هل أصبحنا نعيش في فقاعة رقمية؟ كيف تُشكّلنا الخوارزميات دون أن ندري - تليجراف الخليج

نقدم لكم زوارنا الكرام أهم وآخر المستجدات كما وردت في المقال التالي: هل أصبحنا نعيش في فقاعة رقمية؟ كيف تُشكّلنا الخوارزميات دون أن ندري - تليجراف الخليج اليوم الأحد 13 يوليو 2025 01:00 مساءً

قبل أشهر قليلة، فوجئ شابّ مثقف بأن صديقه القديم يعتنق أفكارًا متطرفة يروّجها في منشوراته. دُهش الشابّ: «كيف لم ألحظ ذلك؟!»

لكن المفارقة أنّ كلٌّ منهما كان يعيش في عالم رقمي مختلف، لا يرى فيه إلا ما تحبّه خوارزميات “فيسبوك” و”تيك توك” و”يوتيوب” أن يراه.

هكذا اكتشف كثيرون أنّنا لا نعيش جميعًا في فضاء رقمي مشترك، بل في فقاعات رقمية منفصلة، يُصنع محتواها خصيصًا لنا.

الفقاعة الرقمية: كيف تُصنع؟

الخوارزميات التي تدير المواقع والتطبيقات لا تهتم بالحقائق ولا بالتنوع بقدر ما تهتم بزيادة الوقت الذي نقضيه أمام الشاشات.

لتحقيق ذلك، تراقب سلوكنا: ماذا نحب، وماذا نشارك، وما الذي نتوقف عنده طويلًا… ثم تصنع لنا “عالمًا شخصيًا”، فتُكثر لنا من محتوى يشبه ما نحب، وتُبعد عنا المحتوى المخالف.

هكذا، دون وعيٍ منّا، نجد أنفسنا في فقاعة رقمية نرى فيها فقط من يؤيد أفكارنا، ونظن أنّ الجميع يشبهنا… أو نرى “الآخر” بشكل كاريكاتوري، مثير للنفور والرفض.

الأمثلة والدراسات: صورة أوضح

• دراسة أجرتها جامعة “ستانفورد” عام 2024 أظهرت أنّ 64% من المستخدمين الأمريكيين يعتقدون أنّ ما يرونه على مواقع التواصل يمثّل غالبية المجتمع، بينما هو في الحقيقة لا يمثل إلا جزءًا ضيقًا جدًا.

• تقرير لمؤسسة “إيدلمان” أشار إلى أنّ الفجوة في فهم القضايا العامة بين الناس تتسع مع زيادة اعتمادهم على المحتوى المخصص عبر الخوارزميات.

• حتى محركات البحث تعرض نتائج مختلفة جدًا لنفس الكلمة المفتاحية حسب سجلّ تصفح المستخدم واهتماماته السابقة.

المخاطر: أبعد من مجرد اختلاف رأي

• انغلاق الفكر: يصبح الحوار الحقيقي صعبًا لأننا لا نسمع إلا صدى أصواتنا.

• تعزيز التطرف: الفقاعة قد تُضخّم الأفكار المتطرفة وتجعلها تبدو “طبيعية”.

• التأثير على السياسة: حملات انتخابية تعتمد على استهداف كل فئة بمحتوى مختلف، مما يزيد الانقسام.

• تزييف الواقع: نصبح غير قادرين على رؤية الصورة الكاملة للعالم حولنا.

هل يمكننا كسر الفقاعة؟

نعم، ولو جزئيًا، عبر خطوات بسيطة:

• متابعة صفحات ووسائل إعلام من توجهات مختلفة.

• البحث يدويًا عن موضوعات لا تهمّنا عادة، لتوسيع دائرة الاهتمام.

• إيقاف التشغيل التلقائي للمحتوى التالي في يوتيوب وتيك توك.

• قراءة كتب ومقالات طويلة خارج اهتماماتنا اليومية.

• الأهم: أن نسأل أنفسنا دومًا: «من المستفيد من أن أرى هذا المحتوى دون غيره؟»

الخاتمة: دعوة للتأمل

ربما لا يمكننا الهروب كليًا من سيطرة الخوارزميات، لكننا نستطيع أن نكون أكثر وعيًا بما تفعله بنا.

فالإنسان الذي يرى الحقيقة من زوايا متعددة، يبقى أقدر على الفهم والتسامح… وأبعد عن الانسياق وراء الفُرقة والضجيج.