لم تكن الوحدة اليمنية مجرد خطوة سياسية، بل مثّلت حلمًا تاريخيًا لشعب واحد، طالما تجزأ بفعل الاستعمار الخارجي، والانقسام السياسي.

لقد أسهمت الوحدة في ترسيخ مفهوم الدولة الواحدة في أذهاننا شمالًا وجنوبًا، خاصة في ظل ما يمتلكه اليمن الموحّد من موقع استراتيجي مهم يُطل على مضيق باب المندب والبحر الأحمر والبحر العربي، وهذا يمنحنا أهمية كبيرة وثقلًا جيوسياسيًا في حركة التجارة العالمية وإن لم تُستغل، كما أنه خلق تكاملًا بين ثروات الجنوب وإمكانات الشمال، رغم الإخفاقات والأخطاء التي رافقت سنوات الوحدة من قبل السلطة.

إن استقرار اليمن ووحدته هو الركيزة الأساسية لاستقرار الجزيرة العربية، وتجزيئها يعني وجود أطراف متقاتلة في الجنوب وحالة من عدم الاستقرار، مع وجود قوة واحدة شمالًا لها طموحات غير مشروعة ومدعومة من قبل دول إقليمية أخرى، وهذا بطبيعة الحال يشكل تهديدًا حقيقيًا لكل دول الجوار، وتهديدًا للتجارة العالمية والأمن والسلم الدوليين.

يجب ألا تكون الوحدة مجرد ماضٍ نتباكى عليه، أو تاريخ نلعنه، بل أن تكون مستقبلًا يجب أن نبني عليه ونصحح أخطاء الماضي، بمشروع وطني جامع بوعي جديد وعزيمة لا تلين، لأن البديل ليس العودة إلى الشطرين السابقين، بل إلى تقسيم المقسّم وتجزئة المجزأ، والفوضى والضياع.