لماذا نكره طوفان الأقصى وما هي مشكلتنا مع المجتمع الغزاوي؟! #عاجل - تليجراف الخليج

0 تعليق ارسل طباعة

نقدم لكم زوارنا الكرام أهم وآخر المستجدات كما وردت في المقال التالي: لماذا نكره طوفان الأقصى وما هي مشكلتنا مع المجتمع الغزاوي؟! #عاجل - تليجراف الخليج اليوم الثلاثاء الموافق 13 مايو 2025 01:27 مساءً

كتب كمال ميرزا - 

هناك قائمة طويلة من الأسباب التي تدفعنا كأنظمة وشعوب لكراهية "طوفان الأقصى"، والشعور بغيظ وحنق وحقد تجاهه، وتجاه أهل غزّة، وأبنائهم مجاهدي المقاومة الذين سطّروا هذه الملحمة المباركة، وجبهات إسنادهم.. حتى وإن ادّعينا بألسنتنا خلاف ذلك!

بالنسبة للأنظمة، فتتدرّج أسباب كرهها لـ "طوفان الأقصى"، وحقدها عليه، صعوداً من الأدنى فالأعلى.

أدنى هذه الأسباب أنّ القائمين على هذه الأنظمة، والذين هم برغم ألقابهم الرنّانة و/أو أنسابهم العريقة بشرٌ من لحم ودم تحرّكهم أحطّ الغرائز والرغبات الإنسانيّة، وشهوة التملّك، وحبّ التحكّم والسيطرة (ولولا أنّهم كذلك لما أصبحوا في مواقعهم).. قد كان لعابهم يسيل و"ريالتهم تشطّ"، هم وأبناؤهم وعائلاتهم وحاشياتهم والنخب الفاسدة التي تحيط بهم، على المكاسب والمغانم والسمسرات والعمولات والتعاقدات من الباطن التي كانوا سيجنونها جرّاء انخراطهم في "صفقة القرن"، و"السلام الاقتصاديّ"، وإعادة إعمار ما دمّره "الربيع العربيّ"، وبيع ثروات ومقدّرات أوطانهم ودولهم وشعوبهم وأجيالهم بشكل تامّ ونهائيّ للأجنبيّ والغريب والصناديق السياديّة والشركات العابرة للقارّات..

ثمّ أتى "طوفان الأقصى" وأفسد عليهم ذلك، أو على الأقل عرقله وعطّله حتى إشعار آخر، مثلما أنّ صمود سورية (على فساد نظامها الحاكم) قد عطّل تطلّعات هؤلاء ومخطّطات أسيادهم على مدار الـ (15) سنة الماضية (ومن هنا لوثة حكّام سورية الجدد من أجل تعويض الوقت الذي فات وحرق المراحل فيما يتعلّق بالتقسيم، والتطبيع، وبيع ثروات ومقدّرات سورية، والانخراط الكامل في المشروع الصهيو - أمريكيّ الإقليميّ)!

وأعلى هذه الأسباب، أنّ "الطوفان" قد فَضَح زيف منظومة هذه الدول المستقّلة الشرعيّة ذات السيادة؛ فَضَحَ زيفها كـ "دول"، وفَضَحَ زيفها كـ "مستقلّة"، وفَضَحَ زيف "شرعيّتها" التي تُمنح من الخارج، وزيف "سيادتها" المزعومة التي تقتصر فقط على قمع الشعوب، ولجمها، وبثّ الفُرقة والانقسام والتشرذم بين أبنائها، والتنكيل بشرفائها، و"تطفيش" مواهبها وكفاءاتها!

وكما أنّ "الكيان الصهيونيّ" هو صنيعة المشروع الرأسماليّ الإمبرياليّ الغربيّ، فإنّ منظومة الدول هذه هي أيضاً صنيعة الاستعمار وتَرِكَته، وبينها وبين الكيان "وحدة حال": وظيفتها من وظيفته، وبقاؤها من بقائه، واستمرارها من استمراره!

أمّا بالنسبة لنا كشعوب، فنحن نكره "الطوفان" لأنّه قد نغّص علينا حياتنا أيضاً ككائنات ماديّة جسمانيّة تحرّكها أحطّ الغرائز والرغبات الإنسانيّة، وهمّها الوحيد في الحياة أن تأكل وتشرب وتتكاثر، وتنام وتصحو، وتعيش في اللحظة، وتكسب و"تتمكسب" ولو على حساب الآخرين.. كلّ فرد من موقعه وبمقدار ما تطال يداه!

كما أنّنا نكره "الطوفان" لأنّه امتحن إيمان الجميع: إيمان المتديّنين الطقوسيّين بربّهم وشرعهم، وإيمان القوميّ بقوميّته، وإيمان اليساريّ بيساريّته، وإيمان الوطنيّ بوطنيّته، وإيمان الليبراليّ بليبراليّته، وإيمان العسكريّ بعسكريّته، وإيمان متقمّمي "منظمات المجتمع المدنيّ" ومتكسّبي "حقوق الإنسان".. الخ. وفَضَحَ زيف هذا الإيمان الذي لا يتجاوز عند الأكثرية الطاغية حدود الخطاب والإنشاء والمزاودة والمناكفة، وكيف أنّنا من الداخل، ومن حيث "النموذج الكامن"، جوهر واحد قوامه الخوف، والجُبن، وعبادة السلطة وصاحب السلطة، واستمراء الذلّ والمسكنة، وعدم استعدادنا لدفع أدنى الأثمان في سبيل المعتقدات والقيم والأفكار والإيديولوجيّات التي ندّعي الإيمان بها!

ولهذا كلّه فلا بدّ لغزّة أن تموت وتنتهي؛ ليس فقط غزّة المقاومة وفصائل المقاومة، وليس غزّة الجغرافيا والطبوغرافيا، بل المجتمع الغزّاويّ برمّته، أو "الحالة الغزّاويّة" إذا جاز التعبير، بكون هذه الحالة تمثّل "النقيض الوجوديّ" لقذارة وإنحطاط الوضع الثقافيّ والحضاريّ الإنسانيّ العالميّ القائم، والذي اقتديت إليه البشرية بسيف النظام الرأسماليّ العالميّ الشيطانيّ، وكذب وزيف وزور ما تُسمّى "الحداثة الغربيّة" التي هي في جوهرها مشروع للعنصريّة والهيمنة والعنف!

مشكلتنا جميعاً مع "المجتمع الغزّاوي" أنّه مُفحِم ومُلزِم، وأنّه شاهد عمليّ ومتحقّق وماثل بأنّ "الشرف" ممكن، و"البطولة" ممكنة، والصمود والتضحية والإخلاص والإباء والفداء.. الخ. وأنّ هذه "المنظومة الأخلاقيّة" قابلة للتطبيق، وليست مجرد قيم مثالية نظريّة نتباكى عليها كنوع من النفاق والكذب على النفس لنبرّر لأنفسنا تنصّلنا منها، ومن عبء المسؤولية التي تلقيها على كاهلنا.. ولكي نستمر حكّاماً ومحكومين في نمط عيشنا الذي نعشقه ونعبده ككائنات بشريّة تحرّكها أحطّ الغرائز والرغبات الإنسانيّة!

نشكركم على القراءة، ونتطلع لمشاركتكم في مقالاتنا القادمة للحصول على أحدث الأخبار والمستجدات.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق