نقدم لكم زوارنا الكرام أهم وآخر المستجدات كما وردت في المقال التالي: الغوغائيون والاستخدام السياسوي للورقة الفلسطينية - تليجراف الخليج اليوم الخميس 1 مايو 2025 03:29 مساءً
20 ساعات 54 دقيقة مضت
لحسن الجيت
إنهم يحتلون شوارع الرباط عبثا، ويرفعون شعارات هي أكبر منهم وأكبر من يترجموها إلى مواقف حقيقية وفعلية يفترض أن نلمسها على أرض الواقع. هم أبعد من ذلك بآلاف من السنوات الضوئية. هؤلاء المناضلون ليسوا إلا ظواهر صوتية يقولون ما لا يفعلون. شخصيا كم كنت أتمنى أن أرى فيهم ما يلوحون به من تهديد على الورق من قبيل "خيبر يا يهود جند محمد سيعود" . ما هذه الزعقات، ولماذا لا يسارعون إلى ترجمة ذلك الشعار؟ أفليس فيهم من هو رجل مؤهل لكي يكون واحدا من جند محمد؟ إننا ننتظر منهم من سيكون القدوة لكي نكمم أفواهنا ونكسر أقلامنا حتى لا نتجرأ مرة أخرى على كشف ريائهم وزيفهم ونضالهم المغشوش.
ولأنهم غير قادرين على ذلك، وغير قادرين على تحرير فلسطين لا لشيء سوى أنهم أسرى لفكر بائد وعقيم. فمنهم من يستخدم الدين ويقحمه في السياسة لأنه لا قدرة له على الإبداع والابتكار وليست له أدوات الاشتغال لمعالجة متطلبات العصر من تحديات وإشكالات. فهم جزء من عهد انتهى بعد قرون خلت، يحملون فكرا متخلفا لا يناسب العصر. ولأنهم على هذا الحال غير قادرين على أن يغيروا ما بأنفسهم لجأوا إلى كيفية التعويض عن ذلك الفشل والتستر عنه فوجدوا ضالتهم في استخدام القضية الفلسطينية وفي المسجد الأقصى كورقة سياسية لمساومة الدولة وتحقيق مآربهم التي لا علاقة لها بانشغالات الفلسطينيين. وبات في نظرهم أن هذه القضية أفضل دابة يمكن ركوبها لأنها سهلة لاستقطاب ودغدغة مشاعر المغاربة البسطاء.
القضية الفلسطينية أصبحت اليوم عندهم أولوية حزبية تتصدر قائمة الأولويات المدرجة في برامجهم الانتخابية. وسيزداد سعارهم في استخدامها كلما اقتربوا من موعد الاستحقاق الانتخابي. وهذا هو حال حزب العدالة والتنمية الذي انشغل بهذه القضية بشكل تجاوز حدود مناصرة أهلها وأذرف الدموع واستكان لتأليه قادتها على غرار ما كان يفعله الفراعنة مع آلهتهم إلى درجة الانبطاح. أمين عام حزب العدالة والتنمية السيد عبدالإله بنكيران هو الذي وقف إلى جانب رئيس الحكومة السابق سعدالدين العثماني بعد أن سارع إلى إسكات بعض الأصوات التي عارضت ’نذاك التوقيع على استئناف العلاقات المغربية الإسرائيلية. فما الذي حمل السيد عبدالإله بنكيران أن يغير اليوم من موقفه ذلك سوى لاعتبارات انتخابية يتمنى من خلالها أن يعود إلى السلطة من جديد. وكيف قد يسمح لنفسه أن يحلم بالعودة إلى السلطة التي تتحكم فيها خيارات استراتيجية ينتقدها اليوم السيد بنكيران. هل هو واثق من نفسه أنه قادر على تغيير تلك الخيارات. الظاهر أنه يعلم جيدا أن تلك الخيارات صعبة عليه ولا يهمه في واقع الأمر أن يسعى إلى تغييرها، ما يهمه بالأساس هو العودة إلى السلطة أما القضية الفلسطينية وأهلها فليذهبوا إلى الجحيم. وحينها فلا دموع تذرف بعد عودة السيد عبدالإله بنكيران إن تحقق له ذلك.
الرهان على القضية الفلسطينية في الانتخابات المقبلة هو رهان فاشل فمن يعول عليه فهو يطارد خيط دخان. انتظارات المغرب المتطور على مدى الولاية التشريعية المقبلة هي انتظارات تحكمها محطات كبيرة واستحقاقات من العيار الثقيل وزنها وحجمها أكبر من أن يتولاها حزب تقليدي يحمل فكرا رجعيا ومتخلفا. المرحلة القادمة لن تستوعبهم فلا هم لها ولا هي لهم. من ينتقد خيارات الدولة لا يصلح أن يكون رجل المرحلة ومن يهاجم رئيس دولة كالولايات المتحدة الأمريكية فكيف يمكن أن يجالسه إن هو أصبح رئيسا للحكومة. لقد أحرق بنكيران أوراقه أكثر مما هي محروقة من الأصل. فعودته ستكون أكثر إيلاما للبلاد وستكون بمثابة مرض "الجدري" فالكل سيبتعد عنك وكل ما قد يناه المغرب سينهار في رمشة عين. سينسحب الأشقاء وسيجد المغرب نفسه في عزلة كما يتمناها اليوم الغوغائيون الداعون إلى إيقاف التطبيع من إسلاميين وقومجيين ويساريين.
هؤلاء الذين يرفعون شعار وقف التطبيع لا يرفعونه إلا في وجه المغرب وكأن المغرب هو البلد الوحيد الذي له علاقات مع إسرائيل. فلماذا لا يدعون تركيا أردوغان إلى وقف علاقاتها الدبلوماسية مع إسرائيل وهي علاقات على مستوى السفارات. فكيف يطالبون المغرب بذلك ويستثنون حزب العدالة والتنمية الذي يحكم أنقرة من تلك الدعوة. فهل التطبيع مجاز شرعا مع تركيا ومحرم على المغرب. هذا هو الاستخدام السياسوي للدين.
وإلى أولئك الذين ينصبون أنفسهم بالمناهضين للتطبيع، نقول لهم إن كان همهم هو وقف التطبيع، فالسؤال الذي نطرحه عليهم وماذا بعد؟ هل سيتم تحرير فلسطين. يبدو أن الجماعة على مختلف مشاربها لا تريد أن تطرح هذا السؤال وتتجنب حتى الخوض فيه لأنها فاقدة لأدوات الاشتغال وليس لها البديل عن ما بعد وقف التطبيع. الجماعة غير قادرة على التحرر من الكوفيه وبالتالي غير قادرة على حمل "الكلاشنيكوف". هذه هي الحقيقة التي يجب أن يعرفها جميع المغاربة كما يتعين عليهم أن يدركوا أن أهل القضية هم من أعداء وحدتنا الترابية ويريدون لهذه المملكة الشريفة والمصانة كل مكروه. يحاولون عبثا الإساءة بمقدسات هذا البلد. فيما الغوغائيون يشمتون في ذلك ولا يحرجون للتنديد بتلك الممارسات وكأن الأمر لا يعنيهم أو كأنه يخص بلدا آخر ليس المغرب. ولعل ذلك يحمل مشاعر من الكيدية والعداء يلتقي فيها الخائن مع المتآمر. ففي خطاب المسيرة الخضراء قال جلالة الملك محمد السادس عام 2014 " إن أي شخص إما أن يكون وطنيا وإما أن يكون خائنا فليس هناك مرتبة وسطى بين الوطنية والخيانة". فأين هو موقعكم أيها الغوغائيون؟
0 تعليق