نقدم لكم زوارنا الكرام أهم وآخر المستجدات كما وردت في المقال التالي: مهازل الكابرانات تطال حتى الشعائر الدينية! - تليجراف الخليج اليوم الخميس 1 مايو 2025 03:29 مساءً
21 ساعات 3 دقيقة مضت
اسماعيل الحلوتي
مرة أخرى ولن تكون الأخيرة بلا أدنى شك، يتأكد لشعوب العالم العربي والغربي على حد سواء، بأن النظام العسكري الجزائري لا يتفوق على جيرانه في شيء أكثر مما يتفوق في ترويج الأكاذيب والمغالطات وإنتاج المهازل، التي لم تسلم منها حتى الشعائر الدينية، فضلا عن استفزاز المغرب ومعاكسته في وحدته الترابية عبر إعلامه الرسمي وذبابه الإلكتروني، قهر الشعب الجزائري وإذلاله من خلال تلك الطوابير الطويلة من أجل الحصول على النزر القليل من المواد الغذائية الأساسية، وتبديد عائدات النفط والغاز على التسلح ودعم الحركات الانفصالية وعلى رأسها ميليشيات البوليساريو الإرهابية.
ففي الوقت الذي دعا فيه ملك المغرب محمد السادس، باعتباره أميرا للمؤمنين المواطنات والمواطنين المغاربة إلى عدم القيام بشعيرة ذبح أضحية العيد برسم عام 2025 مستحضرا في ذلك ما يواجه البلاد من تحديات مناخية واقتصادية، وما ترتب عنها من تراجع صارخ في أعداد الماشية. حيث أخذ بعين الاعتبار أن عيد الأضحى رغم كونه سنة مؤكدة مع الاستطاعة، فإن القيام بشعيرة الذبح في ظل الظروف المناخية والاقتصادية الصعبة، من شأنه إلحاق الضرر بفئات كبيرة من المجتمع وخاصة ذوي الدخل المحدود، وأنه التزاما بما ورد في قوله تعالى "وما جعل عليكم في الدين من حرج" يهيب بكافة أبناء الشعب عدم القيام بهذه الشعيرة خلال هذه السنة، وسيقوم بذبح الأضحية نيابة عنهم بذبح كبشين، سيرا على سنة جده الكريم عليه أفضل الصلاة وأزكى السلام، عندما ذبح كبشين وقال: "هذا عن نفسي وهذا عن أمتي"، وهو القرار الذي استحسنه المغاربة أمام غلاء أسعار اللحوم الحمراء والمواشي، وخلف ارتياحا كبيرا في صفوف الطبقات الفقيرة والمتوسطة على الخصوص.
أبت السلطات الجزائرية إلا أن تعلن عن إجراء قرعة لفائدة المواطنين الراغبين في الاستفادة من خروف عيد الأضحى. علما أن الرئيس عبد المجيد تبون، كان قد طالب في اجتماع لمجلس الوزراء خلال شهر مارس المنصرم وزارة الفلاحة بالشروع في استيراد ما يلزم من رؤوس الأغنام تحسبا لعيد الأضحى، وذلك من خلال إعداد دفتر شروط لإطلاق استشارة دولية مع دول ذات قدرة كبيرة وهائلة على التموين، قصد استيراد مليون رأس من الماشية، مع ضرورة الالتزام بأن يتضمن دفتر الشروط سقف الأسعار، وأن تتكفل الدولة بالاستيراد عبر مؤسساتها وهيئاتها المختصة.
فقد نتفهم نحن هنا في الجارة الغربية للجزائر أن تلجأ بلادنا إلى إجراء "قرعة الحج" بالنسبة للمواطنين الراغبين في أداء مناسك الحج، بعد أن أصدرت هيئة الإفتاء التابعة للمجلس العلمي الأعلى فتوى خاصة تبيح تنظيم إجراء القرعة لأداء هذه الفريضة، عندما يتجاوز عدد المرشحين الحصة المخصصة لإقليمهم، حيث أن الضوابط المتفق عليها بين الدول الإسلامية، حددت عددا سنويا معينا من الحجاج لكل دولة تبعا لعدد سكانها، بنسبة ألف حاج لكل مليون مواطن، مهما تعددت الطلبات المقدمة من طرف مواطنيها... لكننا في المقابل لا ندري ما مدى جواز تنظيم "قرعة عيد الأضحى"، التي لجأت إليها السلطات الجزائرية.
وهي القرعة/المهزلة التي أثارت موجة من السخرية العارمة والكثير من ردود الفعل الغاضبة في أوساط المواطنين وخاصة الفقراء منهم، إذ يتعين على المواطن ليس فقط أن تشمله القرعة ضمن قائمة المحظوظين، بل أن يكون كذلك قادرا على أداء ثمن الأضحية المحدد سلفا من قبل اللجن المختصة. إذ هناك من استنكر بشدة أن تتحول إحدى الشعائر الدينية البالغة الأهمية من عبادة إلى مجرد "مقامرة"، وكأنها عبارة عن جائزة يتم الحصول عليها في قرعة إدارية أو تلفزيونية، ويصبح المواطن منشغلا فقط بالدعاء من أجل ظهور اسمه في لائحة المستفيدين (يخرج فالقرعة ديال عيد الأضحى)
فقرار مثل هذا إن دل على شيء، فإنما يدل على مستوى تخبط الكابرانات في اتخاذ القرارات، ويكشف عن حجم الأزمة الاجتماعية والاقتصادية التي يعيش على إيقاعها الجزائريون، في ظل السياسة الفاشلة للنظام العسكري الفاسد، وهو دليل ساطع على تردي الأوضاع في بلد يعد من بين أغنى بلدان القارة الإفريقية بموارده الطبيعية. إذ لولا سوء التسيير وظاهرة الفساد المستشري في البلاد، ما كان للمواطنين الجزائريين أن يعيشوا مثل هذا البؤس المقيت وهذه الحالات من الذل والهوان...
حيث أنه ليس هناك من تفسير لما يحدث من مهازل متتالية ولجوء السلطات الجزائرية إلى هكذا ممارسات هجينة، عدا إفلاس الكابرانات الفكري والسياسي والأخلاقي، وعدم قدرتهم على تلبية أبسط احتياجات الشعب، في الوقت الذي ما انفكت فيه ملايير الدولارات تهدر في الصفقات المشبوهة واللهث خلف أحلام وأوهام توسعية بعيدة المنال...
ومادام نظام الكابرانات متماديا في التصعيد ضد المغرب وغير قادر على التخلص من عقيدة العداء له، جاعلا منه ذلك البعبع الذي يخيف به الشارع الجزائري، الذي يعيش على وقع احتقان يومي، جراء ضيق ذات اليد أمام مسلسل غلاء الأسعار، وانعدام القدرة لدى الحكومة على ابتكار حلول ملائمة لتجاوز الأزمات المتلاحقة، التي عمقت الفجوة بين السلطة والشعب وكرست الشعور بالحكرة والتهميش، فإننا لن نتفاجأ من تناسل المزيد من المهازل في القادم من الأيام، كما لن نتفاجأ إذا ما تعالت الأصوات المنددة بهذا العبث القائم والمطالبة بإنهاء نظام "الريع والقرعة" وإرساء أسس دولة مدنية، تقوم على العدالة والكرامة...
0 تعليق