العلاقات الأمريكية الصينية.. بين الصدام والاحتواء - تليجراف الخليج

0 تعليق ارسل طباعة

نقدم لكم زوارنا الكرام أهم وآخر المستجدات كما وردت في المقال التالي: العلاقات الأمريكية الصينية.. بين الصدام والاحتواء - تليجراف الخليج اليوم الثلاثاء 20 مايو 2025 04:37 صباحاً

وسط تزايد التعقيدات الجيوسياسية والتجارية التي تطبع علاقة واشنطن وبكين، تبرز مؤشرات متباينة حول طبيعة المرحلة المقبلة بين القوتين الأعظم.

ففي الوقت الذي تلوح فيه بوادر تهدئة اقتصادية، لا تزال الملفات الخلافية الكبرى مفتوحة على مصراعيها، ما يثير تساؤلات أساسية حول ما إذا كانت العلاقات بين الولايات المتحدة والصين تقف على أعتاب منعطف حاسم، أم أن ما يجري لا يعدو كونه محطة مؤقتة في مسار تنافسي طويل الأمد؟

في السنوات الأخيرة، اتخذ الخطاب الرسمي من الجانبين طابعاً أكثر صدامية، عكسه تصاعد الحديث عن «فك الارتباط» و«الاستقلال الاستراتيجي» في القطاعات الحيوية، وفي مقدمتها التكنولوجيا والطاقة والتمويل. وذلك انعكاساً لقلق متزايد من تراجع الهيمنة الأمريكية أمام صعود صيني مطّرد يسعى لتثبيت موقعه كلاعب رئيس في إعادة صياغة النظام العالمي.

لكن تطورات الأيام الأخيرة تكشف عن نافذة مرنة، وإن كانت ضيقة ومؤقتة، لمحاولة إعادة ضبط العلاقة ضمن معادلة توازن جديدة، لا تقف عند حدود التبادل التجاري، بل تتعداها إلى رسم خطوط حمراء واضحة في ملفات الأمن والتأثير الإقليمي.

وهي معادلة لا تزال قيد التشكّل، لكنها قد تحدد ملامح المشهد الدولي في العقد المقبل، ما لم تنزلق الأمور مجدداً إلى منطق التصعيد المفتوح.

بحسب الكاتبة الصحافية الصينية، ياي شين هوا، فإن الاتفاق الذي تم بين البلدين في جنيف خلال عطلة نهاية الأسبوع الماضي «يعكس واقعاً واضحاً، وهو رغم استمرار التنافس.

فإن فك الارتباط الكامل بين أكبر اقتصادين في العالم ليس مطروحاً حالياً.. فالمعركة الحقيقية تدور حول من سيعيد تشكيل قواعد الاقتصاد العالمي في المرحلة المقبلة».

إجراءات متبادلة

وكانت العلاقات الأمريكية الصينية قد شهدت خلال الفترات الأخيرة تصاعداً في خطاب «فك الارتباط» الذي بات يمثل توجهاً استراتيجياً لدى صناع القرار في واشنطن، وخاصة في ظل تصاعد المخاوف من تنامي النفوذ التكنولوجي والاقتصادي لبكين.

وقد ترجم هذا الخطاب نفسه في سلسلة من الإجراءات المتبادلة، ولا سيما الاقتصادية والتجارية، ما عمّق الهوة بين أكبر اقتصادين في العالم، ورسّخ التحول من الشراكة التبادلية إلى منافسة استراتيجية مفتوحة.

وتشير شين في تصريحات لـ«تليجراف الخليج» إلى أن البلدين يختبران قدرتهما على الانتقال من إدارة الأزمة إلى بناء قواعد مشتركة للعلاقات بينهما، وذلك بعد الاتفاق على التهدئة (التجارية) المؤقتة الأخيرة، وذلك بهدف منح الطرفين مساحة تفاوض إضافية دون إظهار تراجع سياسي.

وقد بعثت نتائج المفاوضات الأخيرة رسائل «حسن نيّة» بين الطرفين، والتي يمكن الانطلاق منها لتفاهمات أوسع نطاقاً على المستوى السياسي، ولا سيما في ظل السياسة غير التقليدية التي يتبعها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.

لكنّ نقاط الخلاف والمنافسة لا تزال حاضرة بقوة، وخصوصاً في ملفات حساسة مثل تايوان، وحقوق الملكية الفكرية، والنفوذ العسكري في بحر الصين الجنوبي، وهي قضايا تُعدّ جوهرية في الصراع الجيوسياسي بين واشنطن وبكين.

ورغم ذلك، يرى مراقبون أن مناخ التهدئة الاقتصادي قد يفتح الباب أمام قنوات دبلوماسية أكثر فاعلية، تتيح مناقشة القضايا الخلافية من موقع أقل توتراً. إذ يميل الطرفان إلى إدارة الصراع لا تفجيره، في ظل التحديات الداخلية والخارجية التي تواجه كلا النظامين.

خطوة إيجابية

وفي هذا السياق، يشير الكاتب والباحث، الدكتور نادر رونج هوان، إلى أن نتائج المحادثات الأخيرة بين واشنطن وبكين «تمثل خطوة إيجابية مهمة» نحو إعادة تفعيل التحركات التجارية والتبادلات الاقتصادية بين أكبر اقتصادين في العالم، كما تمهد الطريق لوضع أسس راسخة لتسوية الخلافات التجارية عبر التشاور الودي والمتكافئ.

ومن شأن هذا المسار أن يرسل طاقة إيجابية للأسواق العالمية، ويعزز مناخ الثقة، وخاصة في قطاعات الزراعة، والتكنولوجيا، والسيارات الكهربائية، وأشباه الموصلات وغيرها من المجالات الحيوية.

ويُعتقد بأن أي تحول فعلي سيبقى رهناً بإرادة سياسية تتجاوز لغة المصالح الضيّقة وتُدرك حجم التهديدات التي قد تنجم عن استمرار الحرب الباردة الجديدة بصيغتها الاقتصادية والتكنولوجية.

وفيما يُعوّل بعض الساسة والمحللين على أن يكون الاتفاق التجاري بمثابة حجر الزاوية نحو هدنة استراتيجية، تُخفّف من وطأة الاستقطاب الدولي، وتتيح إعادة تعريف أولويات التعاون والتنافس بين القوتين الأكبر في العالم، يشكك آخرون في إمكانية أن يسهم هذا الاتفاق في حلحلة الأزمات الكبرى بين البلدين.

ويشير خبير العلاقات الدولية، الدكتور جاد رعد، في هذا السياق إلى أنه في ضوء الإعلان الأخير عن تفاهم بين الصين والولايات المتحدة، لا بد من التذكير بأن هذا النوع من الإعلانات لا يعني بالضرورة تطبيق تفاهم فعلي أو التوصل إلى هدنة حقيقية، ولا سيما عندما يكون الرئيس الأمريكي دونالد ترامب طرفاً في المعادلة.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق