نقدم لكم زوارنا الكرام أهم وآخر المستجدات كما وردت في المقال التالي: بائع الزهور.. كم ثروة "أفقر رئيس في العالم"؟ وما سبب وفاته؟ - تليجراف الخليج اليوم الخميس 15 مايو 2025 03:12 مساءً
توفي الرئيس الأسبق للأوروغواي، خوسيه "بيبي" موخيكا، عن عمر ناهز 90 عاما، الذي اشتهر عالمياً بلقب "أفقر رئيس في العالم"، رحل بعد معاناة مع مرض السرطان، إذ كان قد أعلن في أبريل 2024 إصابته بسرطان المريء، والذي انتشر لاحقا إلى الكبد، وفي بداية العام الحالي، قرر وقف العلاج الطبي مفضلا قضاء أيامه الأخيرة بسلام في مزرعته المتواضعة بضواحي مونتيفيديو.
ونعاه الرئيس الحالي للأوروغواي ياماندو أورسي، عبر منصة "إكس" معبراً عن حزنه العميق، قائلاً: "برحيلك نفقد رفيقا، رئيسا، مناضلا، ومرشدا. سنشتاق إليك كثيرا، أيها العجوز العزيز. شكًا لكل ما قدمته ولحبك العميق لشعبك".
من الكفاح المسلح إلى قيادة البلاد
وُلد خوسيه ألبرتو موخيكا كوردانو في 20 مايو 1935 في مونتيفيديو لعائلة محدودة الدخل، وعاش طفولة طبعها الفقر والكفاح، خاصة بعد وفاة والده حين كان في التاسعة من عمره، في ستينات القرن الماضي، انضم إلى حركة "توباماروس" اليسارية المسلحة، التي شنت حملة من العمليات ضد الحكومات الديمقراطية آنذاك، متأثرا بحماس الثورة الكوبية، وفقا لموقع merca20.
تعرض موخيكا خلال نشاطه المسلح للاعتقال مرارا، كما أصيب بطلقات نارية، وشارك في هروب جريء من السجن عبر نفق، لكنه اعتقل مجددا عام 1972، وظل في السجن 13 عاما، معظمها خلال فترة الحكم العسكرية (1973–1985)، حيث عانى من ظروف قاسية، من بينها العزل الانفرادي الطويل وسوء المعاملة.
عودة إلى السياسة عبر الديمقراطية
مع استعادة الديمقراطية عام 1985، حصل موخيكا على عفو عام، وانخرط مجددا في الحياة السياسية عبر "الجبهة العريضة"، التحالف اليساري الأوروغوياني، حيث انتُخب نائبا ثم وزيرا للثروة الحيوانية والزراعة والصيد البحري، وفي عام 2010، وبعد فوزه بأكثر من 52% من الأصوات، أصبح الرئيس الأربعين للأوروغواي.
خلال رئاسته (2010–2015)، أطلق إصلاحات اجتماعية جذرية، ورغم خلفيته الثورية، اتخذ موخيكا موقفا اقتصاديا براغماتيا، مرحبا بالاستثمار الأجنبي ومتجنبا السياسات الشعبوية.
رئيس في مزرعة
خلافا لسائر الزعماء، رفض موخيكا الإقامة في القصر الرئاسي وواصل العيش في مزرعته البسيطة برفقة زوجته لوسيا توبولانسكي، حيث زرع الخضراوات والزهور. كان يقود سيارة فولكسفاغن موديل 1987، ويرتدي كنزات صوفية وصنادل، ويتناول طعامه في مطاعم شعبية، تبرع بنحو 90% من راتبه الرئاسي لصالح الفقراء، وصرّح ذات مرة: "لست فقيرا، بل متقشف. الفقير هو من يحتاج للكثير".
إرث استثنائي
رغم الانتقادات التي طالت حكومته بسبب ارتفاع معدلات الجريمة واتساع العجز المالي، غادر موخيكا المنصب بمعدل تأييد بلغ 60%، وظل بعد ذلك عضوا فاعلا في مجلس الشيوخ وصوتا مؤثرا في السياسة الوطنية، كما بقي مع زوجته نشيطين سياسيا واجتماعيا، وظلا يزرعان الخضروات حتى بعد توقفهما عن بيع الزهور.
قال موخيكا في أحد آخر حواراته: "الحياة جميلة، لكنها تستنزفك وتسقطك. المهم أن تنهض في كل مرة وتسير مجددا، وإذا شعرت بالغضب، حوّله إلى أمل".
صافي ثروة موخيكا
لم تكن ثروة خوسيه موخيكا الصافية مرتفعةً بشكلٍ ملحوظ، إذ تبرع بجزءٍ كبيرٍ من راتبه الرئاسي للأعمال الخيرية، وعاش حياةً متواضعةً بشكلٍ دائم. وهذا ما أكسبه لقب "أفقر رئيسٍ في العالم".
خلال فترة رئاسته من مارس 2010 إلى مارس 2015، تقاضى موخيكا راتبا شهريا قدره 12 ألفاً و500 دولار، ولكنه يحتفظ لنفسه بنسبة 10 في المئة فقط من راتبه، ويتبرع بالباقي إلى الجمعيات الخيرية في بلاده، وعند مغادرته منصبه في مارس 2015، أعلن عن صافي ثروته البالغة 8,077,063 بيزو، أي ما يعادل حوالي 300,000 دولار أمريكي، لكن ثروته الحالية غير معلنة للعامة.
تكريم عالمي
أثار خبر وفاة موخيكا سيلا من ردود الفعل الدولية، وصفه الرئيس الكولومبي غوستافو بيترو بأنه "ثوري عظيم"، بينما قالت وزارة الخارجية البرازيلية إنه "من أعظم البشر في عصرنا"، أما الرئيسة المكسيكية كلاوديا شينباوم فاعتبرته "قدوة لأمريكا اللاتينية والعالم"، في حين أكد الرئيس البرازيلي لولا دا سيلفا أنه "دافع عن الديمقراطية والعدالة الاجتماعية بشجاعة نادرة".
وأعلنت الأوروغواي الحداد الوطني لمدة ثلاثة أيام، تكريما لرجل اختزل في شخصيته الصدق والبساطة والحكمة السياسية، وترك إرثا أخلاقيا وإنسانيا سيظل حيا في الذاكرة الجماعية للمنطقة والعالم.
0 تعليق