نقدم لكم زوارنا الكرام أهم وآخر المستجدات كما وردت في المقال التالي: نكتة يوليوز.. الجزائر وزيمبابوي يعبران عن إرادتهما المشتركة لتغيير النظام العالمي - تليجراف الخليج اليوم الثلاثاء 22 يوليو 2025 06:29 مساءً
في مشهد أثار قدرا كبيرا من السخرية على مواقع التواصل الاجتماعي، خرجت الجزائر وزيمبابوي بتصريح يوحي بأن الدولتين تخططان لتغيير النظام العالمي القائم، حيث جاء التصريح على لسان رئيس زيمبابوي إيمرسون منانغاغوا عقب زيارة رسمية إلى الجزائر، قال فيها: "زيارتنا للجزائر تؤكد إرادتنا المشتركة لتغيير النظام العالمي"، في عبارة بدت وكأنها مأخوذة من خطاب ثوري عابر للزمن، لا علاقة لها بالمعطيات الواقعية التي تحكم العلاقات الدولية ولا بموازين القوى التي تتحكم في رسم السياسات العالمية.
ولم تحمل الزيارة التي امتدت ليومين أي مؤشرات تدعو للتفاؤل الاقتصادي أو الدبلوماسي بقدر ما كرست مشهدا استعراضيا يغلب عليه الطابع الشعاراتي، حيث وفي وقت تعيش فيه الجزائر أزمة اقتصادية متفاقمة، وترزح زيمبابوي تحت وطأة تضخم غير مسبوق وفساد مزمن، يتحدث الطرفان عن "تغيير النظام العالمي" وكأنهما على رأس قمة هرم القرار الدولي، ما يجعل المفارقة لا تقف عند حدود الطموح، بل تتعداها إلى ما يمكن وصفه بالهروب إلى الأمام، إذ في حين عجز الدول عن معالجة مشاكلها الداخلية تلوح بخطابات أكبر من حجمها بكثير، في محاولة بائسة لتصدير الوهم بدل مواجهة الحقيقة.
ولم تقدم الزيارة أي مقترحات عملية أو مبادرات إقليمية حقيقية من شأنها التأثير في واقع القارة الإفريقية، بل اكتفت بتوقيع اتفاقيات بروتوكولية، يعاد إنتاجها في كل زيارة مماثلة، ولا يرى المواطنون في الجزائر أو زيمبابوي أثرها في حياتهم اليومية، ما يجعل الحديث عن تشكيل محور اقتصادي جديد أو خلق "توازن دولي عادل" كما ورد في تصريحات الطرفين، لا يعدو أن يكون تسويقا داخليا لسلطات تبحث عن شرعية معنوية خارج حدودها الوطنية، في ظل تآكل الرصيد الشعبي وتراجع المصداقية الدولية.
وتجد الجزائر، التي تعاني من ضعف تنويع اقتصادها، وهروب الاستثمار، واحتقان اجتماعي متصاعد، في شعارات مثل "تغيير النظام العالمي" وسيلة لرفع منسوب الخطاب السيادي، لكنها في الواقع تفقد موقعها شيئا فشيئا حتى داخل محيطها المغاربي والإفريقي، أما زيمبابوي، التي كانت توصف في زمن ما بأنها سلة خبز إفريقيا، فقد تحولت إلى واحدة من أكثر دول العالم هشاشة، يفر منها شعبها بحثا عن فرص البقاء، لا عن مراكز التأثير الدولي.
ولا يمكن فهم ما جرى في الجزائر خلال يوليوز خارج سياق مسرحية دبلوماسية بهلوانية خالية من الوزن، حاول فيها الطرفان رسم صورة لدور قيادي لا يملكان أدنى أدواته، حيث وإذا كان من درس يستخلص من هذه الزيارة، فهو أن خطابا بلا قاعدة واقعية، مهما بدا صادحا، لن يكون سوى نكتة سياسية باهتة، تروى في صيف يعج بالتناقضات.