«الذكاء الاصطناعي العام».. تكنولوجيا ثورية هل تهدد البشرية؟ - تليجراف الخليج

0 تعليق ارسل طباعة

نقدم لكم زوارنا الكرام أهم وآخر المستجدات كما وردت في المقال التالي: «الذكاء الاصطناعي العام».. تكنولوجيا ثورية هل تهدد البشرية؟ - تليجراف الخليج اليوم الخميس 1 مايو 2025 09:08 مساءً

هل تعلم كيف تعمل الحواسيب العادية وتعالج البيانات؟ الأمر ببساطة: مدخلات تؤدي لمخرجات، تماماً مثل عملية حسابية، كأن يُدخل الإنسان 1+1، ليجيب الكمبيوتر بالعنصر الناقص من المعادلة وهو 2، ونقيس على ذلك مختلف التعقيدات.. أما مع الكمبيوتر الكمي «الكوانتم كمبيوتر» فالأمر أكثر تعقيداً، وليست المدخلات وحدها ما يتحكم في المخرجات.

الكمبيوتر الكمي هو محاكاة لعقل البشر، حيث المنطق والاستنتاج ودراسة الاحتمالات.. والذكاء الاصطناعي، يظل اصطناعياً غير مخيف ولا قدرة له -وفقاً للمحللين- على استبدال البشر، طالما ظل معتمداً على الحواسيب العادية.. إلى أن يقترن بالكمبيوتر الكمي، هنا يكمن الإنجاز.. وفي الوقت نفسه الأزمة.. فكيف ذلك؟

في سباق متسارع نحو المستقبل، يقترب العلماء من ملاحقة حلمين، أولهما هو النجاح في صناعة الكمبيوتر الكمي المتكامل، القادر على التعامل مع أصعب العمليات الحسابية والخوارزميات، وفي الوقت نفسه مواصلة التطوير على قدرات الذكاء الاصطناعي، لتصبح المرحلة التالية هي الدمج بين الحلمين..

دمج الذكاء الاصطناعي مع الحوسبة الكمّية، يُعدّ قفزة نوعية قد تعيد تشكيل حدود المعرفة البشرية وتغيير قواعد اللعبة في مجالات متعددة، من الطب والاقتصاد إلى الأمن والدفاع.

ساتيا ناديلا، الرئيس التنفيذي لشركة مايكروسوفت، أشار إلى أن دمج الذكاء الاصطناعي مع الحوسبة الكمية يُمكن أن يُحدث تقدمًا كبيرًا في مجالات مثل اكتشاف الأدوية والزراعة المستدامة، مؤكدًا على أهمية هذا التلاقي في تسريع الابتكار.

من الناحية التقنية، يجمع هذا الدمج بين قدرات الذكاء الاصطناعي في التعلم والتحليل، وبين قوة الكمبيوتر الكمي الخارقة في معالجة البيانات بسرعات تتجاوز ملايين المرات قدرات الحواسيب التقليدية، مع منطقة وتحليل تلك البيانات بذكاء يقترب بل ويتجاوز في بعض الأحيان العقل البشري.

يشير الخبراء إلى أن هذا التلاقي قد يسمح بتدريب نماذج ذكاء اصطناعي ضخمة ومعقدة في غضون دقائق بدلاً من أسابيع، مما يفتح آفاقاً جديدة في تحليل الجينوم البشري، تصميم الأدوية، التنبؤ بالتغيرات المناخية، وحتى تسريع الاكتشافات الفيزيائية.

غوشو لي، أستاذ في جامعة بنسلفانيا، وصف التلاقي بين الحوسبة الكمية والذكاء الاصطناعي بأنه "زواج في الفضاء الإلكتروني"، مؤكدًا على الإمكانات الكبيرة لهذا التلاقي في تعزيز قدرات كلا المجالين .

ثورة الأمن السيبراني

واحدة من أبرز الفوائد المحتملة تكمن في تحسين أنظمة التشفير واكتشاف الهجمات الإلكترونية في الوقت الفعلي، الذكاء الاصطناعي الكمي قد يستطيع محاكاة آلاف السيناريوهات في لحظة، ما يوفّر دفاعاً رقمياً شبه مثالي، لكن المفارقة تكمن في أن تلك القدرة ذاتها قد تُستخدم لاختراق أنظمة التشفير العالمية، وهو ما يثير قلقًا واسعًا في الأوساط الأمنية.

دمج الذكاء الاصطناعي مع الحوسبة الكمية يُتوقع أن يساهم في تسريع ظهور ما يُعرف بـ"الذكاء الاصطناعي العام" – وهو ذكاء يضاهي أو يتجاوز القدرات البشرية في جميع المجالات، هذا الاحتمال يفتح أبواباً واسعة أمام التطور، لكنه يطرح كذلك أسئلة خطيرة حول فقدان السيطرة على تلك الأنظمة إذا ما خرجت عن نطاق الاستخدام الأخلاقي أو الآمن.

تقنيات الذكاء الكمي تثير موجة من التساؤلات الأخلاقية: من يمتلك هذه القدرات؟ كيف سيتم تنظيمها؟ وهل يمكن ضمان أن تستخدم فقط لأهداف سلمية؟ فالنظام القادر على فك الخوارزميات بل وتشفير الحملات الرقمية ودحض الهجمات السيبرانية، هو بالتبعية قادر على اصطناع كل ذلك، وبدلاً من أن يصبح وسيلة للحماية، فقد يتحول لسلاح هجومي، حتى اللحظة، لا يوجد إطار قانوني دولي ينظم هذا النوع من التطورات، مما يفتح الباب أمام "سباق تسلح تقني" بين القوى العالمية.

دكتور ألبيرتو بوريتّي، الباحث في مجال الذكاء الاصطناعي، وكبير الباحثين في «هواوي» الصينية حذر من المخاطر التقنية والاقتصادية والاجتماعية المرتبطة بتقدم تقنيات الذكاء الاصطناعي المدعومة بالحوسبة الكمومية، مشددًا على ضرورة تقييم هذه المخاطر بعناية.

فجوة معرفية متزايدة

ويشير مختصون إلى خطر تزايد الفجوة التقنية بين الدول المتقدمة والنامية، إذ يتطلب تطوير الحوسبة الكمية بنية تحتية عالية التكلفة وخبرات علمية نادرة، وهذا يعني أن البلدان الفقيرة قد تجد نفسها خارج المشهد التكنولوجي العالمي، مما يكرّس عدم المساواة الرقمية على نحو غير مسبوق.

مهندس محمد سعيد خبير الذكاء الاصطناعي أكد في تصريحات لـ«تليجراف الخليج» أن الاستخدام الخاطئ في العموم له أضراره حتى لأشد التقنيات نبلاً، معتبراً أن تقنيات الذكاء الاصطناعي بالحوسبة الكمية تستخدم في مجالات الاختراقات السيبرانية في بعض الدول مثلما حدث من اختراق لشبكات الكهرباء في إسبانيا وبعض أجزاء من فرنسا والبرتغال، مشيراً إلى أن ذلك له العديد من المخاطر، فالذكاء الاصطناعي في العموم هو نموذج تعلم، وتعليمه مثل هذه الأشياء يطلعه على أسرار وتفاصيل وتقنيات يتعلمها وتصبح في خزين معلوماته ويطور عليها مما يعد في غاية الخطورة مستقبلاً، وهو الأمر الذي يجب أن تنتبه له حكومات العالم، من أجل سن تشريعات دولية تحظر مثل هذه الاستخدمات ذات الخطورة الشديدة على الكوكب، مؤكداً أنه يجب تسخير تقنيات الذكاء الاصطناعي بالحوسبة الكمية لخدمة الإنسانية والاكتشافات العلمية والطبية.

في حال تم استخدام الذكاء الاصطناعي الكمي في تحليل البيانات الشخصية، فإن إمكانية اختراق الخصوصية ستصل إلى مستويات غير مسبوقة، ويمكن للأنظمة الكمية تحليل ملايين البيانات المتشابكة بسرعة، مما قد يعرّض الأفراد لمراقبة دقيقة وتحليل سلوكهم بطرق غير مرئية.

دمج الذكاء الاصطناعي بالحوسبة الكمية يمثل أحد أكثر الاحتمالات إثارة في القرن الحادي والعشرين، لكنه أيضًا يضع البشرية أمام مسؤولية كبرى.. كيف يتم التطوير دون أن ندمر أنفسنا؟

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق