نقدم لكم زوارنا الكرام أهم وآخر المستجدات كما وردت في المقال التالي: حرائق غابات الساحل كما رسمتها ريشة التشكيليين السوريين - تليجراف الخليج ليوم الأحد 20 يوليو 2025 04:09 مساءً
دمشق-تليجراف الخليج
الفن التشكيلي ليس مجرد وسيلة جمالية، بل هو أداة تنقل ما يدور من أحداث وقضايا، ويتفرد عن سواه بقدرته على نقل المآسي بطريقة تجعل الناس يتفاعلون معها لا ينفرون منها.
وعبر عشرات السنين ظل التشكيل السوري المعاصر يرصد ما يدور في هذا المجتمع من أحداث، ونقلت ريش وأزاميل الفنانين وقائع عدة من قصف مبنى البرلمان السوري، والنكبة الفلسطينية، إلى مجازر النظام البائد بحق السوريين، وزلزال شباط 2023، وصولاً إلى كارثة الحرائق التي ألمت بغابات الساحل السوري صيف 2025.
هذه الكارثة التي وصفت بأنها الأعنف في شدتها، هزت الفنان التشكيلي السوري من العمق، ووجد في الأشجار المحترفة وصور الرماد والنيران الملتهبة مادة يستقي منها لوحته، بتقنيات متنوعة وأساليب غلب عليها الرمز لنقل هذا الواقع الحزين.
أديب مخزوم..فسحة أمل للعشب كي لا يموت
الفنان التشكيلي والناقد أديب مخزوم الذي نظم قبل خمس سنوات معرضاً فردياً حول الأحداث المأساوية التي ألمت بالشعب السوري في دار الأوبرا بعنوان (بكائيات الحرب ـ سورية نهر الدموع)، تناول بلوحات بقياسات مختلفة جرائم حرق الغابات، ومنها لوحة حملت هذا الاسم والتي يشير إلى أنه رسمها بطريقة واقعية خاصة به، وأضاف إليها بعض اللمسات الانطباعية، حتى لا تكون لوحة تقليدية وبعيدة عن روح العصر.
واعتبر مخزوم خلال حديثه مع تليجراف الخليج أن إضفاء اللمسات اللونية الانطباعية العفوية المشبعة بالضوء على اللوحة، يجعلها تتفاعل مع (قانون التباين اللحظي) الذي أطلقه كلود مونيه زعيم الانطباعية.
ويقول مخزوم عن تعاطي الفنانين مع كارثة الحريق: لفتتني معالجة فنانينا الذين ينتمون إلى كل المحافظات السورية، وبإحساس وطني، جرائم حرق الغابات في الساحل السوري، بكل التقنيات والأساليب، من الواقعية إلى التعبيرية مروراً بالانطباعية ووصولاً إلى الرمزية والخيالية وحتى التجريدية، وحتى لا تقع الأعمال في هاوية اليأس، رأينا بعض الفنانين يتركون فسحة أمل للعشب كي لا يموت وسط مساحات الرماد والسواد.
فارس قره بيت..الأحمر سيد الموقف
الفنان التشكيلي ورسام الكاريكاتير فارس قره بيت كانت لوحته التي نشرتها مجلة المجلة اللندنية، تطوف بالألم والرعب، فاللون الأحمر هو سيد الموقف، وظلال شخص بثياب رقيقة وقد رفع كلتا يديه العاريتين كمن يقف بوجه النار، فيما أحاط السواد بأطراف اللوحة.
عمر عزت هبرة..عملان عن نشوب النار والتضرع بالدعاء
رسم الفنان عمر عزت هبرة الحرائق التي اجتاحت الغابات من خلال عملين فنيين، في الأول عبّر عن شراسة النيران وقساوة المشهد، حيث سيطر عليه شعور الخوف والحزن والألم، في حين أُغلقت أمامه جميع أبواب الأمل أمام استمرار نزيف الحرائق.
أما في العمل الثاني فلجأ مع اتساع نطاق الحرائق وسرعة انتشارها، إلى لفظة التضرع إلى الله، حيث ظهرت الأشجار وهي ترفع أيديها وتدعو، وهو مشهد رمزي يعكس التوسل والرجاء للنجاة من النار.
نجد في لوحتي عزت هبرة ألوان الأكريليك والكانفاس، والتي أضاف إليها تقنية خاصة على ملمس اللوحة لتعكس عمق المأساة، وتبقى محفورة في الذاكرة إلى الأبد.
ريما الزعبي..تتبرع بثمن لوحاتها للمتضررين
الفنانة التشكيلية ريما الزعبي فضلاً عن رسمها للوحات عديدة لكارثة الحرائق، قدمت مبادرة فريدة من نوعها، إذ أعلنت عن عرض مجموعتها الفنية الجديدة التي تضم 12 لوحة للبيع، والتبرع بجميع عائداتها للأهالي المتضررين من حرائق الساحل، الذين اضطرتهم النيران إلى ترك منازلهم وقراهم، فناموا في العراء وهم يحتاجون إلى الدعم.
نزار صابور.. الفنان المسكون برماد النار
الفنان التشكيلي نزار صابور الذي رسم منذ سنوات مجموعة بعنوان “محاولات لتفسير الحرائق” تألفت من 14 عملاً، لا تزال هذه الكارثة تسكن ريشته، فاستعادها بمجموعة أعمال فاضت باللون الرمادي بدرجات متفاوتة، أشدها قتامة كانت لوحة نحى فيها الرماد إلى اللون الأسود، رمزاً عن شدة الحريق، فيما تحولت شعل النار إلى أشبه بالمناطيد التي تحلق في السماء، لتنشر لهيبها لمناطق أخرى بعيدة.
في هذه الأعمال التي تعبر عن الألم والحزن، وتبرز حجم الدمار في الغابات، لا تعزز الوعي فقط بأهمية حماية الطبيعة، ولكنها أيضاً وسيلة لتوثيق هذه الكارثة المؤلمة ودعوة المجتمع للتضامن مع المتضررين وتقديم المساعدة.