغرب؟ - تليجراف الخليج اليوم الثلاثاء 8 يوليو 2025 02:01 مساءً
تراجعت المملكة المتحدة مؤخرًا عن دعمها لمشروع أطول خط كهرباء بحري في العالم، والذي كان سيربط القارتين الأوروبية والإفريقية بطول يقارب 3 آلاف و800 كيلومتر تحت سطح البحر، أثار الكثير من القيل والقال، بل وفسح المجال للبعض للحديث عن خبايا ربما لا يعلمها إلا هو، أو بالأصح لا وجود لها إلا في مخيلته…
بعيدًا عن صحافة الإشاعات، ووفقًا لتقارير نشرتها منصة "الطاقة" المتخصصة ومقرّها واشنطن، فإن وزير الطاقة البريطاني مايكل شانكس، أكد في نهاية يونيو الأخير أن حكومة بلاده خلصت إلى أن المشروع المغربي البريطاني لا يصبّ في مصلحة المملكة المتحدة في الوقت الراهن.
صحيح أن التراجع عن دعم المشروع، والذي كان سيكلّف حكومة لندن ما مجموعه 25 مليار جنيه إسترليني، أي ما يعادل أزيد من 34 مليار دولار، سيمس بالعديد من المصالح المغربية الاقتصادية والتنموية (أزيد من 10 آلاف فرصة عمل)، إلا أن المتضرر المباشر حاليًا هو شركة "إكس لينكس" البريطانية، وهي شركة عملاقة متخصصة في الطاقة تطوّر المشروع وتشرف عليه، إذ إن رئيس مجلس إدارتها، ديف لويس، علّق على قرار حكومة بلاده بالقول إن الشركة شعرت بخيبة أمل شديدة بسبب هذا القرار، موضحًا أن كبار اللاعبين في قطاع الطاقة أنفقوا أكثر من 100 مليون جنيه إسترليني (137.46 مليون دولار) على تطوير المشروع.
من جهة أخرى، ووفقًا للصحافة البريطانية، فإن قرار وزير الطاقة بعدم الاستثمار في مشروع الربط الكهربائي مع المغرب يعود بالأساس إلى رغبة الحكومة البريطانية في الاستقلالية في مجال الطاقة، حتى ولو كانت التكلفة أعلى، خصوصًا بعد أزمة انقطاع التيار الكهربائي في إسبانيا والبرتغال، وهما دولتان كان من المفترض أن يمر الكابل عبر مياههما، كما يأتي قرار لندن في سياق المعركة الأوروبية الكبرى للتخلص من الغاز الروسي، والتوقف عن الاعتماد على أطراف ثالثة.
جريدة "The Times" من جهتها تطرّقت للموضوع، مرجعة أسباب تراجع وزارة الطاقة البريطانية عن تنفيذ مشروع Xlinks بالأساس إلى ارتفاع التكاليف المفترضة من 16 إلى 24 مليار جنيه إسترليني، إضافة إلى مخاوف أمنية واقتصادية، وكذا رغبة الحكومة البريطانية في تطوير مشاريع الطاقة محليًا.
أما وكالة "رويترز"، فأرجعت بدورها التراجع إلى رغبة البريطانيين في دعم الطاقة المحلية المنشأ، والتي تعتبرها الحكومة "أفضل استراتيجية للبلاد وأولى بمصالح الشعب والمال العام"، مع العلم أن المشروع كان مدعومًا من شركات عالمية مثل Total Energies وOctopus Energy.
للتذكير، فقد كان من المنتظر أن يُمثّل المشروع نقلة نوعية في الربط الكهربائي الدولي، فالشركة خطّطت لبناء أطول خط تيار مستمر عالي الجهد (HVDC) تحت سطح البحر في العالم، بطول 3 آلاف و800 كيلومتر، يربط مزرعة ضخمة للطاقة المتجددة في منطقة كلميم واد نون جنوب المغرب، بمدينة ديفون جنوب غرب إنجلترا. وكان يستهدف تزويد نحو 7 ملايين منزل بريطاني بالكهرباء النظيفة بحلول عام 2030، مستفيدًا من الشمس والرياح في الصحراء المغربية، والتي ستمكن من توليد 10.5 جيغاوات من الكهرباء من الطاقة النظيفة والمنخفضة التكلفة، تُخزَّن في منشأة بطاقة 20 جيغاوات/ساعة، بما يسمح بتوفير 3.6 جيغاوات من الكهرباء الموثوقة لبريطانيا لأكثر من 20 ساعة يوميًا، ما يغطي 8% من إجمالي احتياجات البلاد من الكهرباء، ويخفض سعر فاتورة الطاقة بنسبة 10٪، وهو مبلغ مهم.
صحيح أن حاملي المشروع، والذي كان مقررًا أن يبدأ في الإنتاج خلال عام 2027، لم يتمكنوا من إقناع الحكومة البريطانية بالفوائد التي ستجنيها في مجالات الطاقة، وبالتالي فشلوا في الحصول على الدعم الحكومي اللازم من أجل مواصلة الاستثمار فيه، ما سيدفع المسؤولين عن شركة "إكس لينكس" وشركاءها، بما في ذلك شركات عالمية مثل GE Vernova وTotalEnergies وTAQA الإماراتية وOctopus Energy البريطانية، إلى البحث عن حل للأزمة التي تسبب بها القرار، وعدم التخلي عن مشروع بهذا الحجم وبهذه القيمة المضافة.
وصحيح أن خط الطاقة الخضراء بين المغرب وبريطانيا قد جُمّد من الجانب البريطاني، إلا أن مقومات الطاقة المتجددة في المغرب، واهتمامه الشديد بتعزيز صادراته الكهربائية مستقبلًا، سيدفعان حتمًا به وبالمسؤولين المغاربة إلى إعادة طرح المشروع مع أطراف دولية أخرى خلال السنوات المقبلة.