من صالات «الكروس فيت».. قوة ناعمة وعزيمة حديدية تصنع جيلاً رياضياً جديداً - تليجراف الخليج

0 تعليق ارسل طباعة

نقدم لكم زوارنا الكرام أهم وآخر المستجدات كما وردت في المقال التالي: من صالات «الكروس فيت».. قوة ناعمة وعزيمة حديدية تصنع جيلاً رياضياً جديداً - تليجراف الخليج اليوم الجمعة 16 مايو 2025 11:31 مساءً

في زوايا الصالات الرياضية التي اعتادت أن تركز سابقاً على تمارين اللياقة الخفيفة فقط، بدأت أصوات الحديد تعلو، وظهرت ملامح جديدة للقوة النسائية، لم تعد رياضات القوة حكراً على الرجال، بل تحولت إلى ساحة متجددة تُعيد فيها المرأة رسم حدودها، وتتحدى بها الصور النمطية.

«الكروس فيت»، برياضاته الشاملة التي تمزج بين التحدي البدني والانضباط الذهني، أصبح أكثر من مجرد نشاط رياضي؛ بل مساحة تمكين حقيقية تنمو فيها الطموحات وتُصقل فيها الشخصيات، وفي هذا التحقيق، تنقل «تليجراف الخليج» أصواتاً من قلب الميدان .. مدربات ولاعبات خضن تجربة «الكروس فيت» بشغف وإصرار، وحولنها إلى نمط حياة.

في عام 2019، خاضت فاطمة عبدالرحمن المنصوري، مدربة «الكروس فيت» المعتمدة في نادي FitnGlam بأبوظبي، أولى تجاربها الجادة مع رياضة «الكروس فيت»، تجربة لم تكن مجرد بداية جديدة، بل نقطة تحوّل كبرى، لم يكن المشهد مألوفاً .. أوزان ثقيلة، تمارين عالية الشدة، وتحديات يومية تتطلب جرأة بدنية وذهنية، لكن الفضول كان أقوى من التردد، وسرعان ما تحوّل الحضور الفضولي إلى التزام، فشغف، ثم مسيرة مهنية متكاملة.

اكتشفت فاطمة من خلال «الكروس فيت» امرأة أقوى، أكثر طموحاً، حيث قالت: «أفخر بنفسي كإماراتية تثبت وجودها في مجال غير تقليدي».

التحول من متدرّبة إلى مدرّبة لم يكن سهلاً، خصوصاً في بيئة ما زالت رياضات القوة فيها ترتبط بالرجال، لكن فاطمة اختارت الطريق الصعب، وواجهت الصور النمطية بثبات، ولم تكن مهمتها محصورة في تعليم الحركات أو ضبط الأوزان، بل في أن تكون قدوة، وأن تثبت لنفسها أولاً أنها تستحق هذا المكان، وأضافت: «واجهت الكثير من الشكوك، حتى من داخلي أحياناً، لكنني تعلمت أن القوة لا تقتصر على الجسد فقط، بل تشمل المواجهة والإيمان بالرسالة .. واليوم، أشعر أنني لا أدرّب فقط، بل أفتح الطريق لنساء أخريات ليثقن بأنفسهن».

وعن رؤيتها لمستقبل «الكروس فيت» النسائي في الدولة، أكدت فاطمة أن الإماراتيات بدأن بكسر الحواجز بثقة، وصِرن اليوم يشاركن، يتنافسن، ويُدرّبن بجرأة، معتبرة أن «الكروس فيت» بات منصة حقيقية للتمكين، لا تكتفي ببناء العضلات، بل تصقل الشخصية وتعزز الإصرار، مضيفة: «نحن نشهد بداية فصل جديد في تاريخ المرأة الرياضية الإماراتية، فصل تُكتب فيه قصص القوة والإصرار بكل فخر».

ووجهت فاطمة رسالة لكل فتاة تبحث عن مكانها في هذا المجال، قائلة: «إلى كل فتاة تراقب من بعيد وتتساءل إن كان لها مكان في هذا المجال .. مكانك موجود؛ ليس فقط كمشاركة، بل كمدرّبة تلهم الجيل القادم».

بحث عن تحدٍ جديد

وأثبتت المدربة الإماراتية شهد بودبس، بطلة العرب في «الكروس فيت»، حضورها بقوة في ساحة اللياقة البدنية، حيث صرحت قائلة: «بدأت رحلتي عندما كنت أبحث عن تحدٍ جديد، وأصبحت رياضة الكروس فيت مع الوقت جزءاً لا يتجزأ من حياتي، قررت أن أصبح مدربة لأنني أؤمن بقوة المجتمع والدعم المتبادل في تحقيق الأهداف».

الطموح وحده لا يصنع المجد، لكن بالجهد والتفاني تُصنع اللحظات التي تُخلد في الذاكرة، واحدة من هذه اللحظات كانت حين كرّم سمو الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم، ولي عهد دبي نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع رئيس المجلس التنفيذي لإمارة دبي، شهد، بعد فوزها مع فريق F3 بالميدالية الذهبية في الألعاب الحكومية عامي 2019 و2023، وقالت شهد عن هذا التكريم: «شعرت بالفخر والامتنان، كانت لحظة تقدير حقيقية لما بذلته من جهد، وفرصة رائعة للالتقاء بأشخاص ملهمين ومشاركة الإنجاز مع زملائي».

ولم يكن هذا الإنجاز الوحيد في مسيرتها، فقد حصدت لقب بطلة الإمارات والعرب لخمس سنوات متتالية، وحققت إنجازاً عربياً غير مسبوق حين أصبحت أول عربية تتأهل إلى بطولة العالم «كروس فيت جيمز» لعام 2023 في فئة النخبة الفردي، وهو ما تعتبره أحد أهم محطات مشوارها الرياضي.

وترى شهد أن حضور المرأة الإماراتية في رياضات القوة لم يعد استثناءً، بل أصبح حقيقة متنامية تعكس تغيّر النظرة المجتمعية وتشجيع الفتيات على خوض تجارب جديدة، قائلة: «نرى اليوم ازدياداً في عدد النساء اللواتي يشاركن في الكروس فيت، وهذا يعكس التغيير الإيجابي في ثقافتنا، نساء يتحدين الصور النمطية ويحققن إنجازات تُلهم الجيل الجديد».

ووجهت شهد رسالتها للفتيات الطامحات إلى خوض التجربة نفسها، قائلة: «آمنّ بأنفسكن، لا تخفن من التحديات، فكل واحدة منكن قادرة على تخطي الحدود وتحقيق أهدافها في الرياضة وفي الحياة».

مصدر إلهام

وعندما دخلت ريم العوضي الصالة الرياضية لأول مرة في عام 2023، لم تكن تتوقع أن تتحول رياضة «الكروس فيت» إلى نقطة تحول في حياتها، البداية لم تكن مجرد تجربة رياضية عابرة، بل بوابة إلى عالم جديد اكتشفت فيه ذاتها، بفضل مدربتها فاطمة المنصوري التي آمنت بها منذ اللحظة الأولى وألهمتها للاستمرار، وقالت ريم: «كنت أبحث عن رياضة تمنحني شعوراً بالقوة وتساعدني على تفريغ طاقتي، وجدت في «الكروس فيت» كل ما أحتاجه وأكثر .. البداية كانت صعبة لكنها ممتعة، وكل تمرين جديد زاد من تعلقي بالرياضة وثقتي بنفسي».

ورغم أنها لا تزال في بداية مشوارها، إلا أن ريم لامست التحديات التي قد تواجه الفتيات الإماراتيات عند دخول هذا النوع من الرياضات، خصوصاً ما يتعلق بنظرة المجتمع، لكنها وجدت الدعم الحقيقي في محيطها، سواء من مدربتها أو عائلتها، وبالأخص جدتها، التي شكّلت مصدر إلهام دائم لها، قائلة: «جدتي رحمها الله كانت تراني أقوى مما كنت أرى نفسي، ما زلت أواصل طريقي لأجعلها فخورة، وكل إنجاز أحققه اليوم هو امتداد لذلك الإيمان الذي غرسَته في داخلي».

وترى ريم أن الإقبال المتزايد على رياضة «الكروس فيت» بين الفتيات الإماراتيات دليل واضح على التحول الثقافي في المجتمع، واتساع دائرة الوعي الرياضي بين النساء، مؤكدة: «الفتيات أصبحن أكثر وعياً بأهمية القوة البدنية والصحة النفسية، «الكروس فيت» يوفر هذا التوازن المثالي، وهناك زيادة ملحوظة في عدد المشارِكات والمستوى الفني كذلك».

واختتمت حديثها برسالة للفتيات اللواتي يفكرن في خوض هذه التجربة، قائلة: «ابدأن الآن، لا تنتظرن الوقت المثالي، «الكروس فيت» علاقة صحية مع نفسك وجسدك .. وأنا اليوم أطمح لأن أكون مدربة، لأردّ الجميل وأشجع غيري كما تم دعمي».

نماذج ملهمة

ولم يقتصر الأمر على المدربات الإماراتيات فقط، إذ وجدت رياضة «الكروس فيت» صدى واسعاً بين السيدات في مختلف دول الخليج، لتصبح منصة إقليمية تفتح المجال للتمكين والتغيير، ومن بين النماذج الملهمة، برزت سحر سليمان، المدربة السعودية المقيمة في الإمارات، التي خاضت رحلتها الخاصة في هذا المجال، وصنعت تجربتها المهنية بثقة وعزيمة، قبل عشر سنوات، لم تكن تتخيل أن خطواتها الأولى في صالة «الكروس فيت» ستقودها إلى أن تكون واحدة من الأسماء المعروفة في ساحة الرياضات البدنية النسائية، ليس فقط كمدربة، بل أيضاً كحكم في بطولات دولية ومحلية.

وقالت سحر في تصريح خاص لـ«تليجراف الخليج»: «بدأت برغبة بسيطة في تحسين لياقتي، لكن سرعان ما تحوّل الأمر إلى شغف .. أسرني التوازن بين القوة، التحدي، والانضباط، وهذا ما دفعني للتعمق في هذه الرياضة والتطور حتى أصبحت مدربة وحكماً».

لم تكن رحلتها في المجال خالية من العقبات، خصوصاً كونها امرأة في مجال لطالما ارتبط بالرجال، لكنها اختارت أن تثبت نفسها بالإصرار والتطوير، فصنعت لنفسها مساحة خاصة، واستطاعت أن تترك بصمتها في البطولات، من بينها مشاركتها كحكم في فعاليات إكسبو 2020، ومشاركات عديدة في بطولات داخل الإمارات، حققت خلالها مراكز أولى، وقالت في هذا الشأن: «إثبات الذات لم يكن سهلاً، لكن كل تجربة كانت تبني في داخلي الثقة، وكل نجاح كان يفتح أمامي باباً جديداً».

ومن موقعها في الإمارات، لاحظت سحر تطوراً لافتاً في وعي الفتيات برياضات القوة في المنطقة، خصوصاً في الإمارات والسعودية، وترى أن الحضور النسائي في «الكروس فيت» لم يعد رمزاً استثنائياً، بل أصبح واقعاً متنامياً يلهم ويقود، قائلة: «نشهد اليوم حضوراً فاعلاً للفتيات في البطولات، وهذا التحول يعزز من بناء بيئة رياضية صحية وشاملة.. الرياضة حق للجميع، ولكل امرأة الفرصة أن تبدأ، في أي وقت، ما دامت تملك الشغف والعزيمة».

واختتمت سحر حديثها برسالة للفتيات الراغبات في دخول هذا المجال، قائلة: «ابدئي، ولو بخطوة بسيطة .. «الكروس فيت» أسلوب حياة يمنحك القوة والثقة، وفرصة لاكتشاف قدراتك الحقيقية».

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق