وسط مشهد إقليمي يزداد تنافسية وتغيرًا، برزت شركة "صان مصر" كمثال حيّ على قدرة الشركات الوطنية على تجاوز التحديات، والتحول من مقدم خدمات صيانة إلى لاعب رئيسي في مشروعات الطاقة والبنية التحتية داخل مصر وخارجها. 

قدرة الشركات الوطنية على تجاوز التحديات والتحول من مقدم خدمات صيانة

وخلال الجمعية العامة الأخيرة، استعرضت الشركة ملامح تطور مذهل يعكس رؤية طموحة ودعماً وزارياً واضحاً لتوسيع الآفاق المستقبلية.

أكد المهندس كريم بدوي، وزير البترول والثروة المعدنية، أن تطور "صان مصر" في الأسواق الخارجية يمثل نقطة مضيئة ضمن مسار تطوير قطاع البترول ككل، مشيراً إلى أن الشركة باتت رقماً صعباً في معادلة التوسع الإقليمي. 

ولفت الوزير إلى أن التزام الشركة الصارم بمنظومة السلامة المهنية يعكس نموذجًا يحتذى به، وهو أحد الأعمدة التي ترتكز عليها الوزارة في استراتيجيتها الجديدة. 

الشركة باتت رقماً صعباً في معادلة التوسع الإقليمي

كما أشار إلى أهمية تعزيز التواجد المحلي بالتوازي مع العمل في قطاعات حيوية مثل الكهرباء، لما لذلك من أثر مباشر في تأكيد ريادة الشركة على الصعيد الوطني.

من جانبه، كشف المهندس خالد إبراهيم، رئيس شركة "صان مصر"، عن أرقام وإنجازات تؤكد أن الشركة تجاوزت مرحلة العمل الروتيني، وبدأت في ترسيخ حضورها كمقاول صناعي متكامل.

فقد سجلت الشركة 30 مليون ساعة عمل آمنة خلال عام 2024، دون حوادث مؤثرة، وارتفع حجم التعاقدات الجديدة إلى 15.5 مليار جنيه، بزيادة وصلت إلى 41% مقارنة بالعام السابق، وهو ما يبرهن على تصاعد الثقة في قدرات الشركة التنفيذية.

دوليًا، رسّخت "صان مصر" مكانتها ضمن قائمة ENR العالمية لأكبر المقاولين، محتلة المرتبة 20 عالميًا في مجال خطوط الأنابيب، والثالثة محليًا. كما واصلت توسعها في السوق العراقي، ونجحت في دخول السوق القطري لأول مرة، إلى جانب استكمال أعمالها في الأردن وليبيا. وتخطط الشركة لزيادة نسبة الأعمال الخارجية، التي بلغت بالفعل 21% من إجمالي حجم الأعمال.

وفي نطاق الصناعة المحلية، واصلت الشركة تنفيذ مشروعات حيوية أبرزها أعمال الصيانة الشاملة لعدد من شركات البترول الكبرى، إلى جانب تدخلها في صيانة منشآت استراتيجية كمطار القاهرة الدولي. كما امتدت مساهمتها إلى قطاعات غير بترولية مثل الكهرباء والتعدين والأسمدة، ما يعزز من قدرة الشركة على التنوع في مصادر الدخل والتوسع في الخدمات.

ولم يقتصر التطوير على المشروعات فقط، بل امتد ليشمل الجوانب البيئية والتكنولوجية، حيث أنجزت الشركة مشروعات نوعية لتقليل الانبعاثات، أبرزها استغلال غاز الشعلة في توليد الكهرباء، وإنشاء محطات معالجة مياه صناعية، فضلًا عن تنفيذ مشروع محطة توليد كهرباء بقدرة 26 ميجاوات لمصنع "ووتك"، وهو المشروع الذي حاز إشادة شركة Rolls-Royce كأنموذج للاستدامة البيئية في إفريقيا.

كما خطت الشركة خطوات متميزة في دعم التحول الرقمي، وتعزيز البنية التحتية للاتصالات داخل قطاع البترول، وتنفيذ أنظمة التحكم الذكي في المشروعات الحكومية.

وأشار المهندس خالد إبراهيم إلى أن الشركة ملتزمة بتنفيذ استراتيجية وزارة البترول، خاصة فيما يتعلق بالحوكمة، وتطوير الموارد البشرية، وتمكين المرأة. ولفت إلى أن "صان مصر" كانت من أوائل الشركات التي وقعت على مبادئ تمكين المرأة التابعة للأمم المتحدة، ما يعكس توجهًا نحو بناء بيئة عمل شاملة تُسهم في إعداد كوادر قيادية متنوعة.

الجمعية العامة لشركة صان مصر لم تكن مجرد اجتماع سنوي، بل محطة استعراض لمسار جديد تخطّه شركة مصرية نجحت في أن تتجاوز مفهوم الصيانة إلى التميز الصناعي، الإقليمي والدولي، وسط حضور نوعي شمل قيادات قطاع البترول، ومسؤولين من الجهاز المركزي للمحاسبات، وعدد من الشركاء التنفيذيين.