ركود النشاط الحزبي بعد الإنتخابات : غياب الدور ومساءلة الصدقية . #عاجل - تليجراف الخليج

نقدم لكم زوارنا الكرام أهم وآخر المستجدات كما وردت في المقال التالي: ركود النشاط الحزبي بعد الإنتخابات : غياب الدور ومساءلة الصدقية . #عاجل - تليجراف الخليج اليوم الاثنين الموافق 21 يوليو 2025 12:54 صباحاً

كتب  - الدكتور نسيم أبو خضير

في الوقت الذي عقد فيه الأردنيون الآمال على إعادة إحياء الحياة الحزبية ، إستجابةً لرؤية جلالة الملك عبدالله الثاني إبن الحسين في تحديث المنظومة السياسية  ،  وتعزيز مشاركة الأحزاب في العمل العام ، يطفو على السطح مشهد محبط لا يمكن تجاهله :

 ركودٌ واضح وتراجعٌ كبير في النشاط الحزبي بعد إنتهاء الإنتخابات ، وكأن تلك الأحزاب لم تُنشأ لتحقيق أهداف وطنية ، وإنما كانت مجرّد وسيلة للوصول إلى البرلمان .

   لقد شهدت الساحة السياسية قبيل الإنتخابات النيابية الأخيرة حراكًا حزبيًا لافتًا ، تمثل في إطلاق البرامج ، وعقد المؤتمرات ، وتنظيم الندوات ، ومحاولة إستقطاب المواطنين للإنتساب والإنخراط في العمل الحزبي .

    كنا نظن أنّ هذا الحراك باكورة نهضة حزبية حقيقية ومستمرة ، تعيد ثقة المواطن بالعمل السياسي وتردم فجوة الشك واللامبالاة التي خلّفتها التجارب السابقة . غير أنّ ما حدث بعد الإنتخابات جاء معاكسًا تمامًا للتوقعات .

  دلالات الركود بعد الإنتخابات :

1. غياب الإستمرارية وإزدواجية الأهداف :

النشاط الحزبي الموسمي يعكس أن كثيرًا من الأحزاب لم تكن ترى في العمل الحزبي مشروعًا وطنيًا طويل الأمد ، بل أداة إنتخابية محضة . هذا الركود يدلّ على إنفصامٍ واضحٍ بين الشعارات والممارسات ، بين ما رُوّج له من برامج وما يُنفذ على أرض الواقع .

2. إنعدام الشفافية والإنشغال بالمكاسب .

بعض الأحزاب التي فازت بمقاعد نيابية – ومنها من حصد أكثر ما حصد ثلاثة  نواب على القائمة العامة – دخلت في طور المساومة على توزيع المناصب والفرص ، وإنشغلت في الكواليس أكثر من إنشغالها بقضايا الوطن وهموم المواطن . فهل كان الفوز هو الغاية ؟ وأين ذهبت برامج التشغيل والتنمية ، ومكافحة الفقر والبطالة التي صدحت بها الحملات ؟

3. أثر سلبي على ثقة الشارع .

الشارع الأردني اليوم بات أكثر حذرًا ،  وأقل حماسة للإنخراط الحزبي . فبعد أن شارك البعض في تأسيس أحزاب أو دعمها بناءً على وعود التغيير والإصلاح ، تفاجأوا بإختفاء تلك الأحزاب من المشهد ، إلى درجة أن البعض يظن أنها حُلّت أو جُمّدت . بل إن الأمر وصل بالبعض الى التوجه الى تأسيس منتديات وملتقيات سياسية وجمعيات ثقافية وإجتماعية لإثبات وجودهم على الساحة  .

هذا الإنكفاء يعزز القناعة بأن العمل الحزبي لا يزال نخبوياً أو إنتهازياً في نظر الكثيرين ، ويُبعد الحالمين بالإصلاح عن الإنخراط فيه .

ما الذي كان يُفترض أن يحدث بعد الإنتخابات ؟

   مراجعة الفشل الذريع الذي أفرزته القوائم العامة للأحزاب بفوز واحد أو إثنين أوثلاثة والذين ربما فازوا بدعم قواعدهم العشائرية والشعبية .

   إطلاق خطط تنفيذية لما وعدت به الأحزاب في برامجها الإنتخابية .

  إنشاء مكاتب حزبية في المحافظات وتفعيل التفاعل مع قواعدها الشعبية .

  إصدار تقارير متابعة دورية عن أداء نوابها داخل المجلس ، وربط هذا الأداء بوعودها الانتخابية .

   ممارسة رقابة حقيقية على الحكومة وإقتراح حلول وطنية لقضايا الناس .

   الحفاظ على تواصل مستمر مع المواطنين لتطوير البرامج بناءً على التفاعل الميداني .

رؤية الملك وتحديات التطبيق

   لقد كان جلالة الملك عبدالله الثاني سبّاقًا في التأكيد على ضرورة تطوير الحياة السياسية ، وخصّ الأحزاب بدور محوري في بناء الدولة الحديثة ، من خلال إطلاق منظومة التحديث السياسي ، وتخصيص مقاعد حزبية في البرلمان ، وتوفير بيئة قانونية محفزة . لكن تباطؤ الأحزاب في ترجمة هذه الرؤية عمليًا يهدد جوهر الإصلاح الذي أراده الملك ، ويضع علامات إستفهام كبيرة حول أهلية بعض هذه الأحزاب للقيام بدور فاعل ومستدام .

   إنّ الركود الحزبي بعد الإنتخابات ليس مجرد ضعف تنظيمي ، بل مؤشر على إختلالات عميقة في بنية الأحزاب وأولوياتها ، وقد يكون ناقوس خطر يُنذر بفشل التجربة الحزبية إن لم تُراجع هذه الأحزاب نفسها ، وتُعدّل بوصلتها نحو المصلحة الوطنية لا المكاسب الفردية .

   فالشعوب لا تُخدع طويلاً ، وثقة الأردنيين ليست ورقة تُنتزع في موسم إنتخابي ، بل علاقة تُبنى على إلتزام، وإستمرارية ، ومصداقية .

   ويبقى السؤال مفتوحًا  ، هل تعي الأحزاب أن ميدانها الحقيقي يبدأ بعد الإنتخابات ، لا خلالها فقط ؟

نشكركم على القراءة، ونتطلع لمشاركتكم في مقالاتنا القادمة للحصول على أحدث الأخبار والمستجدات.