الأعاصير في الولايات المتحدة عند الحد الأقصى من «المعتاد»         - تليجراف الخليج

0 تعليق ارسل طباعة

شهدت أكثر من 30 ولاية أميركية ما يقرب من 900 إعصار، منذ بداية العام الجاري، ما أسفر عن مقتل العشرات، وتدمير المباني وتضرر الطبيعة في أجزاء كبيرة من شرق الولايات المتحدة، وخسائر فادحة بالمليارات.

ويصادف أن هذا المزيج الغريب والمتقلب من المكونات الجوية اللازمة لتكوين الأعاصير قد تكرر مراراً، منذ منتصف مارس الماضي، ولم ينتهِ الموسم بعد.

وقالت المتخصصة في الأعاصير بجامعة ولاية أوهايو، جانا هاوزر: «لكي يحدث إعصار يجب أن تكون هناك عاصفة رعدية قادرة على توليد إعصار، وغالباً ما تسمى هذه العواصف الرعدية بـ(الخلايا العملاقة)، التي تتميز بنمط دوران يسمى (الإعصار المتوسط)».

وأوضحت أن تكوين «الخلايا العملاقة» يتطلب مجموعة من الظروف التي تجعل الغلاف الجوي غير مستقر، حيث تبدأ هذه الظروف بهواء دافئ ورطب على السطح وهواء بارد وجاف فوقه، وينشأ عدم الاستقرار من زيادة طفو الهواء الدافئ، ما يجعله يرتفع إلى الأعلى.

وأضافت: «يحتاج هذا المزيج إلى عامل محدد آخر، وهو الرياح، إذ تغيّر الرياح سرعتها واتجاهها مع الارتفاع في الغلاف الجوي».

وتابعت هاوزر: «يمكن أن ينشئ هذا ما يشبه أنبوباً من الهواء الدوار أفقياً، وبعد ذلك يحتاج الإعصار الناشئ إلى تيار هوائي صاعد، أو هواء يتحرك إلى الأعلى، ما يضيق الهواء الدوار ويسرعه، فيحوله من دوران كإطار دراجة إلى دوران على شكل قمم».

وأكدت أن جميع هذه الظروف ضرورية، لكنها غير كافية دائماً، كما لم تفهم الآليات الدقيقة لتكوين الإعصار بشكل كامل بعد، لكن في الأساس يجب أن يلتقي دوران الهواء على الأرض بتيار هوائي صاعد قوي في الأعلى، وهذا يجذب الدوران إلى الداخل، كما يفعل المتزلج الفني وهو يشد ذراعيه.

ظروف مناسبة

تحدث الأعاصير حينما تتوافر الظروف المناسبة، من الأرجنتين إلى إيطاليا إلى بنغلاديش. لكن الولايات المتحدة هي الرائدة بلا منازع في متوسط العدد السنوي لهذه العواصف.

وتعزز جغرافية أميركا الشمالية بشكل طبيعي تصادماً حاسماً للكتل الهوائية (تيارات هوائية تتجه شمالاً من خليج المكسيك، بينما تندفع الرياح الباردة والجافة شرقاً فوق جبال روكي).

وتلتقي الكتل الهوائية فوق وسط البلاد، ومن هنا جاءت تسمية المنطقة التي تتمركز حول شمال شرق تكساس وأوكلاهوما باسم «ممر الأعاصير».

وقال مدير العمليات في مركز التنبؤ بالعواصف التابع للهيئة الوطنية للأرصاد الجوية الأميركية، ريتش تومسون: «إذا كنت ستصمم مكاناً من شأنه أن يتعرض لعواصف شديدة متكررة، فستبني شيئاً مثل وسط الولايات المتحدة».

وأضاف: «على مدار العقد الماضي، أو نحو ذلك، تغيّر مركز الأعاصير هذا قليلاً، وظهر ممر جديد للأعاصير على بعد نحو 400 أو 500 ميل شرقاً، ويعود ذلك جزئياً إلى وصول هواء خليج المكسيك الرطب شرقاً أكثر من ذي قبل».

تسخين الهواء

ووفقاً للمتخصصة في الأعاصير بجامعة ولاية أوهايو، جانا هاوزر: «يميل الربيع إلى أن يكون الذروة لأنه فصل انتقالي، فبعد انتهاء الشتاء، لايزال هناك هواء بارد وفير عند خطوط العرض الشمالية وفي الأعلى، وفي الوقت نفسه، تشرق الشمس لفترة أطول، ما يؤدي إلى تسخين الهواء السطحي وتعزيز عدم الاستقرار».

وقالت: «يُعد الخريف أيضاً فصلاً انتقالياً، لكن الهواء في الأعلى يظل دافئاً بشكل عام لبعض الوقت بعد الصيف، ولا يميل نشاط الأعاصير إلى الانتعاش مرة أخرى إلا في وقت لاحق من الخريف، عندما يبرد الغلاف الجوي مرة أخرى».

وأشارت هاوزر إلى أن ذروة حدوث الأعاصير المحلية تميل إلى التحرك شمالاً مع نهاية الربيع ودخول الصيف، حيث تحدث العديد منها في ساحل الخليج في وقت مبكر من الربيع، أما في السهول الجنوبية فيكون ذلك في مايو ويونيو، بينما تضرب السهول الشمالية والغرب الأوسط العلوي في يونيو ويوليو.

وبحلول منتصف مايو الجاري قدر عدد الأعاصير في الولايات المتحدة بنحو 886 إعصاراً، وفي ذلك قال ريتش تومسون: «نحن الآن عند الحد الأقصى لما هو معتاد، وحتى هذا الشهر، كانت أكثر الفترات نشاطاً هذا العام في منتصف مارس وأوائل أبريل»، مشيراً إلى أن «هاتين الفترتين هما اللتان دفعتا بالفعل إلى ما هو معتاد».

جهود حثيثة

يشار إلى أن خبراء الأرصاد الجوية في الهيئة الوطنية للأرصاد الجوية الأميركية، يبذلون جهوداً حثيثة لمواكبة عبء العمل الإضافي خلال موجة العواصف الشديدة المستمرة في وسط الولايات المتحدة، حيث يعمل بعضهم بنظام الفترتين لإصدار التحذيرات ورصد الأضرار الناجمة عن الأعاصير المميتة.

وقال خمسة مديرين سابقين للهيئة في رسالة كتبوها في وقت سابق من مايو، إنهم يخشون احتمال وقوع خسائر في الأرواح بسبب نقص الموظفين.

ويعد مكتب جاكسون في ولاية كنتاكي من بين المكاتب التي تعاني نقصاً في خبراء الأرصاد الجوية، وقد أدرج أخيراً العمل الإضافي ضمن إحدى الاقتراحات التي عرضتها هيئة الأرصاد الجوية على موظفيها للمساعدة في سد النقص.

وذكرت الهيئة في رسالة عبر البريد الإلكتروني، أن مكاتب هيئة الأرصاد الجوية في كنتاكي قدمت «معلومات التنبؤات الجوية والتحذيرات في الوقت المناسب ودعم اتخاذ القرارات في الأيام والساعات التي سبقت الطقس القاسي في 16 مايو»، بما في ذلك من خلال المنشورات الرسمية ووسائل التواصل الاجتماعي وإذاعة الطقس التابعة للإدارة الوطنية. عن «إن بي آر»


أنظمة دورية

تعد انحناءات «التيار النفاث»، وهو نطاق ضيق من الرياح القوية في الغلاف الجوي، جزءاً مما يحدد مدى نشاط موسم الأعاصير.

وقالت المتخصصة في الأعاصير بجامعة ولاية أوهايو، جانا هاوزر، إن «(التيار النفاث) يحدد حقاً أنواع الطقس التي نواجهها على السطح، فهو يؤثر في مسارات العواصف، ويشكل الحدود بين الكتل الهوائية الدافئة والباردة».

وفي حالة هذا الربيع، أوضحت هاوزر: «لدينا فقط أنظمة دورية عالية الطاقة تتحرك عبرها الأعاصير، وقد أثبتت فاعليتها الكبيرة في إحداث طقس قاسٍ عند حدوثها».

من جهته، اعتبر مدير العمليات في مركز التنبؤ بالعواصف التابع للهيئة الوطنية للأرصاد الجوية الأميركية، ريتش تومسون، أن «الأمر يتعلق فقط بتوافر العوامل المساعدة واستغلال العواصف لها».


تتبع العواصف

إعصار كنتاكي الأخير خلّف أضراراً جسيمة. رويترز

قالت المديرة المساعدة لمركز المناخ الإقليمي للغرب الأوسط بجامعة بيردو، ميليسا ويدهالم، إن تحذير الناس من موجات الأعاصير الكبيرة يتطلب جهداً كبيراً، لأنه يتطلب عدداً كبيراً من خبراء الأرصاد الجوية ذوي المهارات العالية القادرين على استخدام بيانات الرادار لتتبع العواصف أثناء تحركها عبر ولايات ومناطق بأكملها.

وأضافت: «نشر تحذيرات لإعصار واحد أمر معقد بالفعل، كما أن نشر تحذيرات لأعاصير متعددة في آن واحد على مساحة واسعة، يمثل تحدياً أكبر لأنه يتطلب التنسيق بين خبراء الأرصاد الجوية في مواقع متعددة وبيانات من أجهزة رادار متعددة».

وأشارت ويدهالم إلى أن الزيادة في حالات انتشار الأعاصير الكبيرة باتت ملحوظة بشكل خاص مع توجه إدارة الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، لخفض ميزانية هيئة الأرصاد الجوية الوطنية بشكل كبير، حيث تعاني مكاتب هيئة الأرصاد الجوية العديد من الوظائف التي لم تشغل بسبب تجميد التوظيف الفيدرالي.

وخلال الإعصار المميت الأخير في ولاية كنتاكي، الذي خلّف أضراراً جسيمة، اضطر مكتب هيئة الأرصاد الجوية المحلي في مدينة جاكسون بالولاية، إلى استعارة خبراء تنبؤات جوية من مكاتب أخرى في المنطقة، نظراً إلى نقص الموظفين.


عدد مستقر

شهد الغرب الأوسط الأميركي، حتى الآن، عدداً من الأعاصير يفوق المتوسط. وبحلول هذا الوقت من شهر مايو، عادةً ما يبلّغ عن أكثر من 600 إعصار في الولايات المتحدة.

أما هذا العام، فقد تجاوز عدد الأعاصير ذلك بكثير.

لكن هذا لا يشير إلى اتجاه طويل الأمد، حيث تقول المديرة المساعدة لمركز المناخ الإقليمي للغرب الأوسط بجامعة بيردو، ميليسا ويدهالم: «لا يوجد في الواقع زيادة أو نقصان في العدد الإجمالي للأعاصير التي نراها».

وتضيف: «لقد كان هذا العدد مستقراً إلى حد كبير، ويعود تاريخه إلى خمسينات القرن الماضي تقريباً».

ومع ذلك، تتغير أنماط الأعاصير في الولايات المتحدة بطرق أخرى. وأصبحت موجات الأعاصير الكبيرة، كتلك التي ضربت ولايتَي كنتاكي وميسوري خلال عطلة نهاية الأسبوع الماضية، حيث اجتاحت عواصف كثيرة مساحة واسعة في فترة زمنية قصيرة، أكثر شيوعاً.

وتوضح ويدهالم: «في الماضي لم نشهد أياماً تشهد موجات عواصف كبيرة كما نشهدها الآن، وكان من غير المعتاد رؤية العشرات منها في يوم واحد، أما الآن فنشهد ذلك عاماً بعد عام».

. 30 ولاية أميركية شهدت نحو 900 إعصار منذ بداية العام الجاري.

نقدم لكم زوارنا الكرام أهم وآخر المستجدات كما وردت في المقال التالي: الأعاصير في الولايات المتحدة عند الحد الأقصى من «المعتاد»         - تليجراف الخليج اليوم الخميس 22 مايو 2025 03:19 صباحاً

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق