نقدم لكم زوارنا الكرام أهم وآخر المستجدات كما وردت في المقال التالي: «ألفة عميقة» يعيد تعريف الزمن والعلاقات الإنسانية - تليجراف الخليج اليوم الأحد 4 مايو 2025 12:21 صباحاً
تجربة فنية غير تقليدية يحتضنها حالياً «عائشة العبار غاليري» في دبي، حيث يقام معرض «ألفة عميقة في جلسات السمر» الذي انطلق في أبريل الماضي ويستمر حتى 23 مايو الجاري، ويقدم أعمالاً معاصرة لفنانين إماراتيين يستكشفون مفهوم الألفة من زوايا شخصية وإنسانية، وسط عالم تتسارع فيه وتيرة الحياة.
«تليجراف الخليج» استطلعت آراء مجموعة من الفنانين المشاركين، لاستيضاح رؤيتهم حول فكرة الألفة وكيفية ترجمتها فنياً في أعمالهم. حول بدايات المعرض ورسالته، قال القيّم الفني للمعرض سالم السويدي إن الفكرة انطلقت من زياراته لاستوديوهات الفنانين المشاركين، حيث سعى لفهم طرق تعبيرهم الفنية وأسلوبهم الجمالي عن قرب.
وتابع: لاحظت أن لكل فنان لغته الخاصة، لكن الرابط المشترك بينهم كان الاهتمام بالعلاقات الإنسانية. سلطان الرميثي يركّز على علاقته بالأصدقاء والغرباء، وتقوى النقبي بعلاقتها العاطفية والعميقة بجدتها، وأسماء خوري بعلاقتها بذاتها وذكرياتها.
وأشار السويدي إلى أن الأعمال جميعها تحاول استكشاف العلاقات من منظور مرور الزمن، خاصة في ظل الإيقاع المتسارع الذي يهيمن على حياتنا المعاصرة، موضحاً أن الفنانين يستخدمون تقنيات مثل الرسم، التطريز، وصناعة الورق كوسائل لإبطاء الزمن وتوثيق لحظاته. وأضاف: ألاحظ أننا اليوم نعيش في هوس مستمر بأن كل دقيقة من وقتنا يجب أن تكون مثمرة – سواء بالتعلم أو العمل أو كسب المال. نحتاج إلى التذكير بأن الوقت ليس معاملة تجارية، بل تجربة معيشة يجب أن نمر بها ونشعر بكل تفاصيلها.
وفي تحليله لأساليب التعبير الفني، قال: لوحات سلطان الرميثي تتميز بشاعرية تحتفي باللحظات الجميلة مع من نحب، أما أعمال أسماء خوري فتربط الذكريات بأشياء بسيطة من حياتنا اليومية، مثل أكياس الشاي أو الرسومات الصغيرة. في حين تخلّد تقوى النقبي ذكرى جدتها من خلال صناعة ورق خاص من خامات تعود إليها، وهو ما يمنح أعمالها بعداً أرشيفياً إنسانياً حميماً.
وختم قائلاً: الرسالة التي أردنا إيصالها من خلال المعرض هي أن نعيد اكتشاف قيمة الوقت المشترك مع من نحب، ونتحرر من فكرة أنه مجرد وحدة لقياس الإنجاز. من جانبها، أوضحت الفنانة التشكيلية تقوى النقبي أن الألفة بالنسبة لها هي تلك المشاعر العميقة التي تربطنا بأقرب الناس إلينا، خاصة من نقضي معهم أغلب وقتنا.
وقالت: بالنسبة لي، الألفة ارتبطت بجدتي – ملابسها، صوتها، رائحتها، وحتى شغلها بالتلي. هذه العناصر كانت بالنسبة لي مصدر الطمأنينة والحنان.
وفي السياق نفسه، بيّنت النقبي أن التعبير عن الألفة ليس صعباً، لكنها ترى أن توثيق تلك اللحظات هو التحدي، بسبب كثرتها وتداخلها. وأضافت: اخترت توثيق علاقتي بجدتي بصناعة الورق من ملابسها الخاصة. الورق هو الأداة التي تحفظ المعلومة، وتمتص الذكرى، واستخدمته كذلك لتغليف أشياء كانت تحفظها الجدات في جيوبهن.
مفهوم الألفة
أما الفنان التشكيلي سلطان الرميثي، فاستعرض مفهوم الألفة في أعماله من خلال العلاقة بين الصورة والرحلة. وقال: أستمتع بتوثيق اللحظات. معظم لوحاتي مستوحاة من صور فوتوغرافية التقطتها بكاميرا بولارويد 35 ملم، وأنا أحب العيوب التي تظهر في تحميض الصور لأنها تمنحها روحاً صادقة.
وأوضح الرميثي أنه يختار لحظات معيّنة لأنها تثير فيه شعوراً أو ذكرى، مضيفاً: هذه الصور تعيدني إلى لحظات عشتها سابقاً، وأتمنى أن يتمكن المتلقي من الارتباط بها أيضاً.
وأكد أن التجارب الحياتية، سواء كانت إيجابية أو سلبية، تشكّلنا وتؤثر على استجاباتنا. وتابع: أؤمن أن الألفة يمكن أن تُستدعى من الذاكرة كما تُبنى من التجربة. لحظة، صوت، أو حتى رائحة يمكن أن تعيدك فجأة إلى حضن ذكرى دافئة.
وحول استخدام أكياس الشاي كمادة فنية، أوضحت الفنانة التشكيلية أسماء خوري قائلة: اخترت أكياس الشاي لأنها جزء أساسي من تفاصيلنا اليومية، موجودة في كل بيت، وحاضرة في كل جلسة. حولها تدور الأحاديث والضحكات والذكريات، وغالباً ما تبدأ السوالف بكوب شاي. بالنسبة لي، أكياس الشاي ليست مجرد خامة، بل رمز للألفة والمشاركة واللحظات الصغيرة التي تبني الذاكرة الجماعية.
وأضافت: أحب أن يصل العمل للزائر كنافذة للتأمل واسترجاع الذكريات، ليس بطريقة شخصية تماماً، بل من خلال عناصر مشتركة تشبهنا جميعاً. العمل يفتح مساحة للتفكير في تلك التفاصيل التي نعيشها يومياً دون أن ننتبه لعمقها.
في نهاية جولة الزائر داخل «ألفة عميقة»، لا يخرج كما دخل. فكل عمل فني، وكل قصيدة مكتوبة، كان بمثابة مرآة أو نافذة – وربما الاثنتين معاً. وهذا ما يجعل من هذا المعرض تجربة حقيقية تُعاش وتتقاطع مع الذكريات الشخصية، لا مجرد مجموعة لوحات تُشاهد من بعيد.
0 تعليق