في زوايا الكواليس، حيث تُنسج التفاصيل الدقيقة، وتُولد الشخصيات قبل أن تراها الكاميرا، يعمل فنانو المكياج بصمت، لكن أثرهم صارخ في كل لقطة وكل مشهد. في استطلاع «تليجراف الخليج»، تحدثنا مع عدد من فناني المكياج الذين تركوا بصمتهم في أعمال درامية إماراتية، ليكشفوا لنا عن دورهم الحيوي، والتحديات التي يواجهونها.

يرى الماكيير حسين يزدي أن المكياج ليس مجرد إضافة شكلية، بل هو عنصر جوهري، يُعين الممثل على التقمّص الكامل للشخصية. ويقول: «الميك أب» يُعتبر جزءاً مكملاً لإحساس الممثل بالشخصية.

نحن كفريق مكياج ومصممين، نعيش الشخصية في خيالنا، قبل أن تتجسد أمام الكاميرا. لهذا أعتبر أن الماكيير شريك فعلي للممثل، فنحن نختصر عليه 60 إلى 70% من التحوّل، والباقي يتكفل به الأداء والتمثيل.

ويروي تجربته مع شخصيتي الجراح (حميد العوضي)، ومبخوت (مروان عبد الله) في أحد الأعمال، حيث تطلّب الأمر تجسيد مراحل عمرية تمتد من الثلاثين حتى الثمانين عاماً، عبر تقنيات معقدة من المؤثرات الخاصة والبروستكس.

ويضيف: «الوقت لم يكن في صالحنا، لكن بالتعاون مع الممثلين والمخرج والمنتج، خرجنا بنتائج نفتخر بها. الأهم عندي أن يصدّق الجمهور الشخصية ويؤمن بها».

الماكيير نيما إسكندر، يرسم الشخصية قبل أن تنطق، وذلك بحكم خبرته التي تمتد لأكثر من 16 عاماً في هذا المجال، يؤمن نيما إسكندر أن الماكيير هو أول من يضع ملامح الشخصية، قبل أن يتقمصها الممثل.

ويقول: كثيراً ما أبدأ العمل من أولى مراحل التحضير، من قراءة النص وحتى النقاش مع المخرج والممثل. أحياناً يأتي الممثل بلا تصور واضح لشخصيته، لكن بعد جلسة المكياج الأولى، تتضح له الملامح، ويتقمص الدور بعمق أكبر.

وتؤمن الماكيير بسمة مبارك، الحاصلة على شهادات متقدمة في فنون المكياج من الولايات المتحدة، بأن المكياج المسرحي والسينمائي، ليس تجميلياً، بقدر ما هو أداة تعبير درامي أساسية، وتقول:

هذا الفن وُجد لتجسيد المشاهد الواقعية، خصوصاً الحربية، ما استدعى ابتكار تقنيات متقدمة لإيصال الصورة الحقيقية. الممثل يحمل الأداء الداخلي، لكننا نحن من نمنحه شكله الخارجي، وهذا يؤثر في أدائه وتفاعل الجمهور معه.

وتروي، من واقع خبرتها، كيف يتغير الممثل تماماً بعد تطبيق المكياج، رأيت بعيني كيف يتحول أداء الممثل كلياً، من الصوت إلى الحركة، فقط بعد وضع المكياج المناسب، خصوصاً في الأدوار التي تتطلب تقدماً في السن أو تشوهات.

لكن بسمة لا تُخفي التحديات، وعلى رأسها التعامل مع وجوه خضعت لعمليات تجميل: هذه العمليات تُفقد الجلد مرونته، ما يصعّب تشكيل الملامح بدقة.وتختم: نحن لسنا مجرد فريق خلف الكواليس... نحن من يمنح الشخصية حضورها، وبأناملنا تبدأ الحكاية.