أدباء ونقاد: الأدب قوة في تشكيل الوعي الجمعي - تليجراف الخليج

0 تعليق ارسل طباعة

نقدم لكم زوارنا الكرام أهم وآخر المستجدات كما وردت في المقال التالي: أدباء ونقاد: الأدب قوة في تشكيل الوعي الجمعي - تليجراف الخليج اليوم الخميس 15 مايو 2025 01:24 صباحاً

في صناعة الثقافة اليوم تشرئب فكرة مفادها أن الأدب يمكن أن يخلق أيديولوجيا اجتماعية كمذهب فكري جديد، يشكل المجتمع ويرسم الماضي والحاضر بطريقة ملهمة، ورغم تلك الأطر المعرفية الواسعة النابعة من الفلسفة والقابلة للتحول إلى فلسفة جديدة، تبقى صناعة الكاتب المثقف مرتكزة على عدة أسس وتحديات، وعليه استقصت «تليجراف الخليج» آراء لفيف من الكتاب والنقاد، الذين أكدوا أن القول الفصل يكمن في صناعة ثقافية تحكمها أدوات للتمكين وتفعيل الحراك النقدي، وهذا التأسيس يخلق مفهوماً نخبوياً لصوت الكاتب المثقف، القادر على إحداث تغيير ممنهج ونمطي في المجتمع، والمتمسك بالقيم والأعراف على حد سواء، مشيرين إلى أن الإبداع الأدبي قوة فاعلة في واقع المجتمعات.

وأكد الروائي علي أبو الريش، أن فلسفة التغيير تبدأ من بناء «ثيمة» أخلاقية قد تخالف المألوف بحنان وقد تناقضه بشراسة، ولكن ما يهمنا في هذا المقام أن الأدب هو أصل المعرفة، والمعرفة وليدة ثقافة، والثقافة تأتي من صلب الفلسفة، والفلسفة أم المعارف، ولذلك نقول أن الثقافة الجَمعية تولد من رحم الأدب، والذي يخرج من وجدان كائن بشري يطلق عليه الأدب، وكثير من المجتمعات غيرت من كياناتها السياسة والثقافية والاقتصادية بفعل عمل أدبي جامح أثّر في وجدان الناس وغيّر من مفاهيمهم، ولذلك نجد ما يطلق عليه «العصاب الثقافي» يأتي في الأساس من فيض أدبي قوي ومؤثر، الأمر الذي يجعل من الكلمة ما يسمى أدبياً بـ «الغيث» الذي قد يحيل الأرض الجدباء إلى واحة معشبة.

وأضاف: المهم في الأمر كيف تسير الرياح الفكرية في هذا الأدب، وكيف يكون حال المفكرين والأدباء، وقد شهدنا مدارس وتيارات على مدى القرون والحضارات وقد برزت، من أهمها الوجودية والسريالية والواقعية والاشتراكية، كل هذه أفكار جاءت بإبداعات طبعت وجوه المجتمعات وغيرت من بنياتها الثقافية، واليوم تمر المجتمعات بنفس الظروف والأحوال، ولكن كل شيء له أسبابه ومعطياته ومجريات ظروفه، المهم في الأمر أن للإبداع الأدبي قوته الفاعلة وأحياناً المزلزلة في واقع المجتمعات.

وأشارت الدكتورة والناقدة مريم الهاشمي أنه حين نوجه مجهر البحث نحو الأديب والكاتب ودوره في تشكيل وعي المجتمعات، فإننا بذلك نعطي التاريخ الأدبي أحقية في تهذيب النفس، التي يمكن أنها قد تاهت في الحياة المادية وحداثتها، وأن أكثر المفاهيم التاريخية المتعلقة بالهوية والقيم هو مفهوم الأدب والفكر بأنواعه كونه الأكثر ارتباطاً بتطور الإنسان وصناعاته ومكتشفاته وتحولاته في مجتمعه.

وأوضحت الهاشمي أن الصنعة الأدبية تدل على الحقبة التاريخية المنتمية لها، وتعكس الحياة الفكرية والاجتماعية والاقتصادية والدينية، فكان المجتمع من أبسط حرفي وحائك وخزّاف نجده في تنافس حثيث في الأعمال الكتابية الفنية، وهو ما يدل على الاهتمام بالآداب وأنواعها ودروب مكتظة بالجغرافيين والمؤرخين والفقهاء الباحثين عن العلم والمعرفة، وهو ما شكّل الحضارة، وإن تشكيل أي حضارة مرتبط بالمُرسل ودرجة وعي نتاجه ومن جهة مقابلة بالمستقبل ودرجة استقباله للوعي وقدرته على التحوّل والمرونة والارتقاء بفكره.

وقالت الكاتبة والروائية لولوة المنصوري: «بعيداً عن مصطلح الأيديولوجيا لأنه يحيلنا إلى بؤرة فكرية ضيقة وحمولات تحيزية لا تتسق مع الانفتاح والاستشراف لكل ما هو طارئ ومستجد ومؤثر، فالثقافة منارة للاتساع والاحتواء والانفتاح على كل المدارات، وهي لا تؤطَّر بمذهب ولا توسم بالتوجيه والإرشاد وقيادة البشر نحو وجهات أحادية، وهذا بالضبط ما أريده من صفحاتنا الثقافية ومنابرنا الفكرية، أن يكون خطابنا أو سؤالنا الصحفي حياً حُراً خلاقاً لأفكار جديدة، سؤالاً غير مكرس ومتخثر؛ لأننا في النتيجة نحتاج إلى حوارات متجددة بعيدة عن القطع والإلغاء والتشاؤم».

وأضافت: «أتمنى من صحفنا الثقافية الخروج من الزوايا الخطابية المكررة عبر سنوات طويلة، وأن تُحدث قفزة في الوعي يترافق مع إحداث نهضة فلسفية أدبية شمولية، والانتباه إلى أن هناك وعي ذائقي جديد بدأ يتناول الكلمة والسؤال بصورة إدراكية قابلة للنقاش وإعادة الإنتاج والتفكيك والبحث عن ما وراء اللغة والمقاصد وبرؤى استبصارية عميقة، فليس من المعقول أن نُحَجِّم أسئلتنا الموجهة نحو القارئ بمقاسات فكرية ما عادت تتسق مع الإدراك العام المعاصر».

تصنيف أمثل

ومن عمق التحديات يرسم الكاتب والروائي عبيد بوملحة صورة مختلفة لصورة الكاتب وما يجابهه من تحديات، قائلاً: «أتمنى أن يكون للأدب دور في خلق الأيديولوجيات الاجتماعية والتأثير على المجتمع، وذلك بعد طغيان وسائل التواصل الاجتماعي وتهميشها للثقافة والفنون والأدب، وأرى أن هناك خطوات مناهضة بدأت تنشط في الجانب المقابل - في وسائل التواصل الاجتماعي - من جهود في مجال نشر الثقافة والمعرفة ولكنها تبقى جهوداً فردية متفرقة تسعى إلى إحداث فرق وإعادة الناس إلى الكتاب، وأرى أيضاً أن هناك الكثير من المبادرات في مجال دعم الثقافة والفنون والأدب والقراءة، تهدف إلى إعادة إحياء الاهتمام بالثقافة عند الجماهير.

واقترح بوملحة أن تتكامل جهود المؤسسات وتعمل على تحقيق أهداف موحدة لتعظيم الفائدة والنتائج، حيث أن الاقتصاد والإبداع والثقافة أصبحوا جزءاً من اقتصاد الدول.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق